الشرق: مقبرة جماعية؟

في ظل انفجارات ومنطقة تعاني ارهاباً متنقلاً ووباء الانتحاريين وقاطعي الرؤوس من فرنسا الى تونس الى الكويت، نتساءل: أين هي الخطة المشتركة العربية والدولية لمكافحة الارهاب؟ وما هي ردود الفعل سوى الاستنكارات والتصريحات واضاءة الشموع ووضع الصور عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟ وما الخطة الامنية التي يقترحها العرب أولاً مجتمعين لكون منطقتهم هي الاكثر تضرراً؟ وأي خطة ستعتمد على كل الصعد الامنية والسياسية والاجتماعية للوقوف أمام هذه الكارثة الجديدة التي تضرب البلدان العربية؟

فالربيع العربي تحول أشلاء وجثثاً يومية عربية، من شتاء تونس الى اضطرابات مصر، الى مجازر سوريا، الى اليمن والبحرين، ثم الكويت ولبنان! الى تراجع اقتصادي وأمني وتحول الديموقراطية همجية ودماء! هل المصير العربي أن يتحول مقابر جماعية؟ هل الانسان العربي مصيره دائماً الاحتلالات والديكتاتوريات والحروب والدماء؟ هل ستبقى أغنى منطقة في العالم سلعة للآخرين وتقبل دوماً بالارهاب والخراب بدل الحضارة والثقافة والتطور؟ والى متى؟ وماذا عن مسيحيي الشرق؟ وما هي ردود فعل مسيحيي العالم الذين ينظرون يومياً الى الشرق الذي يهدد فيه المسيحيون بالانقراض؟ وماذا عن مسلمي الشرق المعتدلين الذين يعلمون أن الشرق من دون تعايش ومن دون مسيحييه ليس بالشرق كما نعرفه؟ وأين هي ردود فعل رجال الفكر والصحافيين والمناضلين العرب على ما يحدث؟ وأين المبادرات والتحركات والثورات؟
على أي حال، اصبح الاحباط كبيراً، واصبحت تداعياته تضرب ايضاً الغرب، كفرنسا. فالدول تحاول الحد من تفشي هذا المرض المزمن على اراضيها وعبر استراتيجية داخلية امنية. لكنّ لا مبادرات دولية وجماعية وعربية وخطة للضرب بيد من حديد عبر جيوش قوية، وعبر ضربة محددة للتخلص من التنظيمات الارهابية. حتى ان الضربات الاميركية لم تجد نفعاً ولم تكن صارمة، علماً انه في بعض الاحيان، عندما يتخذ قرار ما، يمكن المعالجة ان تكون مفيدة اكثر، وخصوصا اذا تعاون الجميع معاً، واذا كانت النيات صافية. اما اذا كان هناك دول وانظمة ومَن يحاول ان يلعب على رهان الفتنة السنية – الشيعية، فيجب ان يعلموا ان هذا الرهان سيكلف الجميع غالياً، وآجلاً أم عاجلاً فإن الارهاب سيضرب مصالح الاطراف كافة، فتغذية ارهابيين وتغذية الطائفية ومحاولة الرهان واللعب على فتنة سنية – شيعية، كل ذلك ضرب من الجنون كلف ويكلف المنطقة الكثير، واثبت الزمن ان كل هذه الرهانات والاجندات لم تسبب إلا الدمار والتخلف.
فيا ليت العرب يثبتون، ولو لمرة، انهم لا ينظرون بل يفعلون! ويا ليتهم يثبتون، لمرة، أنه يمكنهم الاتحاد في مواجهة ظاهرة تضر بكل المنطقة. ويا ليتهم يقررون، لمرة، أن يصبحوا دولا بكل ما للكلمة من معنى وان يخرجوا من منطق الاستعمار والحروب!

(النهار)

السابق
لهذه الاسباب احتدت المنافسة بين «داعش» والقاعدة
التالي
الحريري ابرق للسبسي معزيا بضحايا الاعتداء الارهابي في سوسة