إستطلاع عون: وهل حقوق المسيحيين غير حقوق اللبنانيين؟

ميشال عون
بدأ التحضير التقني واللوجستي لإجراء الاستطلاع الذي طرحه العماد ميشال عون من أجل سؤال عيّنة من 4600 مسيحي: "من هو مرشحك لرئاسة الجمهورية؟". لكن هل يعلم عون أن رئيس الجمهورية يمثل كل اللبنانيين دون استثناء؟

«رئيس الجمهورية في الدولة اللبنانية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن. يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه وفقًا لأحكام الدستور». هي المادة 49 من الدستور اللبناني، التي يبدو أنّ النائب ميشال عون نسي فحواها. فالدستور اللبناني لم يذكر أنّ رئيس الجمهورية رئيس للمسيحيين فقط، بل هو «رمز وحدة الوطن» يتكلم باسم الشعب، ويمثّل كافة فئات الشعب بخطاباته وجولاته خارج لبنان، هو صورة عن لبنان وشعبه لا عن فئة واحدة من اللبنانيين.

لكن النائب ميشال عون، ومنذ عام ونيف، يستمر بتعطيل انتخاب رئيس للجمهورية بحجة الحفاظ على حقوق المسيحيين، أمّا الحقيقة فهي حرب أطلقها عون «عليه وعلى أعدائه» فقط من أجل تحقيق حلم قديم جديد وهو الوصول إلى قصر بعبدا، القصر الذي يخاف عون الثمانيني أن يفارق الحياة قبل الجلوس على كرسي الحلم.

هي حرب أطلقها عون «عليه وعلى أعدائه» فقط من أجل تحقيق حلم قديم جديد وهو الوصول إلى قصر بعبدا، القصر الذي يخاف عون الثمانيني أن يفارق الحياة قبل الجلوس على كرسي الحلم

وآخر إبداعات عون وتياره، هو استطلاع رأي يسأل فيه 4600 من المسيحيين فقط: «من هو مرشحك لرئاسة الجمهورية؟». وكأنّ المسيحي فقط هو مواطن لبناني، أو أنّ رئيس الجمهورية يمثل فئة دون غيرها من اللبنانيين.

إحباط عون، بعدم قدرته على إقناع خصومه بالقبول به رئيسا للجمهورية، أوصله الى مرحلة لم يعد يميز فيها الصواب من الخطأ. فأي منطق يقبل أن يقرر المواطن المسيحي رئيساً يمثل كافة فئات الشعب اللبناني؟ ألا يكفي عون تعطيله المجلس النيابي وفراغ بعبدا، والآن الحكومة وتهديده بالشارع مؤخراً. لا بل وصل الأمر به الى استطلاع ينتقص من رمزية موقع رئيس الجمهورية، ضارباً بعرض الحائط خصوصية الشارع اللبناني، والدستور والأعراف التي تنص أن رئيس الجمهورية هو رمز لوحدة البلاد يتم انتخابه من قبل ممثلي كافة أطياف الشعب اللبناني دون استثناء.

يعتلي منبره اسبوعيا ليتحدث بطائفيته المعهودة لتجييش شارع يوهمه بأن حقوقه تكون محفوظة بمجرد وصوله لسدة الرئاسة

مطلب عون الذي يغذي الطائفية في لبنان يأتي في زمن تنهار بلدان مجاورة بسبب الحقن الطائفي والمذهبي، في زمن نشهد فيه قتل وحروب ودمار وظلم. جوارنا مشتعل والعالم العربي يواجه الإرهاب من مصر إلى تونس مرورا بالكويت واليمن والعراق. فبدل أن يبذل عون جهده للحفاظ على الإستقرار النسبي الذي يتمتع به لبنان خلافا لجواره، بدل أن يخاطب بالعقل والمنطق، وأن يتوجه الى الشعب اللبناني لتوحيده لا لتفريقه… ها هو يعتلي منبره اسبوعيا ليتحدث بطائفيته المعهودة لتجييش شارع يوهمه بأن حقوقه تكون محفوظة بمجرد وصوله لسدة الرئاسة.

وإذا تحدثنا بمنطق عون، فهو تعدّى على حقوق الطائفة السنية عندما اعتلى منبره في الرابية ليقول عن رئيس أكبر كتلة نيابية وزعيم الطائفة السنية سعد الحريري «قطعنا له تذكرة ذهاب دون رجعة one way ticket ذهب ولن يعود»، فكيف له أن يجهر بأنّه يحافظ على حقوق طائفة وهو يتعدّى على حقوق طائفة أخرى.

همهم العيش بكرامة وسلام كباقي اللبنانيين من كل الطوائف

وهل وصول عون إلى كرسي بعبدا سبؤمّن الكهرباء والماء، يخفف الجرائم المتزايدة، يحلّ أزمة النازحين السوريين والبطالة والهجرة، ويعيد العسكريين المخطوفين الى أحضان ذويهم؟ هل وصول عون الى سدة الرئاسة سيساعد على ترسيم حدود لبنان، وعودة المفقودين الى ربوع الوطن، وحلّ قضية السلاح غير الشرعي المنتشر بين اللبنانيين… هذه هي مشاكل المسيحيين الحقيقية هذا هو همهم العيش بكرامة وسلام كباقي اللبنانيين من كل الطوائف.

فالمسيحيون كباقي اللبنانيين لن يسألوا عن اسم الرئيس او طائفته اذا حقق لهم كل ما سبق ذكره. هذه هي حقوق المسيحيين واللبنانيين التي يجب على العماد عون المحاربة لتحقيقها، ولكن يبدو أنّ حلم الرئاسة أفقده كل منطق.

السابق
الافراج عن الطفل ريكاردو جعارة
التالي
حرب إعلامية عونية حريرية: ماذا يقول نوابهم؟