سلام يُنهي التريّث وجلسة الأسبوع المقبل احتواء عاصفة التعذيب والحريري يدعم المشنوق

كتبت “النهار” تقول، مع ان تداعيات قضية تسريب شريطين مسجلين لتعذيب سجناء في سجن رومية حجبت في اليومين الاخيرين المشهد السياسي المأزوم على خلفية تمادي تعليق جلسات مجلس الوزراء، عادت الازمة الحكومية الى الصدارة مساء امس من خلال مواقف بارزة أطلقها رئيس الوزراء تمام سلام، بدت إيذانا بانتهاء مرحلة الانتظار التي التزمها منذ ثلاثة اسابيع، فيما اتجهت قضية تعذيب السجناء الى الاحتواء أمنيا وقضائيا.
وقد أعلن الرئيس سلام في كلمة ألقاها في حفل افطار جمعية المقاصد أنه “سيكون هناك اجتماع لمجلس الوزراء … وأقول بالفم الملآن، وبضمير مرتاح لست أنا الذي سيوقف هذا البلد عن التقدم، ولست أنا الذي يتخلى عن مسؤولياته في هذه الظروف الصعبة، بل سأستمر وسأصارع وسأتعاون مع الجميع وسيكون هناك مجلس وزراء ومواقف لمجلس الوزراء”. كما أطلق دعوة واضحة الى عدم تعطيل السلطة التشريعية قائلا إنه “من غير المعقول في نظامنا الديموقراطي أن تشل السلطة التشريعية وسنتعاون معها من أجل ان نسير بالوطن الى شاطئ الأمان”.
وعلمت “النهار” من مصادر مواكبة أن الرئيس سلام وانطلاقا من تفاهم واسع بينه وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري، يحضّر لجدول أعمال الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء الاسبوع المقبل بالتزامن مع انطلاق مشاورات من أجل فتح دورة استثنائية لمجلس النواب.
التحقيقات والمشنوق
أما في ما يتعلق بالتحقيقات التي أجريت مع رجال الأمن الذين أوقفوا عقب بث الشريطين، فكشف النائب العام التمييزي سمير حمود لـ”النهار” أنه تبين ان عملية التعذيب لثلاثة سجناء هي فردية وغير ممنهجة، ولم تكن بناء على طلب احد. وتوقع أن تنتهي قريبا التحقيقات الاولية التي تجريها شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي مع خمسة عناصر من قوى الامن الداخلي أوقفوا على ذمة التحقيق، وسيحال ملف التحقيق الاولي مع الموقوفين على القضاء اليوم. وعلمت “النهار” ان التحقيقات الاولية أظهرت ان اثنين من الموقوفين توليا ضرب السجناء الثلاثة الذين بدوا في الشريطين فيما كان موقوف ثالث يصوّر ما يحصل من غير ان يخبر السلطات الامنية المختصة. اما الموقوفان الآخران، فيحتمل ان يكونا سربا الشريطين ولم يخبرا ايضا السلطات الامنية بما حصل. ويتركز التحقيق على كشف عملية التسريب.
وقام وزير الداخلية نهاد المشنوق غداة انفجار هذه القضية بزيارة لسجن رومية حيث التقى السجناء الثلاثة الذين تعرضوا للتعذيب، وأعلن ان التحقيق مستمر لمحاسبة كل من شارك في عمليات التعذيب، مشددا على ضرورة “ألا ينال هذا الخطأ والارتكاب من هيبة قوى الامن الداخلي المسؤولة عن أمن كل اللبنانيين”. وأوضح ان السجناء الثلاثة أبلغوه أنهم منذ انتقل قسم من السجناء الى المبنى “ب” لم يتعرضوا لأي أذى او خطأ، “مما يدل على ان التدابير التي اتخذناها أوقفت مخالفة أبسط حقوق السجين” وأكد انه “لن يسمح بأي خطأ من أي نوع في حق السجين مهما كانت تهمته، وتصويب الخطأ سيحصل بقسوة هذه المرة ضمن سقف القانون”. كما رفض اتهامات وجهت الى وزير العدل أشرف ريفي بتسريب الاشرطة. وفي خطوة اكتسبت دلالة بارزة قام مدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري مساء بزيارة للوزير المشنوق وأكد له دعم الرئيس سعد الحريري و”تيار المستقبل” له في موقفه من هذه القضية.
اجتماع السرايا… وريفي
ولعل اللافت في هذا السياق، كان تشبيه وزير العدل اللواء ريفي اتهامه بتسريب شريطي الفيديو اللذين يظهران التعرض بالضرب لعدد من نزلاء سجن روميه واعادته الى التنافس مع وزير الداخلية نهاد المشنوق بـ” قصة أبو عدس” وقال: “هناك من يرتكب الجريمة، ويقول إن أبو عدس هو من ارتكبها، واليوم هناك من وزّع أربعة فيديوات، وليس فقط اثنين – وهو فريق واحد، وهذا ما سيصل اليه التحقيق تماماً ليقول إنه خلاف نهاد المشنوق وأشرف ريفي، إنها فعلاً كقصّة أبو عدس”.
وفي حديث الى “النهار” بعد الاجتماع الذي رأسه الرئيس سلام وحضره وزير الداخلية والمدعي العام التمييزي والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابرهيم بصبوص، صرح ريفي: “ان أربعة أفلام سرّبت بالأمس، وليس فقط اثنان: فيلمان لمقاتليْن من حزب الله يعذّبان أناساً سنّة على الجبهة – والأرجح في القلمون – اضافة الى فيلميْ سجن رومية، وذلك من أجل التجييش. وتلاحقت الحملة بشكل أرادوا فيه إظهار الأمور وكأن هناك صراعاً بيني وبين الوزير نهاد المشنوق، ولسنا لا أنا ولا هو في هذا الصغر أو الخفّة. الأمور أكبر من ذلك”.
وحمّل وزير العدل مسؤولية تسريب الفيديوات الأربعة لـ”جهة واحدة هي حزب الله وماكينته”. وقال: “إن حزب الله وراء هذه الحملة. فهو بعدما عطّل الحكومة، يريد زرع الشقاق داخل الفريق الواحد، والهدف واضح ضرب الاعتدال السنّي، وضعضعته”.
وبرزت في اطار ردود الفعل الواسعة التي أثارتها هذه القضية تفاعلات نيابية، فطالب النائب مروان حماده بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية تضع يدها على الحادث وعلى أوضاع سائر السجون اللبنانية” بما فيها سجون وزارة الدفاع والامن العام وغيرها من السجون الرسمية وغير الرسمية الحزبية وغير الحزبية التي حولت لبنان الى نقيض ما عملنا من أجله على مدى عقود”. كما طالب رئيس لجنة حقوق الانسان النائب ميشال موسى بجلسة استثنائية لمجلس النواب من اجل مناقشة واقرار اقتراح الهيئة الوطنية لمناهضة التعذيب تطبيقا للاتفاقات الدولية التي وقعها لبنان. ودعا النائب سمير الجسر الى ادراج اقتراحه المتعلق بتحريم التعذيب في اطار تشريع الضرورة.
ولم تقتصر الردود على الاطار المحلي، إذ أبدت المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ “قلقها من التقارير الاخيرة في شأن خروق حقوق الانسان في سجن رومية”، وشددت على أهمية الاجراءات الفورية التي اتخذها كل من وزيري الداخلية والعدل لمعالجة ادعاءات الايذاء بما فيها فتح التحقيق الجنائي. وأكدت دعمها للحكومة اللبنانية لانهاء ظاهرة الافلات من العقوبة واستعداد الامم المتحدة لمساعدة لبنان في الوفاء بالتزاماته القانونية كدولة طرف في عدد من الاتفاقات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان.

السابق
توقيف ضابط سوري منشق و5 أشخاص آخرين
التالي
لبنان اجتاز «قطوع» انتفاضة سنية لأن وزير الداخلية سني ومن تيار المستقبل