سباق المرونة والتصلّب عشيّة مجلس الوزراء برّي: إذا انسحب فريق تستمر الجلسة

نبيه بري

كتبت صحيفة “النهار” تقول : لم يكن غريباً أن يشكّل الاحتفال الرسمي في السرايا أمس باطلاق “الوصفة الطبية الموحدة”، التي يبدأ تنفيذها منتصف تموز، مناسبة مزدوجة لتسليط الضوء على انجاز طبي وصحي من جهة وسحب دلالاته على الأمراض السياسية التي تتفشى في تعاقب الأزمات وتشابكها من جهة أخرى. إذ انه عشية جلسة مفصلية جديدة لمجلس الوزراء غداً قد ترسم الخط البياني للوضع الحكومي المأزوم، لم يتمالك رئيس الوزراء تمام سلام من القول إن اطلاق الوصفة الطبية الموحدة “هو حدث وطني كبير وسط حالة من انشغال البال واليأس نحتاج فيه الى انجازات من هذا النوع”. وكرر ما سبقه اليه وزير العمل سجعان قزي من “اننا قد نكون نحن في حاجة الى وصفة موحدة لمساعدتنا في حل أزمتنا السياسية المستعصية”. أما الجانب الطبي والاجتماعي من هذه المحطة فأبرزه وزير الصحة وائل ابو فاعور الذي عد الوصفة الموحدة “انتصاراً لمنطق الحقوق على حساب المصالح وانتصار الدولة للمواطن والفقير والمريض”.
وأبلغ رئيس لجنة الصحة النيابية النائب الدكتور عاطف مجدلاني، الذي شارك في الاحتفال، “النهار” أنه بعد أسبوعيّن ستتسلم نقابة الاطباء دفاتر وصفات الأطباء التي تجري طباعتها الآن والتي يضم كل منها 50 وصفة على أن يشتري الأطباء الدفاتر باعتبار أن كل وصفة تحمل طابعاً بقيمة 250 ليرة تعود اليهم في نهاية المطاف مع رفع تعويض التقاعد لهم بنسبة 50 في المئة. وسيبدأ العمل بالوصفة الطبية في نهاية تموز الجاري بصورة إلزامية.
الجلسة
وفيما غلفت الأجواء الضبابية الاستعدادات لجلسة مجلس الوزراء غداً، أبرز موقف “تكتل التغيير والاصلاح” منها الاحتمال الاكثر ترجيحاً لانعقاد الجلسة واستمرار الأزمة سواء بسواء. اذ ان التكتل اعتبر عدم ادراج بند التعيينات الامنية في جدول الاعمال “مخالفة قانونية ودستورية وعنصراً خطيراً في عملية تفعيل عمل الحكومة”، لكنه اكد حضور وزرائه وعدم انسحابهم “بل سنناقش ونمارس حقنا الدستوري في طلب وضع التعيينات كبند اول، وبحسب مسار الجلسة واداء الحكومة سنتخذ الموقف المناسب منعاً لتجاوز القانون”. كما ان الاوساط القريبة من التكتل اكدت ان وزراءه وحلفائهم سيحولون دون اي قرار تتخذه الحكومة تحت وطأة اعتبار تجاوز موقف فريق اساسي مساً بأسس دستورية وخرقاً لا يمكن التساهل معه.
لكن المعطيات المتوافرة من السرايا بدت أقل قتامة اذ علمت “النهار” أن الرئيس سلام أبدى أمس ارتياحه أمام الوزراء الذين استفسروا منه عن التطورات المتصلة بجلسة الحكومة غداً وقال إنه واثق من أن الامور تحت السيطرة في شأن المناقشات التي ستشهدها الجلسة. ولفتت مصادر وزارية الى أن سلام حصل على دعم قوي من غالبية مكونات الحكومة من إتجاهات مختلفة. وأوضحت انه لم يدع الى جلسة كي تنعقد فقط وإنما دعا الى جلسة كي تنشّط انتاجية العمل الحكومي في هذه المرحلة. أما في ما يتعلّق بموضوع مرسوم فتح دورة إستثنائية لمجلس النواب، فأفاد سلام أن الامر مطروح للنقاش في الجلسة غداً، متمنياً أن يحظى المرسوم بموافقة الوزراء.
وفي كلمة القاها مساء في افطار مؤسسات الرعاية الاجتماعية – دار الايتام الاسلامية، دعا سلام “الجميع للعودة إلى ضمائرهم والتصرف بمسؤولية، بحيث نتخطى مصالحَنا الفئوية ونضعُ الأمور الخلافية جانباً، وننصرفُ إلى تسيير شؤون الناس والتصدّي للاستحقاقات الداهمة”. وقال: “إنني أراهن على الحس الوطني العالي لدى جميع مكونات الحكومة الائتلافية، حكومة “المصلحة الوطنيّة”، وقدرتِها على توفير أفضل المناخات للعمل المنتج بعيداً من التعطيل والشلل”. وأضاف: “إنّ الملفات الحيوية التي تنتظرنا كثيرة وبالغة الأهمية، تبدأ بالموازنة العامة ولا تنتهي بتصريف الانتاج الزراعي والصناعي المهدّد، مروراً بملفات النفايات والنفط والغاز والكهرباء، فضلاً عن الملف الأمني الذي يحتاج دائماً إلى تنبّه وجهوزية وعناية فائقة، والعبء الهائل للنازحين السوريين المنتشرين على الأراضي اللبنانية.
لقد بات مُلحاً أيضاً إصدارُ مرسومٍ بفتحِ دورةٍ استثنائية لمجلس النواب، لإقرارِ قوانينَ لم تعُد تحتملُ التأخير، منها ما يتعلق بخدمة الدين وإصدار سندات خزينة، ومنها ما يتعلق بمشاريعَ وقروضٍ ومساعداتٍ خارجية بمئات ملايين الدولارات بات لبنان مهدداً بخسارتها… لأن العالمَ يريد مساعدتَه وهو لا يريد أن يساعد نفسه”.
وبدورها قالت مصادر “اللقاء التشاوري” الذي يضم ثمانية وزراء والذي انعقد أمس لـ”النهار” إن الجلسة هي استحقاق روتيني لا يخضع لأية مقايضة أو تسوية وإن موضوع الدورة الاستثنائية لمجلس النواب يمكن أن ينتظر، كما أن تعيين قائد جديد للجيش لا يمكن أن يحصل قبل إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، مشيرة الى أن جدول أعمال الجلسة هو لتسهيل شؤون الناس على قاعدة احترام الدستور وآلية عمل مجلس الوزراء.
برّي: حسب الدستور
وعلق رئيس مجلس النواب نبيه بري على اجواء الجلسة، فاعتبر انه ما دامت اكثرية الثلثين متوافرة ستنعقد الجلسة وتتخذ القرارات بحسب ما نص عليه الدستور، أي ما يتطلب الثلثين يصوت عليه بالثلثين وما يتطلب النصف زائد واحد يصوت عليه بالاكثرية المطلقة.
وقال إن ثمة احتمالاً ان تطرح التعيينات في الجلسة وعندها ستأخذ الامور مجراها الدستوري “واذا انسحب فريق تستمر الجلسة ما دام النصاب الدستوري متوافراً ولا مشكلة في ميثاقية الجلسة”.
من جهة اخرى، رأى بري ان اصدار الحكومة مرسوم دورة استثنائية لمجلس النواب يكتفى فيه بالنصف زائد واحد، لانه ليس مدرجاً في عداد ما نصت عليه المادة 65.
وبعد فتح هذه الدورة سيدعو بري الى عقد جلسات تشريعية وهناك قوانين استجدت بعد آخر اجتماع لهيئة مكتب المجلس “وانا متمسك بعقد هذه الجلسات، لأن الوضع لم يعد يحتمل. واقول بصراحة اذا غابت بعض المكونات وحضرت اخرى تنتمي الى اللون الطائفي نفسه سأمضي في الجلسة هذه المرة”.
ويشار الى انه وسط هذه الاجواء وصل نائب وزير الخارجية الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوشتاين ليل امس إلى بيروت للقاء المسؤولين اللبنانيين والبحث معهم في موضوع حقوق لبنان النفطية في مياهه الإقليمية وفي ترسيم الحدود البحرية من أجل أن يستفيد لبنان من ثروته النفطية.

السابق
مسؤول اسرائيلي: سورية انتهت والجنازة في الوقت المناسب
التالي
جنبلاط للمسيحيين: الفيدرالية مستحيلة.. و«الطائف» ضمانتكم