هل يفرض «حزب الله» عون رئيساً بانقلاب يُذكِّر بالعام 82؟!

رلى موفق

ما سمعه وفد «المجلس العالمي لثورة الأرز» من الخارجية الأميركية يعكس استمرار الرهان على قدرة الجيش في دحر التنظيمات المتطرفة

سمع وفد «المجلس العالمي لثورة الأرز»، الذي ضمّ طوم حرب وجان حجار خلال لقائه مسؤولين في مكتب لبنان في الخارجية الأميركية، كلاماً واضحاً حول قرار الإدارة الأميركية بدعم الجيش اللبناني في حمايته للحدود اللبنانية الشرقية – الشمالية ومعركته في مواجهة أي خطر لتمدّد التنظيمات المتطرّفة، وهو دعم لا يقتصر على تزويده بالمساعدات العسكرية والأسلحة المتطورة والتنسيق الاستخباراتي واللوجستي فحسب، بل سيتعداه إلى مساندته بطيران التحالف الدولي إذا تعرّض الجيش لهجوم من «داعش»، الذي يتواجد راهناً على الأطراف الشرقية – الجنوبية لمحافظة حمص. ولمس تقييماً مختلفاً للجيش اللبناني في قدرته القتالية وتماسكه على نقيض التقييم الأميركي للجيش العراقي الذي يفتقد إلى العقيدة القتالية، والتي تبدّت بشكل جليّ أخيراً، خلال انسحابه من مدينة الرمادي وتسليمه المنطقة لتنظيم «الدولة الإسلامية»، تماماً كما حصل في الموصل في حزيران من العام الفائت. هذا التقييم الإيجابي يعكس رهاناً على قدرة الجيش اللبناني على دحر التنظيمات المتطرّفة من جهة، كما يعكس استمرار الغطاء الدولي والإقليمي لحماية لبنان من تحوله ساحة عسكرية تضاف إلى ساحات الصراع المفتوحة في الإقليم، من جهة أخرى.
المناخ حول الحاضنة العربية والدولية للبنان عكسته زيارة رئيس الحكومة تمام سلام إلى مقر قيادة الجيش والتي جاءت بُعيد زيارته المملكة العربية السعودية الماضية لتأكيد السير قدماً في تعزيز قدرات الجيش اللبناني وتأمين الدعم السياسي والمعنوي إلى جانب الدعم العسكري لدرء الخطر عن لبنان في ظل انفلات الساحة السورية وانفلاش «داعش» في الوسط، واحتمال تمدده في اتجاه حمص وصولاً إلى الحدود مع الهرمل ووداي خالد، وسط  حال من التقهقر التي تصيب قوات النظام ومخاوف من انهيار مفاجئ للنظام، فيما التسوية السياسية مسدودة الأفق. والانطباع الذي ساد بعد زيارة الرئيس سلام لغرفة العمليات واطلاعه على الإمكانات التقنية للجيش في التحكم والمراقبة لما يجري على الحدود، واستماعه إلى شروحات وافية حول التحصينات لمواجهة أي خطر، بأن القوى العسكرية النظامية لديها الجهوزية والقدرة على التعامل مع التحديات مهما عظمت ما دامت المؤسسة العسكرية تحظى بالغطاء السياسي، ولديها الحكمة والدراية في التعامل مع المعطيات على الأرض آخذاً بعين الاعتبار الوقائع السياسية والجغرافية والديموغرافية والحساسيات التي يمكن ان تنشأ نتيجة أجواء الانقسام العامودي الذي تشهده البلاد.رلى موفق
وإذا كانت تلك الزيارة قد حملت مؤشرات واضحة تدعم قائد الجيش العماد جان قهوجي، في وقت تتعرض فيه قيادة الجيش لحملة سياسية من «التيار الوطني الحرّ» للضغط على مجلس الوزراء لتعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش قبل أن يحين موعد إحالته إلى التقاعد، فإن ثمة اقتناعاً راسخاً لدى جهات مطلعة بأن المساس أو تعريض المؤسسة العسكرية لأي اهتزاز في المرحلة الراهنة هو خط أحمر، ليس داخلياً فقط من قبل بعض المكونات السياسية، بل إقليمياً ودولياً، ولا سيما أميركياً، ما يعني أن الحلول التي يجري العمل عليها بغية إخراج مجلس الوزراء من حال الشلل الذي أصابه مع اشتراط «التيار الوطني الحر» أن يكون البند المتعلق بالتعيينات العسكرية على رأس جدول الأعمال قبل البت بأي بند آخر، ستكون من الصعوبة بمكان أن تؤدي إلى تسويات أو قرارات تعرّض المؤسسة العسكرية لضربة معنوية أو إضعاف لها. ولا بد تالياً من أن تذهب المعالجات في إطار آخر، وإن احتاجت بعضاً من الوقت، هو في رأي أوساط مطلعة، وقت مستقطع ما دامت الحركة الداخلية والإقليمية والدولية تسير على توقيت موعد انتهاء مفاوضات الملف النووي الإيراني في الثلاثين من الشهر الجاري.
وإذا كانت المعلومات المتوافرة، لدى أكثر من جهة متابعة، توحي بأن المفاوضات المتعثرة حول بندي التفتيش للمواقع العسكرية وآلية رفع العقوبات مرشحة لفترة سماح جديدة لبضعة أسابيع، وهي فترة سيسعى فيها كل طرف من الأطراف إلى تحسين موقعه وأوراقه على مختلف الساحات، فإن الأزمة اللبنانية، التي تتمثل بانتخاب رئيس للجمهورية، تشكل إحدى الأوراق في يدّ إيران، وستبقى معلقة إلى أن يحين وقت المقايضات في الملفات الإقليمية المرتبطة التي تشكل طهران لاعباً أساسياً فيها، ولن يكون من مصلحتها، ومن ورائها حلفائها، أن تسقط الحكومة أو تتحول إلى حكومة عاجزة غير قادرة على إدارة البلاد بالحد الأدنى، وما يمكن أن ينتج عنه من تحديات اقتصادية واجتماعية، ولا سيما أن هذه الحكومة تشكّل، أكثر من أي وقت مضى، حاجة لـ «حزب الله»، وهو الذي يواجه صعوبات وتحولات كبرى في قتاله في سوريا ويخوض بشكل شرس ومستميت معركة القلمون في إطار الحفاظ على ما يتم وصفه بـ «سوريا المفيدة له ولإيران» والممتدة من الساحل السوري إلى حمص ربطاً بالحدود اللبنانية وحماية العاصمة دمشق.
على أن هذه القراءة لا تخفي قلقاً لدى جهات سياسية على معرفة ويقين بعقلية «حزب الله» ومنهجية تفكيره، من أن يرتد الحزب إلى الداخل اللبناني في محاولة للإطباق على البلاد، في لحظة استشعاره بتبدّل المشهد السوري وما يمكن أن يُشكّل له هزيمة سياسية وعسكرية، وقيامه بما يشبه الانقلاب، وإن كان من الصعب التكهن بطبيعة هذا الانقلاب وحدوده، والذي يمكن أن يأخذ شكل الانقلاب العسكري أو الضغوطات الأمنية وصولاً إلى الانقلاب السياسي عبر فرض انتخابات رئاسة للجمهورية، على الطريقة التي آلت في العام 1982 بالإتيان ببشير الجميل رئيساً للجمهورية!. وهو قلق يتزايد في ظل اقتناع بأن شغف العماد عون برئاسة الجمهورية بأي ثمن قد يقوده من جديد إلى المغامرة والمقامرة بالبلاد، على غرار ما عاشه لبنان في العام 1988 وحتى الإطاحة به من قصر بعبدا في الثالث والعشرين من تشرين الأول عام 1990!

(اللواء)

السابق
بالصور: أرسل لها نصف الأشياء بعد أن تركته
التالي
«حزب الله» و«شرق أوسط الخامنئي»