لا رئاسة قبل رسم التوازنات في المنطقة

تؤكد مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ”المركزية” أن كل ما يتردد في شأن البحث عن تعديل النظام او اللجوء الى مؤتمر تأسيسي يتيح لبعض القوى الحصول على امتيازات ومكاسب سياسية مقابل تخليه عن أخرى أمنية، مجرد تكهنات وافكار تطرح في بازار المساومات ليس الا، معتبرة ان أقصى ما يمكن اعتماده في هذه المرحلة هو السعي الى تطوير النظام اللبناني من دون المس بجوهره، ذلك ان هذه الصيغة النموذجية بالنسبة الى الدول ذات التعددية الطائفية والمذهبية والسياسية تشكل محور مشاريع الحلول والتسويات التي ترسم للدول التي تشهد ازمات سياسية وعسكرية لا سيما سوريا التي تشدد المصادر على انها لن تخضع للتقسيم بل ان الخطوط العريضة للتسوية فيها تتجه الى نظام اللا مركزية عن طريق الولايات او الاقاليم بما يؤمن مشاركة جميع القوى السياسية في السلطة والقرار السياسي.

وتعزو المصادر اقصاء خيار التقسيم عن الحل السوري الى الخشية من أن يعزز حالات التطرف وينمي الاصوليات والارهاب، في حين ان المطلوب في المرحلة المقبلة وبعد رسم التوازنات، توحد جميع القوى من اجل القضاء على الارهاب، تمهيدا للوصول الى شرق اوسط ينعم بالسلام.

وتربط بين تصلب بعض المرشحين للرئاسة في لبنان وتمترسهم خلف ترشحهم تارة تحت ستار الرئيس القوي واخرى تحت راية استعادة حقوق المسيحيين، وبين المسار الاقليمي وانتظار النتائج التي ستفرزها الاتفاقات الدولية، اذ ان هذا البعض ما زال يراهن على فوز محوره الاقليمي بما يؤمن فرص وصوله الى الرئاسة. وتشير الى ان من يقف خلف هذه الترشيحات يرغب في استمرار التعطيل لأهداف وغايات تخدم مصالحه بما يجعل الازمة الرئاسية اللبنانية مرتبطة ارتباطا عضويا بالمسار الاقليمي.

انتخاب رئيس الجمهورية

ولا تخفي المصادر ان لا حلول للأزمة الرئاسية في المدى المنظور، الا اذا طرأ ما يقلب المعطيات المتحكمة بالمشهد الاقليمي، وتقول ان الزائرين البابويين الذين قصدوا لبنان أخيرا واستمعوا الى ما لدى المسؤولين والقادة السياسيين من افكار ومخارج للازمة لم يسمعوا اجوبة مقنعة حول سؤالهم عن اسباب التعطيل والشلل وخلفيات النزاع السياسي الذي تسبب بالفراغ الرئاسي منذ عام ونيف، وسألا عما اذا كانت الاطراف السياسية في لبنان مستعدة للالتزام بأي مبادرة في ما لو طلب من الفاتيكان التدخل مباشرة على الخط الرئاسي. وتتحدث عن ان الموفدين البابويين الكاردينالين دومينيك مامبرتي وانجلو سكولا ركزا على كيفية المحافظة على الوجود المسيحي في لبنان وعدم تأثره بالفراغ في الرئاسة، خصوصا ان لبنان يشكل قوة ثقل وركيزة لكافة مسيحيي المنطقة الذين يتعرضون للاضطهاد من المنظمات التكفيرية والارهابية في سوريا والعراق وغيرها من الدول. وتكشف ان اكثر من اقتراح طرح في هذا الاتجاه الا ان الامور ما زالت في حاجة الى المزيد من البحث والنقاش.

وتختم بالاشارة الى ان مرحلة الانتظار قد تكون طويلة قبل جلاء المشهد الاقليمي ورسم التوازنات والفرز السياسي والديموغرافي قبل بلوغ مرحلة التقاء الجميع على مواجهة الارهاب للقضاء عليه. اما لبنان فسيبقى دائرا في فلك “الستاتيكو” القائم راهنا، اي الحفاظ على الاستقرار الامني والسياسي الى حين تفرز له الدول الكبرى حيزا للاهتمام ومعالجة ازماته.

السابق
ميقاتي ردا على إعلام المستقبل: استغلال سياسي
التالي
لماذا لم تنتفضوا حين عذب السجناء الإرهابيون حرّاسهم واحتجزوهم؟