الإنجاز الإيراني

دخلت المفاوضات بين ايران ومجموعة 5 + 1 شوطها الاخير بعد تمديدها حتى السابع من الشهر الجاري، وسط تصعيد في المواقف العلنية لواشنطن وطهران، وعلى خلفية مؤشرات تفيد أن الطرفين قد استثمرا الكثير من الجهود والوقت والسمعة السياسية لكي يتراجعا في هذا الوقت المتأخر، خصوصاً ان الكلفة الداخلية للاخفاق سوف تكون باهظة للطرفين، بغض النظر عن الطرف الذي يمكن ان يتسبب بفشل المفاوضات. ادارة الرئيس اوباما تدعي ان انهيار المفاوضات سوف يؤدي الى دفع ايران للاقتراب أكثر من تطوير السلاح النووي، لكن العديد من المراقبين يشككون في ذلك لانه سيدفع بالدول العربية وتركيا الى الدخول في سباق تسلح نووي مع طهران، وهؤلاء يعتقدون ان نفوذ ايران السلبي في المنطقة هو الخطر الابرز على مصالح أميركا ومصالح اصدقائها في هذه المنطقة. المفارقة ان هذا التقويم ينسجم مع تقويم بعض دول مجلس التعاون الخليجي للخطر الايراني.

 

الايرانيون يدعون ان الولايات المتحدة تريد الاتفاق أكثر من ايران، والاميركيون يدعون ان ايران – تحت وطأة العقوبات – تواقة الى اتفاق. الواقع هو ان الطرفين يريدان اتفاقاً يستطيعان تسويقه داخلياً. الهدف الايراني الرئيسي هو الغاء أكبر قدر ممكن من العقوبات التي فرضتها عليها واشنطن والامم المتحدة والحصول على ما بين 100 و150 مليار دولار من اموالها المجمدة. ايران عادت الى المفاوضات لان العقوبات القاسية التي أدت الى خفض عملتها بنسبة 50 في المئة وقطع صادراتها النفطية بالنصف، اضافة الى استثماراتها المالية في الحرب السورية لتعويم نظام الاسد، لم تترك لها أي خيار آخر. اعفاء ايران من العقوبات، سيساعدها على دعم اقتصادها، وفي الوقت نفسه تمويل سياساتها الاقليمية المناوئة لسياسات واشنطن وحلفائها العرب واسرائيل.
اميركيا، الاتفاق سوف يسمح لاوباما، الذي لم يحقق أي انجاز ملموس في الشرق الاوسط خلال ولايتيه، لان يقول لمنتقديه إنه حقق هدفه الرئيسي في المنطقة في الانفتاح على ايران من خلال تجميد برنامجها النووي عشراً، او خمس عشرة سنة، من دون استخدام القوة العسكرية ضد دولة أخرى في المنطقة.
تاريخياً، يمكن القول إنه بغض النظر عما ستؤول اليه المفاوضات، حققت ايران طموحها في اقامة بنية تحتية نووية مع طواقمها البشرية، وحصلت من الدول الكبرى على اعتراف بحقها في تخصيب الاورانيوم، ولو بنسبة ضئيلة، وعادت عملياً الى “المجتمع الدولي” من طريق المفاوضات.
منذ بداية المفاوضات نجحت ايران في عزل الملف النووي عن الملفات الملحة الأخرى وفي طليعتها دورها السلبي في سوريا والعراق ولبنان واليمن. وهذا الدور السلبي لن تغيره نتائج المفاوضات.

(النهار)

السابق
هوشتاين لـ«النهار»: حان وقت مراسيم النفط
التالي
«دولة الساحل» بين الأسد وليبرمان عبر وسيط روسي