مصر: ايقاف القنوات الشيعية متصل بعلاقتها بحزب الله

يزداد الصراع السني – الشيعي في مصر حدّة، رغم القلة الملحوظة لعدد الشيعة في مصر، وتوسع الصراع من المساجد والخطب التي يهاجم فيها التيار السلفي الشيعة، إلى محاولات “إئتلاف أحفاد الصحابة وآل البيت”، وهو إئتلاف سلفي، إغلاق القنوات الشيعية التي تبث عبر القمر الصناعي المصري “نايل سات”.

انطلقت البلاغات ضد القنوات الشيعية من الإئتلاف منذ مايو/أيار الماضي، واستمرت حتى بلغ إجمالي القنوات التي تم الإبلاغ عنها 22 قناة تلفزيونية شيعية، على حد قول ناصر رضوان، منسق الإئتلاف، الذي وجه لتلك القنوات تهمة نشر المذهب الشيعي والترويج له، وطالب النيابة العامة بالتدخل لوقف بث تلك القنوات بقرار من النائب العام أو حكم من القضاء المصري.

وكان التطور الأخير يوم 16 حزيران/يونيو عندما أحال النائب العام البلاغ إلى النيابة في البحيرة (مسقط رأس ناصر رضوان مقدم البلاغ) للتحقيق في الأمر. وقال ناصر رضوان لـ”المدن” إن إحالة النائب العام البلاغ للنيابة، يعني أن النيابة “اقتنعت بضرورة تحريك البلاغ وأنه لن يحفظ وسيبت في أمره”، متوقعاً أن يكون البتّ لصالح بلاغه، وأن ينتهي الأمر بوقف بث القنوات الشيعية.

الموقف القانوني لتلك القنوات له شقّان. الأول يتمثل في موقف القانون والدستور المصري بوجه عام من الترويج للمذهب الشيعي في مصر، والثاني يتمثل في حق “نايل سات” في فسخ تعاقدها مع أي من القنوات التي تبث عن طريقها.

كفل الدستور المصري في المادة 64 حرية الاعتقاد وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الديانات السماوية. ولم يميز على أي نحو بين السنة والشيعة. وأكد ذلك عمرو موسى، رئيس لجنة الخمسين التي صاغت الدستور المصري، في مؤتمر صحافي له عقده في قصر الاتحادية بعد الانتهاء من مسودة الدستور في 4 ديسمبر/كانون الاول 2013. رغم ذلك، طاردت تهمة “الترويج للمذهب الشيعي” العديد من الشخصيات، كان آخرها الطاهر الهاشمي، القيادي الشيعي، الذي قبض عليه في 18 أيار/مايو الماضي، وسبقه في العام 2009 القيادي الشيعي حسن شحاتة، المعروف إعلامياً في مصر بـ”خطيب الشيعة”، وقتل العام 2013 عن طريق السحل.

إلا أن تلك الاتهامات، كانت عادةً ما تقترن باتهامات أخرى، مثل تلقي الدعم والتمويل الخارجي من إيران وسوريا، وهو ما قال عنه محمود كبيش، أستاذ القانون بجامعة القاهرة، لـ”المدن” أنه يتنافى مع القانون، مشيراً الى أن تلقّي الدعم والتمويل بشكل سري لأي غرض “يعتبر جريمة”.

وقال أحمد راسم النفيس، القيادي الشيعي، لـ”المدن” أن التضييق على الشيعة ليس توجهاً مقصوداً من مؤسسات الدولة، لافتاً الى أن “المتسبب الرئيس في ما يواجه الشيعة من تضييق، هو التيارات السلفية المصرية” التي اعتبرها “امتدادا لتنظيم داعش في مصر”. وأضاف النفيس: “مؤسسات الدولة حاليا تسعى إلى تبني خطاب ديني معتدل بعيد عن التطرف السني أو الشيعي، ولذلك منعت الكثير من القيادات السلفية من اعتلاء المنابر وفقا لقانون الخطابة في المساجد الذي أصدرته عام 2014، مما يعني أن الدولة لا تضيق على التيار الشيعي لصالح السلفي، وأنها لا تحابي أي طرف على مصلحة الآخر، وإنما تحارب التطرق والتحريض على العنف من أي مذهب، وهذا هو الفيصل في قضية منع بث القنوات الشيعية”.

ويعزز ما قاله النفيس عن عدم اضطهاد الدولة للشيعة، تصريحات الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في حديثه اليومي خلال شهر رمضان على الفضائية المصرية والتي جاء فيها: “السنة والشيعة مؤمنون ومسلمون ونحن أمة واحدة وأبناء دين واحد”. كما حكم القضاء المصري في 13 يونيو 2015 على 23 سخص بالسجن المشدد 14 عاما بتهمة قتل 4 من الشيعة، من بينهم القيادي حسن شحاتة، في يونيو 2013.

وعلى الرغم من الآراء القانونية السابقة، يرى ناصر رضوان أن الترويج للمذهب الشيعي جريمة، حيث قال لـ”المونيتور” إن الترويج للمذهب الشيعي يتنافى مع الدستور لأن “الدستور أكد ضرورة حفظ السلام الاجتماعي، وأن والترويج للمذهب الشيعي يعكر ذلك السلم لأنه مذهب يتبنى العنف والكراهية لغيره من المذاهب الأخرى”، على حد قوله. وتابع رضوان: “بلاغاتنا ضد القنوات الشيعية أيضا ضمت العديد من الأدلة على تحريض تلك القنوات للعنف والكراهية غير أن بعضها يتبع تنظيمات معادية لمصر مثل قناة المنار التي تتبع تنظيم حزب الله”.

وعن حق “نايل سات” في وقف بث القنوات المتعاقدة معها قال مصدر لـ”المدن” بالنايل سات، أن ادارة القمر الصناعي يمتلك حق إيقاف بث أي قناة وفسخ تعاقده معها، وهو ما حدث مع قناة “المسيرة” اليمنية التابعة للحوثيين والتي أوقف “نايل سات” بثها في مارس/آذار الماضي.

إجمالاً، يمكن القول إن وقف بث القنوات الشيعية من الناحية القانونية، جائز وفقاً لحق القمر في فسخ التعاقد وإيقاف البث، ويتوقف الأمر على قرار النيابة أو حكم القضاء المصري. ومن المستبعد أن يكون الحكم المرتقب متحاملاً على التيارات الشيعية وقنواتهم في ظل الشواهد السابقة التي تنفي اضطهاد الدولة للشيعة، إلا أن الأمر الذي يثير حساسية مؤسسات الدولة المصرية بوجه عام تجاه ما يخص قضايا الشيعة، هو علاقتهم بحزب الله وإيران والحوثيين، وإن تأكد للقضاء أو النيابة المصرية علاقة تلك القنوات بهم يرجح أن يكون الحكم بوقف البث.

(المدن)

السابق
الأمن العام أحبط مخططا لداعش لتفجير سيارة في بيروت
التالي
هكذا احتفلت زينة بانتصارها على أحمد عز..