المجلس الوطني لـ14 آذار: محاولة التقاء في زمن التقسيم؟

المجلس الوطني 14 آذار
مع انتخاب النائب السابق سمير فرنجية رئيسا "للمجلس الوطني" لقوى 14 آذار، بدأت خطواته المستقبلية التأسيسية، بحسب أعضائه. لكن يبقى اسم المجلس ودوره مبهم بالنسبة إلى البعض وغير مجدٍ بالنسبة إلى البعض الآخر . فما هي أهداف هذا المجلس؟ وما هي إضافته النوعية؟ وما الخطوات المستقبلية التي ستترك أثرها على الحياة السياسية في لبنان؟

كمبادرة جديدة في زمن القحط السياسي اللبناني وضع الحجر الاول لـ«المجلس الوطني» لقوى 14 آذار، وهو صوت خرج من رحم “بعض نخب” هذه القوى. أما المعنيون فهم الافراد الذين انتسبوا الى انتفاضة الاستقلال بإرادة فردية ومن دون وساطة حزب أو شخصية سياسية والذين اتخذوا قراراتهم بأنفسهم وأطلقوا انتفاضة الاستقلال التي اسست لحركة 14 آذار.

إجتمع في البيال الأحد الفائت نحو 300 شخص بصفتهم الفردية والمستقلة بعيداً عن الانتماء السياسي والاصطفاف المذهبي، وانتخبوا سمير فرنجية رئيسا، مطالبين “ببناء دولة مدنية تؤكد على العيش المشترك وعلى التلاقي بين المسيحية والإسلام وبين المسلمين أنفسهم قبل ان تتوسع رقعة الدم ويتمدد الصراع المذهبي والطائفي نحو لبنان”.

وكما جرت العادة كل مبادرة وعمل جديد يتعرض إلى الكثير من الانتقادات، لكن يبقى الوقت هو الحاسم، فإما أن تثبت هذه المبادرة أهميتها وإما تفشل وتنسى.

يعرّف الصحافي كمال ريشا في حديث لموقع “جنوبية” مشروع المجلس الوطني بأنّه “مساحة وطنية مشتركة لكل أعضاء 14 آذار غير الحزبيين ووظيفته بثّ الروح بفكرة 14 آذار بعيداً عن مطامع بالسلطة أوالخلافات التي استجدت بين (بعض شخصيات أو أطراف) 14 آذار على السلطة”.

وتابع: “المجلس الوطني هدفه إعادة الروح إلى المواطنين الذين انتفضوا يوم 14 آذار بدون دعوة من سياسي او حزب. وهذا المشهد الذي رأيناه يوم الأحد كان جامعا للبنانيين بمعزل عن انتمائهم السياسي والمذهبي. اجتمعوا ليقولوا إنّ هذا هو وجه لبنان الجامع في ظلّ الفرز الطائفي والمذهبي في العالم العربي”. وأضاف ريشا، بصفته عضو اللجنة التحضيرية لهذا المجلس: “إنه شبكة أمان مدنية ومجتمعية  لحماية الوطن”.

وعن فكرة تأسيسه قال ريشا إنّه “تم التحدث عن المجلس الوطني منذ 14 آذار 2015 وتمّ الاعلان في البيان عن إنشاء المجلس الوطني،وتقرر ان يكون مؤلفاً من جميع الناشطين الذين شاركوا في أنشطة 14 آذار المركزية والمناطقية فهؤلاء هم أعضاء حكمًا فيه. إذا الحديث عنه ليس جديد والهيئة ليست نهائية وليست مقفلة”.

وفي سؤال حول ما إذا كان المجلس هدفه ابراز الوجود المسيحي المستقل نفى ريشا قائلاً: “كان يمكن ان يكون هذا الكلام صحيحا لو كان المجلس الوطني يضمّ فقط مسيحيين، وما حصل ان  الحضور يوم الاحد كان متنوعا من عكار وطرابلس والجنوب وجبل لبنان وبيروت، ولو هذا الكلام صحيحا لكانوا انشأوا حزبا مسيحيا مستقلاً”،

ولفت ريشا الى انّ “ سمير فرنجية كمسيحي مستقلّ،.يعطي قيمة مضافة للمجلس وليس العكس”.

وردّا على من قلّلوا من أهمية المجلس قال ريشا: “كان هناك بيانات تصدر عن المجلس خلال 4 أشهر والباب مفتوح لجميع الراغبين بالمشاركة وليس هناك ميزة تفاضلية بين المؤسسين والشاركين الجدد”. مضيفًا أنّه “إذا استطاع المجلس ان ينجح ليصير مساحة وطنية مشتركة ولقاء بين الطوائف بلا شروط هذا وحده يعطي المجلس حيزا كبيرا”.

كما ردّ ريشا حول ما قيل عن غياب المشاركة الشيعية، قائلاً: “هذا الكلام غير صحيح وقد وجّهت الدعوات للشيعة المتصلين بقوى 14 آذار فمنهم من لبّى الدعوة ومنهم من لم يشارك لأسباب نحترمها”. وأضاف: “لن نقبل ان يكون الشباب الذين شاركوا في 14 آذار، المتّهمين بأنّهم شيعة السفارة، ان يكونوا خارج المجلس”. ولفت الى أنّه “كان هناك حضورا شيعيا لكن بالنسبة لنا كان ناقصا نسبة لضرورة وجود المزيد من الحضور شيعي مستقلّ”.

ولفت إلى أنّ “كل الاعتراضات على المجلس غير مبررة فلم يكن هناك تعليب بل شفافية مطلقة”، مضيفًا أنّ “انتخابات رئيس المجلس كانت الخطوة الاولى لاعطاء كيان معنوي وما زال النظام الداخلي للمجلس قيد التنفيذ بمشاركة الجميع وموافقتهم ليأخذ شكله العملي ويتوسع ويباشر بأعماله”.

بدوره قال الصحافي ميشال حجي جورجيو، الذي كان حاضرا وشارك في التصويت، في حديث لـ”جنوبية”، إنّ “المجلس الوطني هو عمل خجول ولسنا طامحين أن يحقق النجاح المطلوب من أول اسبوع”. مضيفا أنّه “عمل مختلف غير مبني على الطائفية والمذهبية عكس التفتيت الحاصل حيث كل عنصر يهيمن على طائفة ويأخذها إلى هوية قاتلة. وهذه خطوة لخلق إطار جامع مبني على العيش المشترك رغم كل المصاعب”.

جورجيو: عمل مختلف غير مبني على الطائفية والمذهبية عكس التفتيت الحاصل حيث كل عنصر يهيمن على طائفة ويأخذها إلى هوية قاتلة

ورأى أنّه “أبرز علامة فارقة. خصوصاً حضور هذا العدد من الشخصيات عل أساس فردي ومواطني وليس بدعوات من أحزاب او اطراف سياسية وكل شخص له قيمة مضافة”. وشدد على أنّ “المشروع لا عنفي وكل الحاضرين من سياسيين الى صحافيين دعوا الى السلام والخير للعالم”.

ولفت جورجيو إلى أنّ “كل الحركات التي نشأت بعد 14 آذار اصيبت بحالات ترهّل”.

وأضاف جوجيو ” طموحنا ليس كبيرا ونحن لسنا بحزب له مصالح ومشاريع سياسية بل نجسد الاعتدال. فوضعنا أوّل حجر وامامنا نحو 6 اشهر الى سنة ليكون نشأ جسم قادر على التقدم”.

واعترض حول ما قيل ان المجلس الوطني لم يعطِ اضافة قائلاً: “اهم ما في هذا المشروع أنّه غير طائفي، يمكن ان نفشل لكنّها تجربة جيّدة في حين أنّ وضع البلد مجمّد”. لافتًا إلى أنّ “هذه المبادرة الأولى لقوى 14 آذار منذ العام 2005 ولا تكون ردّة فعل على اغتيال أو ردّا على الفريق الآخر. لذا فليس الهدف ان نعطي الامل بقدر ما هو العمل”.

وعن فوز النائب السابق سمير فرنجية بالانتخابات قال: “شخصية فرنجية معبّرة عن هويتنا وهو يجسّد ضمير انتفاضة الاستقلال وهو مشروع السلام والطهارة”.

المجلس الوطني لقوى 14 آذار

أما الخطوات المقبلة للمجلس فقد تقرر ان تعقد الهيئة التأسيسية اجتماعا جديدا كي تنتخب مكتبها التنفيذي بعد ثلاثة أشهر. وفتح باب الترشيح أمام المكتب التنفيذي لغاية عشرة ايام قبل تاريخ انعقاد المؤتمر، فيما كلفت اللجنة التحضيرية الاستمرار في مهامها لغاية انعقاد المؤتمر.
وتقرّر تشكيل مجموعة لجان في مختلف الاختصاصات: اقتصاد، بيئة، مغتربين، إعلام، علاقات خارجية وغيرها… مفتوحة لمن يرغب. وسيعمل المجلس على تشكيل لجان له في مختلف المناطق اللبنانية، تمهيدا لمؤتمره الذي يريده على حجم أحلام مستقلي ذاك الآذار من العام 2005.

السابق
بالفيديو: عملية خُطف الشابان السوريان في مجدل عنجر
التالي
فوائد السيجارة