لقاح للأجيال كي تنتج عقولا جديدة

العقل
نجحت إثارة الرغبات وزادت الشراهة، ولا ينبغي على المفكرين بالأصل إن وجدوا، أو المحللين إن تجردوا، والمدونين إن بالبلاغة تحلوا، أن يقولوا و يرددوا ما قيل عنهم أو أن ينقلوا ما يقال عنهم أو فيهم إنما عليهم وهم بذلك مدينين لأنفسهم قبل غيرهم، أن يقولوا للمبصرين من المخلوقات، القارئين والسامعين ما يعتقد أنه الحق سواء رضوا عنهم أم سخطوا، ووافقوهم الرأي أم انحرفوا عنه.

فتح باب من أبواب المذاهب الإسلامية الجديدة، والناس كما العادة إما مقبلين أو مدبرين، منهم من يدني منه وآخرون عنه مرتدين.

تبتهج بعض العقول لهلالها وتستهجن غيابها، عهد جديد ألقي للناس فمنهم من يتلقفه بلهفة ويؤمن به على أنه آتاهم بالفرض وأسقط عليهم بالتنزيل، وهنالك جزء منهم به يكفرون وقليلٌ لا يكترثون.

العرب سيبقون أسياد اللغة والكلام والنسب والحسب والتوريث، وإقتفاء الأثر وحفظ المسموع والطاعة

لكن الأديان تلزمهم بفجرها وبضحى أيامها، وبالجبر، هي تنبئهم بمستقبلهم وهي على ما يبدو لن تسمح لهم بغيرها ولا في أحلامهم سواء كان ذلك في نومهم أو يقظتهم.

أما وقد أمسى كذلك فقد إنتفى واجب الحديث من الأصل وبات لا يجدي ذكر المولد، وأضحى لزاماً النظر إلى العقل وقياس الفكر والفقه، والكشف عن مصدر الوحي والهدف من هذا الوجود.

هي ليست إلا ولادة غامضة للأديان مضطربة يتحدثون عنها بالمقاربة والمطابقة والتشبيه بعيداً عن التحقيق، يطغى عليها الظن لا اليقين، تطورها يكمن في تأخرها و في تعلقها بتاريخها حداً تسيّد به ناقلها. أما العاقل فلا يسمح له أن يقلب صفحاتها ويتمعن في قراءاتها ويدخل إلى أعماقها، ويدرك مخارجها ونحوها وقافيتها وبحورها، كي لا يسيطر على صنعها ويكشف أسرارها الموجبة لقيامتها في عصر هو غير عصرها، وفي ذلك كم يخشى المقلدين أنفسهم خسرانها.

الاسلام والدولة

لا بد من إشارات توصل الناس وتدلهم إلى طرق التخلص من الغموض والإبهام والفوضى التي تفرضها تلك الحركات زوراً، وتستند فيها إلى روحانية مطبقة عن يسارها نار وعذاب أليم وعن يمينها جنة ونعيم. فيها الحياة تنتزع بحرب شاقة ذلك أن مغانم ما بعد الموت رائعة، وهذا القول ليس فيه مجاز ولا جناس ولا مقابلة و لا طباق، إنه وعد و قد سطرت كلماته في النص، وبالنسبة لهم هو صراع يفوز به من يتقدم بالقوة وينظم أموره بعد كل إنتصار لينتصر.

دول ومذاهب، جماعات و تيارات، أحزاب وحركات الخوض فيها إغراق وإستطراد وإسراف ولغو وعلك، وبمجرد إبطاء الصورة والرصد ستنكشف بالتفصيل فداحة الوضع وبشاعتها، و يقيناً لن يحصل أي تبديل أو تغيير. فالأصل يبقى في الأخبار وفي أن معجزة أهل الصين الصناعة، وسمة اليونانيين الغوص بالعلل دون العمل، الفرس الإيرانيون أكاسرة وملوك وساسة وأسياد، والأتراك سلاطين والحرب عندهم بإسم الدين، الزنج للطبل والرقص والهند بالحساب وعلم النجوم والطب.

أما العرب فكانوا وسيبقون أسياد اللغة والكلام والنسب والحسب والتوريث، وإقتفاء الأثر وحفظ المسموع والطاعة وإعتبار المحسوس، وعليه فهؤلاء وأولئك من المجاهدين والمقاتلين ومهما أجرموا وفضحوا وقطعوا أو بالعفة تستروا، وبالأخلاق تزينوا فإنهم لن يبدلوا في النص حرفا واحدا، وهم الذين اعتنقوا تاريخ الأنبياء والمبشرين وسلبوا منهم تشريعاتهم العادلة.

السابق
بالفيديو: موقف محرج لمذيعة المستقبل على الهواء
التالي
درباس: التمادي في تعطيل الدولة يضعنا امام ازمة وطنية