حزب الله سيهزم في القلمون

الدول الداعمة للفصائل السورية المنتفضة، تترك للاخيرة احيانا هامش الحركة مفتوحا، انها ببساطة لا تهتم، ولا تكترث بمصير المعارك التي ترخي فيها اللجام عن فم وعنق الفصائل السورية، واحيانا اخرى تتفرج دون تعليق على احداث ومشكلات بين فصائل المعارضة، قد تصل الى سحب السلاح داخل قاعات الاجتماعات، على ما يروي احد المسؤولين عن اجتماع لبعض القوى المقاتلة في جنوب سوريا.
الدول الداعمة تتحرك وفق ايقاعها الخاص، بات السوريون اليوم يعلمون ان الحظر الجوي، والصواريخ المضادة للطائرات، والسلاح النوعي ممنوعة عليهم، كما ممنوع عليهم الاقتراب من قرى الساحل، ومن غير المستحب الاقتراب من السويداء، او من العاصمة دمشق، ولو تم تدمير دوما وحي جوبر الدمشقي الذي لا يزال يعجز النظام السوري وحلفائه عن اقتحامه على رغم قلة امكانيات المقاتلين وعظيم امكانيات المهاجمين.

يوم القدس

يقترب يوم العاشر من شهر تموز الحالي، والذي سيكون على الارجح يوم الجمعة الاخير في شهر رمضان، وهو يوم القدس العالمي الذي اطلقه الامام الخميني والذي يلتزم حزب الله الاحتفال به كل عام، وفي هذا الاحتفال ستكون مناسبة لظهور الامين العام لحزب الله، الذي توقف عن الحديث مع بداية شهر الصيام بعد ان ابتكر عدة مناسبات للاطلالة الاعلامية ورفع معنويات جمهوره وتحفيزه وتحفيز عناصره للقتال في سوريا.
كان الامين العام للحزب يستخدم اطلالته بصفتها “السلاح الامضى” في تعزيز الروح المعنوية، وفي تعبئة الجمهور، وتقديم الخطاب السياسي او بالاحرى الشعار الذي سيقاتل تحته، وفي الاطلالات الاخيرة بدا ان الرجل فقد الكثير من لمعان شخصيته الكارزمية، لا وبل ورط نفسه وحزبه بمزيد من المعارك معلنا اهدافها مسبقا.
لا شك بان جمهور حزب الله فقد الامكانية على المناقشة او التلفت الى الخلف حتى، لقد وضعوا مع اغلب شيعة لبنان وكل من حالفهم في منتصف البئر، العودة تبدو ضرب من الجنون، والمتابعة تشهد خسائر غير مبررة.
لقد اعلن الامين العام لحزب الله معركة القلمون، التي ستطهر المناطق المحيطة بلبنان من “خطر التكفيريين” وراح يقاتل ابناء القصير ويبرود وفصائل الجيش الحر وجبهة النصرة، وفجأة وبعد ان فشل في احراز تقدم كان يتخيله ويعد به، اتجه الى التحريض على عرسال، وترويع اهلها، ثم اطلق مقولته الشهيرة بان اهل البقاع “لن يقبلوا بوجود تكفيري واحد في جرودهم”، محركا العشائر ومسلحا كل من هب ودب، ثم خاض معركة في جرود عرسال انتهت بترسيم محاور، دون ان يحقق الحزب الهدف الذي اعلنه الامين العام.
في هذا الوقت خسر الحزب وخلال شهرين ما بين 85 مقاتل بالحد الادنى (بحسب احصاءات صحافية) و150 مقاتلا، قبل بداية معركة الزبداني.

لماذا الزبداني؟

سيلقي الامين العام لحزب الله اذا خطابا امام جمهوره لمناسبة تبدو المبرر المعلن لوجود الحزب، يوم القدس، ولكن امامه سيكون على الاقل 85 جثة من جثث مقاتليه سقطوا منذ اعلن عن انه سينتصر في القلمون، بينما مقاتلوه اليوم يسرقون الكرز من بساتين الجرود، ويلتهمون الغنم المنهوب من السوريين في المناطق.
كان لا بد من فتح جبهة جديدة يمكن ان تكون اسهل، فالزبداني منطقة محاصرة، وهي جزء من طريق بيروت – دمشق، ويمكن ان تتغاضى عنها الدول الغربية والعربية بسهولة، وكونها منطقة مبنية سيكون من السهل محاصرة المقاتلين فيها، واخضاعها واقتحامها ربما، ويمكن احرقها اولا ثم الهجوم عليها واقتحامها.
يمكن ان يتخيل عقل الحزب العسكري ان يبرود والقصير يمكن تكرارهما في الزبداني.
اضف الى ان الزبداني معركة واجبة ومؤجلة لدى النظام السوري بحال اضطر الامر الى تقسيم سوريا.
وللزبداني رمزية عالية لدى الثوار، فكل مقاتليها من ابناء البلدة، ليس فيها غرباء، ولا دخلها تنظيم الدولة الاسلامية، وهي من اولى المناطق المنتفضة، دخلها النظام في العام 2011 في اطار تفاوضي مع ابنائها، ثم خرج منها، ولم يتمكن بعدها من الدخول. وشكلت رمزا للتهريب وامداد الثورا في القلمون بمستلزماتهم.
اذا حان وقت الزبداني، التي كانت ما قبل الثورة مرتعا للحزب، وقربها مواقع تدريب واستجمام لعناصر جزب الله في سوريا.
ثم ان الزبداني تركت بمفردها، بعد ان تعثرت الجبهة الجنوبية مرتين، الاولى في معركة مطار الثعلة، والثانية في الهجوم المرتبك على ما يمسكه النظام من مواقع في درعا البلد، من درعا المحطة والمنشية. وبعد ان فشل تقدم التلول الحمر على اطراف الحدود اللبنانية من تجاوز العديد من العقبات، وانتهت نوايا اسقاط الحضر او ما يحيط بقرية حضر (التي تبعد 55 كيلومتر خط مباشر عن الزبداني).

تكتيك وفشل

سينتهج حزب الله تكتيكاته المعتادة، فمع تحوله الى العمل كقوة احتلال وكجيش نظامي، وتعبئة الاف من المقاتلين المندفعين لاسباب مختلفة مالية ومذهبية وغيرها، بات يفتقر الى الابداع في التكتيكات، وبات بالامكان توقع خطواته، تماما كالجيش السوري.
فعلى سبيل المثال اكتشف ابناء الزبداني استعدادات الحزب، وبادروا بمهاجمة مواقع النظام والحزب بانفسهم ليل الخميس في الثاني من تموز الحالي، بينما اضطر الحزب لاستكمال تجهيز عتاده وعديده قبل ان يرد بهجوم فقد عنصر المباغتة يوم الجمعة في الثالث من تموز.
ستقوم القوات العسكرية لحزب الله فاذا بعدة اقتحامات اولية للتمكن من دراسة نقاط قوة وضعف دفاعات المقاتلين المحليين، وسيعمد لاحقا الى احراق الارض، وتمهيد هجماته بنيران كثيفة مستعينا بمروحيات وطائرات الجيش السوري، وبمدفعيته وسلاح الصواريخ. بعدها سيتقدم على عدة محاور، وسينفذ اختراقات بالعمق، تاركا منفذ واحد للثوار للانسحاب منه، وواعدا بعدم التعرض لمن يريد الانسحاب. طبعا هذا الوعد قدمه سابقا للمقاتلين في القصير ثم انقض عليهم بالنار قاتلا من المنسحبين اكثر مما قتل خلال القصف والمعارك في مدينة القصير.
الا ان مشكلة واحدة تعترض القوات العسكرية للحزب، هي الشعارات الكبيرة التي وعد بها الامين العام جمهوره، فعسكريا من شبه المستحيل تطهير مساحة 800 كيلومتر مربع اغلبها من التلال والمليئة بالمغاور، كما هي حال منطقة القلمون الغربي في سوريا، وكذلك من الصعب حد الاستحالة تطهير مناطق جرد عرسال التي تمتد على مساحة 400 كيلومتر مربع وطبيعتها صعبة كطبيعة القلمون الغربي، وبافضل الاحوال فان معركة الزبداني ستجلب المزيد من اللاجئين الى البقاع اللبناني من ناحية، وتنشر المزيد من المقاتلين المحليين في الجرود المستعصية من ناحية اخرى.
فان كانت الدول الداعمة والقيادات العسكرية والسياسية لا تعنيها معارك كمعركة الزبداني فان ابناء القلمون الغربي سيقاتلون لانعدام الخيارات البديلة. واستعارة من شعارات حزب الله يمكن القول بسهولة “قتال المستضعفين سيهزم حتما قوات الاحتلال”. فاي خطاب سيلقي الامين العام لحزب الله يوم جمعة القدس؟

السابق
سامي الجميل: الوقت حان للاعتراف بفشل الصيغة الدستورية الحالية
التالي
مصدر سوري: المعارك مستمرة في الزبداني