فتفت: الهجوم على خط الإعتدال لا يخدم الا بشار الأسد

فتفت

رأى النائب أحمد فتفت ان ما حدث “في الكويت، في تونس وحتى في فرنسا، رسالة مؤلمة جدا لكل العرب والمسلمين لأنها تشوه صورة العرب والمسلمين في العالم أجمع، لا سيما أن معركة الحداثة لم تبدأ اليوم إنما بدأت تقريبا منذ قرنين مع النهضة العربية في منتصف القرن التاسع عشر، فلا يجوز اليوم أن نعود إلى عهود الانحطاط والتخلف”.

كلام فتفت جاء في خلال السحور الرمضاني الذي أقامته دائرة سير وجوارها في منسقية الضنية في “تيار المستقبل” في فندق ومطعم قصر الأمراء في بلدة سير، وحضره منسق عام تيار المستقبل في الضنية هيثم الصمد، رئيس دائرة سير وجوارها حمدان حمدان، أعضاء مجلس منسقية الضنية، إضافة إلى كوادر التيار في الدائرة.

وقال: “إن بعض المناظر الهمجية التي نراها في المساجد وقتل المصلين والاعتداء على السياح وما شابه لضرب الاقتصاد في البلاد العربية، ليس من الإسلام في شيء بل هو تشويه لصورة الإسلام والمسلمين قبل أي طرف آخر، فمعركتنا اليوم معركة الدفاع عن هذه الصورة عن الإسلام السموح، هذا الإسلام الحضاري الذي انتشر من الهند إلى إسبانيا، وبنى أول كليات الطب في فرنسا، وأشع بحضارته على العالم أجمع، فإذا بنا اليوم محط ازدراء من العالم أجمع، الذي ينظر إلينا وكأننا مجموعة همجية لا تبحث إلا عن القتل، ولا ترى وسيلة للتعريف عن نفسها إلا بتقطيع الرؤوس، ولا اعتقد أن أحدا منا يفتخر بذلك”.

ونبه من أننا “أمام معركة حساسة جدا، وسنشهد تفاصيل كثيرة، والمطلوب منا أن نثابر على خط الاعتدال الذي هو الخط الرئيسي والأساسي لهذا الدين وللعرب قاطبة بكل طوائفهم، منذ أن نشأ وبدأ هذا الدين مع الرسالة المحمدية في مكة المكرمة، وبعض الأحداث التي تحدث في سوريا مثلا كتفريغ مدينة تدمر من المساجين وحتى من مقتنيات المتحف قبل تسليمها لداعش يطرح تساؤلات كبيرة عن من أوجد هذا التطرف الأعمى ويدعمه ويموله؟ والذي لا نرى منه إلا المخاطر المتراكمة”.

وحول ما يحدث في سوريا، قال: “قضية الشعب السوري قضية محقة، وهي قضية عدل وحرية وديمقراطية وبناء حضارة، فإذا بها تشوَّه وكأنها قضية إرهابية، وأصبح بإمكان جزار دمشق أن يدعي أنه حامي الحريات في وجه التطرف، بينما هو من اخترع هذا التطرف وليس للمرة الأولى، فقد شهدنا قبل ذلك كيفية تعاطي المخابرات السورية مع قضية ما سمي بأحداث الضنية في عام 2000، وكيف كان التعاطي من قبل حلفاء سوريا وعلى رأسهم السيد حسن نصر الله مع أحداث فتح الإسلام، ووضع الخطوط الحمر أمام اقتحام الجيش اللبناني لمعقل من معاقل الإرهاب، لأن ما فعلوه اليوم مع داعش كانوا سيفعلونه مع فتح الإسلام سنة 2008 في لبنان، وبالتالي معركتنا يجب أن تكون واضحة ودقيقة، إنها معركة الاعتدال بكل ما تعني هذه الكلمة، إنها تعني الحق والمواطنية والتوازن والعدالة بين المواطنين وتعني الحرية والكرامة”.

النائب احمد فتفت

وحول ما حصل في سجن رومية، قال: “من هنا كان انتفاضنا أيضا على ما شهدناه من مأساة في سجن رومية، من الاعتداء على مساجين مكبلين عزل في عملية خسيسة، في جريمة حقيقية، أولا بحق كرامتنا وكرامة السجناء، وثانيا بحق صورة لبنان الحضارية، بحق قوى الأمن وشعبة المعلومات، والبعض تحدث عن توقيت التسريب، نحن غير معنيين بتوقيت التسريب وخلفياته، نحن معنيون بأن هناك جريمة حصلت ويجب أن تعالج على هذا الأساس”.

وأكد “أن كتلة المستقبل قد ناقشت هذا الموضوع، بحضور الوزراء المختصين، وأكدوا جميعا أن العلاج سيكون علاجا جديا وكاملا ليس فقط لعدم تكرار ما حدث ولكن أيضا لرؤية الأسباب وراء ما حدث ومعاقبة المسؤولين أيا كانوا ولأية جهة انتموا، ما يهمنا أن يعرف الرأي العام أن جريمة كهذه لن تمر دون عقاب، ولن تمر دون إجراءات تحذيرية لكل من يمكن أن يمارس عملا مشابها في المستقبل فلا يمكن للاعتدال أن ينجح بدون ثلاثية “الديمقراطية والحرية والعدالة”.

وتابع: “إن تسريب الأفلام قد حصل متأخرا برأيي ولكن تمكن الرأي العام من الاطلاع على ما يجري وهذا شيء جيد، لأننا كنا جميعا نعرف أن أمورا كهذه تحدث في السجون اللبنانية، تحدث لدى الأجهزة كافة بدون استثناء، والمعركة اليوم ليست معركة سجن روميه بل معركة التعاطي مع الموقوفين والسجناء بكل أنحاء لبنان، كائنا من كان الجهاز الذي يقوم بهذه التوقيفات أو يشرف على السجون، أكان الجيش اللبناني أو قوى الأمن أو الأمن العام، وتحرك لجنة حقوق الإنسان في المجلس النيابي مشكور، ولكنه يجب أن يشمل أيضا الأجهزة الأخرى لأننا نعرف أن أمورا مشابهة تحدث في أماكن أخرى، حتى لا نتحول إلى ثقافة التعذيب والتحقير في تعاطينا السياسي والأمني، وإلا ما الفرق بيننا وبين جزار دمشق، وإلا تحولنا إلى سجن تدمر آخر”.

وشدد على أن “المعركة مهمة جدا، ويجب علينا جميعا أن نتكاتف في هذه المعركة. أعرف أن البعض أثارته عواطف جياشة وانفعل في ردات فعلٍ مبررة ومفهومة، ولكن يجب أن نعي بأن هناك من يسعى لصب الزيت على النار، ويحاول ليس أن يطال القوى الأمنية او وزير الداخلية، بل ليطال تيار المستقبل، ويطال الاعتدال بحد ذاته كخيار سياسي وكواجهة وحيدة قادرة على مواجهة التطرف، حتى لا نصبح جميعا أداة ابتزاز من قبل العالم الخارجي كما يفعل الرئيس الأسد من خلال ابتزازه العالم أجمع، بم تفعله داعش والصور التي تنشرها داعش”. والهجوم على خط الإعتدال لا يخدم الا بشار الأسد.

وعن الكلام حول ما يجري داخل تيار المستقبل أوضح “ليكن الجميع مطمئنين، في تيار المستقبل قيادة واحدة اسمها سعد الحريري، ولقيادة المستقبل توجه واحد هو الموقف السياسي الذي يصدر عن سعد الحريري والذي يصدر عن كتلة المستقبل ولا شيء غير ذلك، كل ما يقال غير ذلك هو من الأقاويل والاكاذيب والافتراءات التي نسمعها في بعض الصحافة الصفراء”.

وانتقد فتفت “من يحاول أن يمدد للفراغ القائم في رئاسة الجمهورية إلى المجلس النيابي ومن ثم إلى مجلس الوزراء، باعتداء صارخ على المؤسسات يرافقه باعتداء جديد على الدستور، فبالامس سمعنا كلاما لأحد الوزراء “من قال ان رئيس الحكومة هو من يضع جدول الأعمال؟”، ونجيبه: الدستور يا معالي الوزير، هذه الصلاحية أساسية لرئيس الحكومة، فهو من يضع جدول الأعمال، وهو من يحدد موعد اجتماع الحكومة. وبالتالي هذا الاعتداء الجديد على الدستور لا ينفع في هذه المرحلة إلا في زيادة الاحتقان في الشارع، فهل هذا هو المطلوب؟”.

وتابع “يبدو أن البعض قد فقد صوابه من أجل كرسي لنفسه أو لصهره حتى وصل لحدود تهديد الوطن، وما يدعيه من اتفاقات سياسية وما شابه لا أساس له من الصحة، فنحن قلنا كلاما واضحا في ما يخص قيادة الجيش، بأنه شأن يقرره مجلس الوزراء، ونحن نفضل أن يكون ذلك بعد انتخاب رئيس للجمهورية. فليتفضلوا إلى المجلس النيابي ولينتخبوا رئيسا للجمهورية وبعد ذلك تستطيع هذه الحكومة أن تقرر بأكثرية الثلثين الموصوفة أن تختار من تشاء لقيادة الجيش، أما أن يقول لنا أحدهم أنه يقرر مسبقا جدول أعمال ويقرر مسبقا حتى قرارات مجلس الوزراء، لأنه إما ان تختاروا هذا الشخص وإما أذهب ولن أسمح بعقد مجلس الوزراء، فهذا استقواء ليس بعضلاته ولكنه استقواء بسلاح حزب الله”.

ودعا الدولة لمعالجة القضايا الاقتصادية قائلا “منتجات لبنان الزراعية المصدرة تقدر قيمتها تقريبا بمليار دولار، ومداخيل الدولة منها، من الجمارك والضرائب، حوالي 250 مليون دولار، بعد أن أقفلت الحدود البرية المطلوب فقط تأمين 21 مليون دولار لتتمكن الدولة من تحصيل 250 مليون دولار. من يقف في وجهها؟ يقف في وجهها من يمنع الحكومة من أن تجتمع وأن تقرر ما يطلبه وزير الزراعة ليدعموا التصدير بحرا للزراعة اللبنانية، وكذلك للصناعة. وقد استمعنا بالأمس إلى صرخة “لا للانتحار” عن الوضع الاقتصادي. البعض اعتقد أن ما يجري هو في بلد آخر حيث طالعنا أحد الوزراء السابقين بالقول ان الاقتصاد اللبناني على أحسن ما يكون، فلماذا هذه الصرخة؟. وإذا كان وضع المصارف جيدا فهذا يعني أن الوضع المالي لليرة اللبنانية جيد، أما وضع المواطن فبائس فلا يكاد يجد ما يكفيه لدفع أقساط المدارس ولا الدواء ولا للطبابة ولا أي شيء آخر من الأساسيات”.

وحذر من “التلاعب بهذا الوطن تحت عنوان أن كل شيء سينحل عندما يأتي فلان رئيسا للجمهورية، أو عندما نسمي فلانا قائدا للجيش. هذه أوهام يريد البعض بشعبوية ظاهرة أن يختلقها ويضعها أمام الناس. ثم ابتدعوا لنا فكرة ما سمي بالاستفتاء، أي بكل بساطة يدفعون كمية من الأموال لشركة وتقوم هذه الشركة بإحصاء للرأي، كما حدث في العام 2009، حين صدرت إستطلاعات رأي عديدة ومدفوعة قبل 48 ساعة فقط من الإنتخابات تعلن إنتصار 8 آذار، فإذا بصناديق الإقتراع تكذبها بالكامل. فالإحصاءات واستطلاعات الرأي قد تنفع لدراسة علمية أو اجتماعية ولكنها لا تنفع لقرار سياسي، انتخاب رئيس الجمهورية كان وسيبقى في المجلس النيابي، والأكثرية النيابية هي من تقرر، أيا كانت الابتزازات والضغوطات التي ستحصل، فنحن في المجلس النيابي نقرر وفق قناعاتنا السياسية، ووفق من نراه مسؤولا لتولي هذه المسؤولية في هذا الوقت الحرج. ونقول بكل صراحة، أنه ليس مناسبا أن يأتي من يمثل محور دمشق – طهران لرئاسة الجمهورية، فمشكلة الجنرال عون أنه قال أنه لا يريد أن يكون وفاقيا بل يفضل أن يكون توفيقيا، ولكنه لم يفلح بذلك واعترف بذلك على التلفزيون بأنه لم ينجح في أن يكون توفيقيا”.

أضاف “قلنا كلاما واضحا للتيار الوطني الحر أن المشكلة مع ميشال عون ليست مشكلة شخصية. المشكلة هي القدرة على التواصل والإنفتاح على الآخر وهذا ما حصل عندما إختار حزب الله الأقوى شيعيا فدعم الرئيس بري لموقع رئاسة المجلس النيابي وليس محمد رعد مثلا. وهذا ما حصل أيضا في موقع رئاسة مجلس الوزراء فعندما سقط نجيب ميقاتي لم يختر تيار المستقبل أي رئيس للحكومة يشكل استفزازا لأحد، بل العكس اختار رجلا هو رجل المرحلة بامتياز هو دولة الرئيس تمام سلام، القادر على التواصل والانفتاح والذي أثبت في هذه المرحلة أنه فعلا قادر على هذا التواصل والانفتاح على القوى السياسية كافة. هذا هو المطلوب في موقع رئاسة الجمهورية. هذا يؤكد ان موضوع الخيار ليس طائفيا، الخيار يجب أن يكون وطنيا ووطنيا بامتياز، فنحن بحاجة إلى رئيس جمهورية يكون من لديه القدرة على الانفتاح على الآخرين والتعاطي مع الناس، وليس من موقع الطرف السياسي والتحدي والاستفزاز، نريد رئيسا جامعا لا مفرقا”.

وختم قائلا: “هذه مرحلة حرجة جدا تستدعي من الكل تحمل مسؤولياته، ونحن نعرف أنكم أمامنا ومع خط الاعتدال رغم العثرات، وأن ما حدث مؤلم لكم ولكننا تعاملنا معه بجدية ونتعامل معه بمسؤولية، وبالتالي نحن على ثقة بأنكم رواد هذا الفكر المنفتح والمعتدل، وستبقون السند الأساسي لتيار المستقبل وكل عام وأنتم بخير”.

(وطنية)

السابق
السنيورة دعا المجتمع الدولي الى محاربة الإرهاب بالطرق الصحيحة
التالي
توقيف شخص في وادي الزينة بتهمة السرقة