«حزب الله» مُحرج.. و«المستقبل»يتمسك بالحكومة.. وبري بـ«الحوار الوحيد» عون : الشراكة وإلّا 60 سنة على الرئاسة والدولة!

كتبت صحيفة “السفير” تقول : ما جرى في مجلس الوزراء، أمس، قدم دليلا جديدا على اعتلال الصيغة السياسية، وبرغم ذلك، لا يجرؤ أحد حتى الآن على المجاهرة بوجوب البحث عن صيغة سياسية جديدة.
أكثر من أربعمئة يوم لم تكن كافية لتعديل حرف واحد في قاموس الممسكين بمفتاح الرئاسة. مجلس نواب معطل. حكومة تسترق جلساتها ومهددة بتوازناتها وميثاقيتها، لا بل بانفراط عقدها. سياسة تكاد تغيب كليا عن بلد السياسة. وحده الأمن لا ينام ووحده الأمن يجمع اللبنانيين، ولو اختلفت أحيانا مقارباتهم للمخاطر.
ولكل في لبنان معركته.
رئيس مجلس النواب نبيه بري يخوض معركة فتح أبواب مجلس النواب. يقايض توفير النصاب الميثاقي للسلطة التنفيذية بمحاولة الفوز بمرسوم الدورة الاستثنائية للسلطة التشريعية.
رئيس الحكومة تمام سلام يريد أن يحمي حكومته بأهداب عيونه، برغم تضارب المصالح والحسابات فيها وبرغم الحروب الجارية فيها ومن حولها، لذلك، هو مستعد لأن يقايض التشريع الاستثنائي، ولكن يريد ضمانة الاستمرارية والإنتاجية.. وإلا فإن التعطيل سيجعله عاطلا عن العمل.
العماد ميشال عون يخوض آخر معاركه رئاسة وحكومة ومجلسا وتعيينات ومؤسسة حزبية. أحرج الجميع بترشيحه ويحاول أن يحرج المسيحيين بـ “إعلان النوايا” مقدمة لتكريس تقدمه على باقي أقطاب الموارنة، لكن كيف يمكن أن يصرف رصيد استطلاعات الرأي في الصناديق الانتخابية، في ظل “الفيتو الكبير” عليه مما يسميها “المافيا” المحلية وامتداداتها الخارجية الحامية لها.
“حزب الله” هو أكبر المحرجين. يخوض معركة وجودية على أرض سوريا، ويدفع دما غزيرا في مواجهة الإرهاب التكفيري يفوق الأثمان التي دفعها في مواجهة احتلال إسرائيل واعتداءاتها منذ نشأته حتى يومنا هذا، وفي الوقت نفسه، يريد أن يساير حلفاءه في الداخل. يريد للحكومة أن لا تسقط ويريد للمجلس أن يفتح أبوابه ولا يمانع في التمديد لقائد الجيش ولا تعيين شامل روكز على رأس المؤسسة العسكرية. يريد فوق ذلك كله ضمانة استمرار الاستقرار، ولو تطلب الأمر بعض التنازلات على طاولة حواره مع “المستقبل”.
أما “المستقبليون”، فهم يريدون مقايضات مستحيلة. يعطون قيادة الجيش لـ “الجنرال” شرط انسحابه من سباق الرئاسة. هم يقاتلون دفاعا عن الحكومة وصلاحيات رئيسها، والأهم عن صيغة الطائف، ويرفضون تقديم تنازلات لأن هذا الزمن هو زمن “الحزم”.. و “الأمر لي” لازمة يرددها قادة السعودية، في مرحلة ما بعد حرب اليمن.
لا يمانع “المستقبل” في فتح دورة استثنائية مجلسية، ولا شيء يضير إن استمر الفراغ الرئاسي طويلا، ولا إن تم اعتماد عرف خيار التمديد في كل المواقع الأمنية، ما دامت معادلة الاستقرار قائمة وهو الممسك بالسلطة الى أن يحين أوان المقايضات الكبرى في المنطقة.
وإن دلت وقائع جلسة مجلس الوزراء أمس على شيء، انما على ذلك البيت اللبناني “بمنازل كثيرة”.
الكل خرج من الجلسة منتكسا.. ومنتصرا، بدءا من رئيس الحكومة أول المغادرين، وصولا الى الوزير علي حسن خليل آخر المغادرين بناء على تعليمات الرئيس نبيه بري، مرورا بالوزيرَين العونِيَّين جبران باسيل والياس بو صعب اللذين كانا تلقيا تعليمات تحظر عليهما استقالتهما أو مغادرتهما.. وربما أن يحولا السرايا الى ساحة ملاكمة إن لزم الأمر.
“اما الوفاق واما الانفجار” هذه هي العبارة الأولى التي قالها العماد ميشال عون لـ “السفير” في حوار سياسي أجرته معه بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء. يستشعر الرجل أن الزمن الاقليمي الآتي، خصوصا بعد التفاهم النووي، هو “زمن الجنرال” وان رفض المجاهرة بذلك علنا.
يقول عون إنه منذ عودته الى لبنان قبل عشر سنوات، وهناك من يصر على إقصائه بما يمثل في الوجدان المسيحي، وبالتالي استبعاده وتهميشه ووضع حواجز دون مشاركة المسيحيين في القرار. ويوضح لـ “السفير” أنّه برغم الكتلة النيابية الكبيرة التي فاز بها في انتخابات العامين 2005 و2009 لم ينل حقيبة سيادية، ولم يتمكن من تعيين قاض أو ضابط في قوى الأمن الداخلي لأنه يرفض تدوير الزوايا.
وانطلاقا من شعوره بالاستهداف، يقول عون: “سأخوض مواجهة مع الحكومة، لا يجوز أن تستبعد الأقلية من الأكثرية. أنا أقاتل كي أكرس الإصلاح والحقوق ولهذا يتكتل الجميع ضدي، أعرف أين المال المهدور وكيف هدر. كما انهم يرفضون التوازن ويقومون بالسطو على الحقوق، ربما يريدون منا أن نغطس في هذه اللعبة، ولو غطسنا معهم لكنت “ريّسهم”.
وأشار عون الى أن “القوات اللبنانية” لربما كانت محقة حين طرحت الفيدرالية في زمن الحرب الأهلية لا سيما أنه “صار مستحيلاً أن نقبل ما يحصل معنا، وهذا التحوّل في الموقف فُرض علينا ولم نخلقه”، وسأل: “ماذا يمكن أن أقدّم للمسيحيين في هذا الموقف الذي وُضعت فيه”، وحذر من أن الأفق مقفل “وهم يرفضون أن يستمعوا الى شكوانا وكأنهم يطلبون منا أن نحزم حقائبنا لنرحل”.
واعتبر عون أنه اذا “كانوا مصرين على التمديد (لقائد الجيش) فما الذي يجمعنا بهذه الدولة. انا لن اخون الأمانة التي منحت لي، “ستون سنة على الرئاسة والدولة وقيادة الجيش”.
وجزم عون أنّ وزراء “التكتل” لن يستقيلوا من الحكومة، لا بل سيشاكسون من الداخل وشعبياً، رافضاً الكشف عن خططه الاعتراضية، لأنها “سرّ المهنة”.
واعتبر أنّ وظيفة الاستطلاع الرئاسي تحديد خيارات المسيحيين، “فلربما هناك من ينتظر مخرجاً مشرفاً”، وقال ردا على سؤال لـ “السفير” انه “في حال تبوء سمير جعجع المركز الأول سأقدم له التهنئة وأنزل الى المجلس لانتخابه اذا كانت هذه ارادة المسيحيين”.

 
حوار عين التينة
من جهة ثانية، تميزت الجلسة الـ14 للحوار بين “حزب الله” و “تيار المستقبل” ليل أمس في عين التينة، بترؤسها من قبل الرئيس نبيه بري الذي أقام افطارا رمضانيا على شرف المشاركين وهم: حسين الخليل وحسين الحاج حسن وحسن فضل الله عن “حزب الله”، نادر الحريري ونهاد المشنوق وسمير الجسر عن “المستقبل”، بحضور الوزير علي حسن خليل.
وطغت على الجلسة مجريات الواقعَين الحكومي والمجلسي في ضوء تطورات الأمس، فضلا عن مقاربة ملفات سياسية وأمنية أخرى، في ظل تمسك المتحاورين بوجوب استمرار الحوار وتثبيت معادلة الاستقرار.
امتدت الجلسة من الثامنة مساء وحتى الحادية عشرة والنصف قبيل منتصف الليل وصدر بعدها بيان اشار الى ان الرئيس بري تحدث في بدايتها “عن اهمية هذا الحوار وضرورة استمراره، والذي يشكّل اللقاء الوحيد اليوم في العالم العربي في مواجهة الفتنة المستعرة في اكثر من منطقة”.
وجدد المجتمعون التزامهم باستمرار هذا المسار. واستعرضوا الاحداث الامنية التي حصلت مؤخراً، وأكدوا على اهمية اتخاذ الاجراءات اللازمة من خلال الدولة لتثبيت الامن والاستقرار وحماية السلم الداخلي”.

السابق
طفح الكيل.. وثغرة أولى في جدار التعطيل سلام : استثمرتم في صبري ولن أخضع للمزاجية
التالي
سلام للعونيين«كفاكم بكاء على حقوق المسيحيين» و«اخذتم حقكم وزيادة »عون يرد: تجاوزتم صلاحيات الرئيس ولا تدفعونا للانفجار