الحكومة تعود: جلسة «عادية» لا تمنع النقاش

الحكومة اللبنانية

أشارت “النهار” إلى أن الدعوة التي وجهها رئيس الوزراء تمام سلام الى عقد جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل منهياً فترة التريث التي التزمها في الاسابيع الثلاثة الاخيرة رسمت اطارا جديداً للازمة الحكومية التي قد يكون من غير المضمون ان تكون الدعوة الى الجلسة وضعت حداً لها. ذلك ان الرئيس سلام حسم موقفه للدلالة على تمسكه بصلاحياته الدستورية بعدما أعطى الافرقاء السياسيين الذين تسببوا بالازمة الفرصة الكافية لمراجعة مواقفهم ووجه الدعوة للبحث في جدول الاعمال الموزع سابقاً، الامر الذي يعني ان نتيجة الجلسة تتوقف على النقطة المحورية المتعلقة بموضوع التعيينات الامنية والعسكرية الذي سيطرح في بداية الجلسة وما اذا كان مجلس الوزراء سيتمكن من الانتقال الى البحث في بنود جدول الاعمال اذا لم تبت التعيينات كما هو منتظر.

وقالت “المستقبل” أنه بعد مدّ وجزر إعلامي وسياسي وتضارب في الأنباء الصحافية تحليلاً وتأويلاً للأزمة الحكومية على مدى الأسابيع الماضية، بين نبأ يؤكد تارةً إرجاء انعقاد مجلس الوزراء إلى ما بعد انتهاء رمضان، وآخر يتوقع انعقاد المجلس “إذا ما الاثنين الخميس”، عاد المركب الحكومي ليرسو على برّ المعلومات التي كانت “المستقبل” سبّاقة في نشرها لناحية توجّه سلام إلى دعوة مجلس الوزراء للالتئام بحلول الأسبوع الرابع من عمر التعطيل الحكومي بعدما يكون قد استنفد مشاوراته واتصالاته مع القوى السياسية بالتنسيق والتعاون مع رئيس مجلس النواب نبيه بري.

وأمس دعا سلام الحكومة إلى عقد جلسة بعد غد الخميس ستكون وفق ما نقل زواره لـ”المستقبل” جلسة “عادية بجدول أعمال عادي” سبق أن تم توزيعه على الوزراء قبل بروز أزمة التعيينات العسكرية، مع تأكيده في الوقت عينه عدم ممانعة الخوض في أي نقاش يطرحه الوزراء على قاعدة “نستمع ونناقش ثم نكمل بنود جدول الأعمال”:

–          لفت إلى أنه أعطى فرصة كافية لإنهاء الشلل الحكومي بشكل توافقي.

–          قال: “ما فيّي ضلّ ناطر”.

ويشير زوار سلام لـ”المستقبل” إلى أنهم خرجوا من اللقاء بانطباع مفاده أنّه عازم على استيعاب الأمور خلال الجلسة، وأنه سيتيح كامل المجال أمام طرح وزراء “التغيير والإصلاح” وجهة نظرهم حيال بند التعيينات، لكن في حال عدم التوصّل إلى قرار بشأن هذا البند فلا بد عندها من إرجاء الموضوع إلى وقت لاحق والانتقال إلى بحث وإقرار سائر بنود جدول الأعمال تسييراً لأمور الدولة وتيسيراً لمصالح الناس، وهو ما تطالبه به أكثرية 18 عضواً من أعضاء مجلس الوزراء، مع الإشارة في هذا المجال إلى أنّ بري داعم لتوجّه سلام 100%.

 

خلفيّات الدعوة

ولاحظت “الجمهورية” أنّ هذه الدعوة جاءت بعد تصاعدِ المخاطر الأمنية في البلاد نتيجة التفجيرات الإرهابية في الجوار، وبعد صدور تصريحات أميركية ـ إيرانية عن إرجاء حسمِ الملف النووي الى ما بعد 30 حزيران. وكذلك جاءت بعد عودة السفير الاميركي دايفيد هيل من واشنطن الى لبنان، وقد زار أمس وزير العدل أشرف ريفي والنائب وليد جنبلاط. وفي المعلومات أنّ سلام الذي كان أجرى مروحةً واسعة من الاتصالات والمشاورات، ضمن الصفة الدستورية والميثاقية للحكومة حتى في حال انسحبَ الوزراء الستّة (التيار الوطني الحر، حزب الله، المردة والطاشناق)، عِلماً أنّ فتحَ دورةٍ استثنائية لمجلس النواب من قبَل مجلس الوزراء يتطلّب الثلثين، وهو الأمر غير المتوافر لأنّ وزراء حزب الكتائب لن يصَوّتوا على تشريع في مجلس النواب في ظلّ الشغور وبغياب رئيس جمهورية.

وكشفَت مصادر “الجمهورية” أنّ سلام وجَّه الدعوةَ إلى جلسة الخميس بعدما أنجَز عناوين مبادرةٍ سيُطلقها في بداية الجلسة تتّصل بآليّة العمل الحكومي للخروج من المأزق الحكومي القائم. وأشارت إلى أنّه تفاهمَ بشأنها مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي خلال لقائهما السبتَ الماضي، وكذلك أطلعَ الرئيس سعد الحريري وعدداً مِن الوزراء عليها. ورأت “اللواء” أنه عبر الدعوة حقق سلام ما يلي:

–          انتهت حقبة المشاورات ومرحلة التريث.

–          ضمن مشاركة عشرة وزراء مسلمين و8 وزراء مسيحيين في الجلسة، فهو مدعوم من كتلة “المستقبل” ومن كتلة التنمية والتحرير ومن اللقاء الديمقراطي، وكتلة الرئيس ميشال سليمان وكتلة الكتائب والمسيحيين المستقلين.

–          وضع “حزب الله” في أجواء رغبة سلام بالدعوة إلى مجلس الوزراء، غداة انتهاء لقاء عين التينة، فكرر موقفه المبدئي بأنه متضامن مع “التيار الوطني الحر”، لكن هذا لا يمنع أن وزيريه سيشاركان في الجلسة، إذا ما ارتأى التيار العوني أنه سيشارك.

–          فوجئت أوساط “التيار” بالدعوة، خصوصاً وأن أي اتصال لم يحدث، واعتبرت الدعوة بمثابة تحدٍّ،وشنت حملة على حكومة سلام، معتبرة أن الدعوة يوم الخميس هي دعوة “لمشكل حكومي”، متوعدة بأنه ما لم يؤخذ بمطلب التيار بإقرار التعيينات العسكرية فلكل حادث حديث.

ولفت مصدر “اللواء” إلى أن رئيس الحكومة أجرى قبل إعلان الدعوة مروحة من الاتصالات لتحصين دعوته، وقد حصل على دعم من المراجع الدولية أيضاً لكي تستأنف الحكومة أعمالها، مع الإشارة إلى أن الدعوة جاءت غداة عودة السفير الأميركي دايفيد هيل من واشنطن، وكذلك تزامناً مع انعقاد لقاءات فيينا حول الملف النووي الإيراني.

 

دعم بري

ولفتت “اللواء” إلى لأن الدعوة أتت بعد أقل من 48 ساعة على ما سمعه سلام من الرئيس نبيه برّي، من دعم يكاد يكون كاملاً، وحرصاً على تجنيب الحكومة كأس التعطيل، ولم يكتف سلام خلال اللقاء مع برّي، بما لمسه من أن الرجل ممتعض أشد الامتعاض من تعطيل الحكومة والمجلس النيابي واستمرار الشغور الرئاسي، بل سمع كلاماً واضحاً: “نحن مع عمل المؤسسات وستجدنا حاضرين على الطاوة عندما تدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء”.  وقالت “الأخبار” إن أكثر من مصدر وزاري لمّح إلى أن “دعوة سلام تحظى بمباركة من الرئيس برّي” خصوصاً أنها جاءت بعد يومين من زيارة رئيس الحكومة لعين التينة. ولفت أحد المصادر إلى أن “الرئيس برّي يريد البدء بورشة ملفّ النفط”.

 

تفاهم على الحد الأدنى

إلى ذلك، تعتقد مصادر متابعة عبر “اللواء” أن سلام ما كان ليدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء الخميس لو لم يكن يضمن تفاهماً على الحد الأدنى بين مكونات الحكومة، بما يمنع الاطاحة بها، في حين يعتقد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، أن الجميع سيحضر الجلسة، لكن لا نعرف ماذا يمكن أن يحصل في الداخل، إلا أن سلام أعطى الوقت الكافي للاتصالات والمشاورات، وجاءت دعوته استناداً إلى أنه لا يجوز أن يراعي فريقاً دون آخر.

 

التكتل يجدد شروطه

واذ توقعت “النهار” ان يجدد “تكتل التغيير والاصلاح ” في اجتماعه اليوم موقفه الثابت من اولوية التعيينات الامنية والعسكرية شرطاً لا يتراجع عنه، رافضاً أي بحث في أي بند آخر كما تأجيل بتها الى أيلول، لم تستبعد مصادر وزارية في فريق “14 آذار” استمرار تأزم الوضع الحكومي بعد الجلسة ما دامت الازمة ربطت بالخلاف على التعيينات بمعنى ان الفريق العوني مدعوماً من حلفائه “حزب الله” و”المردة” و”الطاشناق” سيحضرون الجلسة للبحث فقط في التعيينات من دون التوصل الى نتيجة كما يمكن ان يرفض وزراؤهم توقيع المراسيم الحكومية من غير ان يتضح ما اذا كانوا قد ينسحبون من الجلسة.

ولفتت “الأخبار” إلى أن مصادر في “التيار الوطني الحرّ” أكّدت أن “موقفنا من جدول الأعمال من حقّنا الدستوري ويتوافق مع آلية العمل الحكومي التي اتفقنا عليها”، مشيرةً إلى أن “حديث 14 آذار عن أن إصرارنا على جدول الأعمال سيقابله إصرار على إعادة النظر بآلية العمل الحكومي، قد يستدعي إعادة النظر بصيغة النظام السياسي برمّته”.

 

سيناريو الجلسة

وعلمت “النهار” من أوساط وزارية أن سيناريو جلسة الخميس المقبل يتضمن حضور جميع الوزراء وسيطرح وزراء “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” من دون وزيري “المردة” والطاشناق موضوع التعيينات الامنية، وسيفسح الرئيس سلام في المجال لطرح الآراء على هذا الصعيد الى أن يعلن وزير الدفاع سمير مقبل أنه “عندما نصل اليها نصلّي عليها” في إشارة الى ما له علاقة بتعيينات قيادة الجيش، مضيفا أنه لا يحق لأي وزير أن يتخطى صلاحيات وزير آخر كما حاول البعض القيام به مع وزير الداخلية نهاد المشنوق في ما يتعلق بتعيينات قوى الامن الداخلي. وإذا ما طالب وزراء “التيار” والحزب باستمرار النقاش في التعيينات، سيرد سلام بأنهم أخذوا الوقت الكافي في عرض آرائهم وسيطلب الانتقال الى جدول الاعمال. وهنا من المحتمل أن ينسحب هؤلاء الوزراء من الجلسة أو يبقوا لتسجيل فيتو على ما سيقّر من بنود ولا سيما منها ما يتعلق بالمواضيع الزراعية والصحية. وفي هذه الحال سيقول الرئيس سلام إن الاعتراضات ليست مبنية على وقائع فيطلب المصادقة على البنود أو أنه سيقبل الاعتراضات فيطلب إرجاء البحث في ما أقرته أكثرية الوزراء الى جلسة أخرى.

 

واعتبَرت مصادر وزارية عبر “الجمهورية” أنّ جلسة الخميس لن تكون لا جلسة اختبار ولا جلسة جسّ نبض، إنّما تعكس قرارَ رئيس الحكومة باستئناف عمل مجلس الوزراء وعدم تعطيله. ورأت أنّ الوضع ليس دراماتيكياً كما يصوّر، وسيناريو الجلسة سيكون على الشكل التالي: يَطرح سلام في بداية الجلسة الملفّ السياسي، يشَدّد على عدم التعطيل وعلى مسؤولية الحكومة تجاه اللبنانيين، ويرَجّح أن يدور نقاش محورُه التعيينات الأمنية، ولدى الوصول إلى لا اتّفاق سيَطلب سلام الدخولَ في جدول الأعمال مستنِداً إلى معادلة أنّ هناك 18 وزيراً يمثّلون مختلفَ القوى السياسية يريدون عدمَ تعطيل عمل الحكومة، والسير بجداول أعمالها، مقابل ستّة وزراء يصِرّون على ربط عمل الحكومة بشرط سياسي واحد، فأيّهما سيختار؟ وإذا وصَلت الأمور إلى انسحاب وزراء تكتّل “التغيير والإصلاح” ومعهم وزراء “حزب الله” من الجلسة، فرَجّحت المصادر أن لا يرفعَ سلام الجلسة، بل أن يستكملَ جدول الأعمال. وأشارت المصادر الى أنّ جلسة الخميس يمكن وصفُها بالمؤشّر لمعرفة كيفية تعاطي رئيس تكتّل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون مع مجالس الوزراء ومع الحكومة ككُل.

 

في المقابل، سألت “اللواء” عن السيناريو أو السيناريوهات المتعلقة بجلسة الخميس، ووضعت في هذا الإطار عدة إحتمالات:

–          عقد الجلسة وحضور كل الوزراء، مع العلم أن جدول الأعمال توقف البحث فيه في الجلسة الأخيرة في 28 أيار الماضي، وبالتالي، هو لا يتضمن أي بند يتعلق بالتعيينات.

–          أن يقاطع وزراء عون وحليفهم حزب الله الجلسة، باعتبار أن “أي جلسة لا تكون فيها التعيينات الأمنية بنداً قابلاً للحسم لا تعنينا، ولن تأخذ شرف توقيعنا”، وفقاً لزوار الرابية.

وكشف مصادر مطلعة عبر “اللواء” انه في حال طرحت التعيينات العسكرية أمام جلسة الخميس المقبل سيكون هناك موقف من اثنين: إما أن يتم التجاوب لمناقشة الموضوع وساعتئذ يُحدّد النقاش بوقت معين حتى لا يتعطل جدول الأعمال، وإما يقول الرئيس سلام أن هذا الموضوع غير مدرج على جدول الأعمال وسيكون الوزراء المعارضون أمام خيارين: إما الانسحاب من الجلسة، وإما خلق أجواء غير مناسبة فيحصل سجال، إنما سيبقى كل شيء تحت السقف، لافتاً الى إمكانية ان يُصار إلى طرح تحديد جلسة خاصة للتعيينات.

السابق
مقدمات نشرات الأخبار المسائية ليوم افثنين في 29/6/2015
التالي
«8 آذار»: مشكلة كبيرة ستقع