أم حزينة لنصرالله: لنا دم طاهر عندكم «موت واحد» من اليرموك إلى بيروت

كتبت صحيفة “المستقبل” تقول : لن يعود الطفل مُنير حزينة إلى بلاده ثانية ولن يحلم بعد اليوم بحديقة صغيرة يلهو بها هرباً من ضجيج الناس وأصوات الرصاص بعدما قضت رصاصة “طائشة” على طفولته وأحلامه الصغيرة وجّهها عناصر من “حزب الله” إلى رأسه الطريّ أثناء تشييعها عدداً من القتلى كانوا سقطوا في القلمون في منطقة الغبيري.
يُمعن “حزب الله” في زرع القتل في كل مكان بحيث لم يعد هناك مكان آمن يُمكن اللجوء اليه بعدما حوّل كل الأمكنة إلى برك من الدماء. لا وجهة مُحدّدة لرصاصه، فكل الوجهات أضحت ملكاً له، وكل الأجساد تحوّلت بدورها إلى هدف قاتل من أهدافه المُنتشرة على طول خط الموت الواحد من اليرموك الى بيروت، وآخر أهداف الحزب منير ابن السنوات البريئة الخمس الذي قابل رصاصة اخترقت رأسه بابتسامة أخيرة رسمها على ثغره وهو ينظر إلى شقيقته قبل أن يسقط من على أرجوحة العمر.
عند الخامسة من فجر يوم أمس ومن داخل غرفة العناية الفائقة في مستشفى “المقاصد” خرج خبر وفاة بل مقتل الطفل مُنير بعد أسبوع أمضاه بين الحياة والموت الى أن نال الأخير منه. خبر نزل كالصاعقة على العائلة التي كانت تنتظر خروج أحد الأطبّاء أو المُمرّضين ليزّف اليهم خبراً عن طفل قرّرت رصاصات الحقد أن تُبقيه في غيبوبته لكن هذه المرّة ستكون الغيبوبة أبديّة وسيطول فيها مشوار مُنير إلى أن يقف ذات يوم وجهاً لوجه مع قاتله ويسأله عن سبب حرمانه من حضن أمّه وعطف والده وضحكات شقيقتيه وهما تلحقان به داخل منزل صغير ما زال شاهداً على أحلامه الكثيرة.
جموع غفيرة وغاضبة واكبت لحظات شيوع خبر موت مُنير عند مدخل مستشفى “المقاصد” وداخل مُخيّم “شاتيلا” حيث منزل أهل الطفل. هي لحظات أمام جُثة الطفل المُمدّة على السرير قبل نقله إلى “برّاد” المشفى تختصر لوعة عائلة خُطف منها وحيدها في غفلة من الزمن على يد أشخاص أصبحوا يمتهنون القتل ويزرعون الرعب والخوف على الطرقات. والدة مفجوعة تُخبر من وقف حولها عن رصاصة “مقاومة” أنهت حياة منير وتتمنّى لو كان للرصاصة عيون لترى فيها بسمة طفلها والبراءة التي تسكن في عيونه عندها لارتّدت إلى أصحابها وسكنت قلوبهم بدل أن تُطفئ سنوات خمس من “ابن عمرها”.
لم يُكلّف مسؤول في “حزب الله” عناء نفسه ويتّصل بعائلة مُنير ليطمئّن عن حالته. تقول الوالدة “كنت انتظر اعتذاراً منهم، لكن اليوم ما عدت انتظر شيئاً. قتلوا طفلي الله يقتلهم ويحرق قلب أمهاتهم وأنا واثقة بأن مُنير سيشهد عليهم يوم القيامة تماماً كما هُناك العشرات من مُنير قُتلوا على أيدي الجهة ذاتها. يا سيد حسن لنا دم طاهر عندكم، فهل ستأخذ لنا حقّنا من قاتل ينتمي إلى حزبك، ام أفوّض أمري لله وهو سيحكم بيني وبينكم يوم الآخرة؟” لتعود بعدها وتسأل عن دولة “لم تستطع حتّى اليوم ردع مُسلّحين يسترخصون دماء الأبرياء وحملتهم نشوة امتلاكهم للسلاح على توجيه رصاصهم إلى رؤوس الأطفال”.
أصوات الاستنكار وصيحات “الله أكبر” كانت تعلو بين وقت وآخر خارج باحة منزل العائلة والتي تحّولت الى مكان لاستقبال المُعزّين. اتّهامات مٌتعدّدة ومتنوّعة وُجّهت إلى “حزب الله” وقيادته والى النظام السوري ورئيسه من ضمنها صرخة “القاتل واحد من اليرموك إلى بيروت”. إمرأة عجوز تصل الى عتبة الدار وتصرخ “إذا هني بدهم يموتوا هم أحرار، بس شو دخل الناس والأطفال، الله لا يوفقهم هرب من الموت بسوريا لحقوه لهون”. وفي المُخيّم أيضاً تحوّل سلاح الحزب بنظر السُكّان إلى سكيّن يذبح الأبرياء والبعض ندّد بصوت عالٍ بالممارسات التي يرتكبها أصحاب هذا السلاح داخل جميع المخّيمات في لبنان. ويقول زوج عمّة الطفل مُنير “الهيئة الجماعة اتفقوا مع إسرائيل على قتلنا”.
جلس مازن حزينة والد الطفل مُنير والى جانبه عدد من أقاربه وأبناء المُخيّم. ملامح أثقلتها هموم أيّام مرّت كأنّها زمن بحاله مع جسد بدت ملامح مُنير محفورة فيه: “لن أسامح بدم ابني وسوف آخذ بثأره حتّى لو كلّفني حياتي”. يبكي رافعاً رأسه إلى السماء، يُناجي ربّه غير مُصدّق أن مُنير رحل ولن يعود ثانية، وفي لحظة مجبولة بالألم يستعيد ذكريات طفله من “اليرموك” إلى بيروت. “سامحني يا بابا ما قدرت آخدك ونسافر برّات لبنان وسوريا”. ويعد الأب طفله بتحقيق أمنية لطالما حلم بها “سيكون لك حديقة بالسماء، ستلعب بها مع رفاقك الشهداء بعيداً عن ضجيج تكرهه وعن صوت رصاص كان يُحاصرنا وكُنت تخشى أن يُصيبك فتلجأ لتحتمي منه في أحضاني”.
“ابني وطفلي ونور عيوني مُنير، اليوم تُغادر هذه الدنيا للقاء ربك وإن سألك عن هويّة قاتلك قل له، إن مجموعة سرقت اسمه قتلتك”.

السابق
حزب الله قتل 3 قياديين من «داعش» في جرود عرسال بعد رصدهم من طائرة استطلاع
التالي
أزمة داخل 8 آذار .. وانتفاضة للهيئات الإقتصادية الخميس