فيديو روميه: كيف تنقل النقاش من الملعب الشيعي إلى الملعب السني

فيديو تعذيب مسجونين في سجن روميه بوصلة غيّرت مسار الرأي العام اللبناني وخصوصاً السني. فبعدما كان مترقبًا لهزيمة حزب الله وبشار الأسد في سوريا تحوّل اليوم إلى مناهض لتيار المستقبل وسياسته الداخلية أو تحوّل إلى مواطن لم يعد يرى في وطنه فسحة للحياة.

إشغل الشارع اللبناني في اليومين الماضيين بقضية الفيديوهين اللذين سرّبا من داخل سجن روميه، وهما تسجيلات تضمّنت مشاهد تعذيب وضرب مبرح لسجناء «اسلاميين». هذه المشاهد التي لم نعتد عليها في لبنان، أثارت غضب الشارع السني تحديداً على اعتبار أنّ السجناء ينتمون إلى الطائفة السنية، فانطلقت حملات لم تتوقف حتى اليوم، مطالبة باستقالة وزير الداخلية نهاد المشنوق ومحاكمة كل المتورطين بتعذيب السجناء ومن وراءهم.

هذه الحملات التي بدأت على مواقع التواصل الإجتماعي وانتقلت إلى الشارع في بيروت وطرابلس والبقاع وصيدا.. حوّلت الرأي العام اللبناني من مترقب ومتابع ومتأثر بقضايا خارجية، إلى محرّك ومطالب ومهتم بقضية داخلية.

تحوّل الرأي العام اللبناني من مترقب ومتابع ومتأثر بقضايا خارجية، إلى محرّك ومطالب ومهتم بقضية داخلية

بغض النظر عن هدف تسريب فيديو تعذيب سجناء روميه، ومن وراء التسريب وعن التوقيت خصوصاً أنّ هذه اللقطات صوّرت منذ حوالي الشهرين، إلاّ أنّ الأكيد أنّ هذه التسجيلات صنعت خللاً في الرأي العام اللبناني والسني تحديداً.

هكذا إذا تحوّلت الأنظار بعدما كان هذا الشارع يوجه أنظاره إلى أحداث سوريا والمعارك فيها، ينتظر هزيمة حزب الله المنغمس في الحرب السورية، ويعدّ خسائره وانتصاراته أحياناً البشرية والميدانية. يراقب التصريحات الدولية والتحليلات المحلية التي تبشّر بسقوط نظام بشار الأسد. سقوطٌ سينسحب بطبيعة الحال على حزب الله، وبالتالي تغيير المعادلة أقليمياً ومحلياً لصالح طموحات هذا الرأي العام لبناء لبنان أفضل.

أمّا بعد هذه التسجيلات، ومن يراقب حركة مواقع التواصل الإجتماعي والشارع يلاحظ أنّ الشارع السني انقسم بين من رفع الصوت ضدّ تيار المستقبل وحمّل المسؤولية للرئيس سعد الحريري، وطالب باستقالة نهاد المشنوق، وبين من تغنّى بالحكمة وينتظر محاسبة الفاعلين. أمّا التحوّل الأكثر خطراً هم من باتوا يرون أنّ لبنان لم يعد بلدهم لأنّه لم يحفظ كرامتهم ويعيشون على أمل “فيزا” تنقلهم بأقرب وقت لأي بلد آخر.

علّقوا بأنّ لبنان لم يعد بلدهم لأنّه لم يحفظ كرامتهم ويعيشون على أمل “فيزا” بأقرب وقت تنقلهم لأي بلد آخر

مصطفى فحص
مصطفى فحص

في هذا السياق رأى الصحافي مصطفى فحص أنّ هذا التحول طبيعي، فقال لجنوبية: «بعدما كانت الأولوية سوريا وما يجري فيها من صراعات تنعكس بشكل مباشر على الوضع اللبناني، انتقلت الأنظار إلى الداخل اللبناني لأنّ طبيعة الحدث تفرض أن تتصدر اهتمام اللبنانيين، ويصبح الإهتمام بالشأن السوري ثانوي».

وتابع فحص: «هذا الرأي العام هو موجه سياسياً وأمنياً وإجتماعياً، وإضافة إلى الإحتقان المذهبي الذي يسيطر على عالمنا العربي، لذلك ردّة الفعل طبيعية لأن الحساسيات والعصبيات المذهبية في مثل هذه الحالات تتغلب على التفكير المنطقي والعقلاني».

السابق
لماذا لم تنتفضوا حين عذب السجناء الإرهابيون حرّاسهم واحتجزوهم؟
التالي
الانباء الالمانية: نظام الأسد سيسقط قبل نهاية 2015