الشيوعي يقاتل تحت راية «حزب الله»!

قرر الحزب الشيوعي اللبناني المشاركة في قتال التكفيريين في منطقة جرود عرسال والقلمون والمناطق المتاخمة لرأس العين والقرى المحيطة بها. أعلنها أمينه العام خالد حدادة صراحة في لقاء مع محازبيه في المنطقة، بأن الحزب سيقاوم اي اعتداء على أرضنا خلف الجيش والى جانب كل المقاومين في هذا البلد. وتحدث الحزب عن نشاط سياسي يقوم به لتعزيز صمود الأهالي في منطقة عرسال والبقاع الشمالي، والحض على الدفاع عن الارض في مواجهة اي اعتداء.

 

بادر الحزب الشيوعي الى جمع عدد من محازبيه ونشرهم على محاور القتال في الجرود، ولم يتعد عددهم وفق مصادر حزبية الـ70 مقاتلاً ينسقون مع “حزب الله” الذي يحدد مواقع انتشارهم ودورهم، باعتبار ان الحزب الشيوعي غير قادر على التعبئة والحشد ولا يملك قوة قتالية شبيهة بأيام الحرب الأهلية، وهو لم يستطع التعبئة بسبب الأزمات التي يعانيها وانفراط عقد منظمات حزبية تابعة له في مناطق عدة والتحاقها بقوى أهلية وسياسية مختلفة، بالإضافة الى الخلافات الداخلية حول دور الحزب واعادة تموضعه السياسي بين القوى السياسية والطائفية في البلد.
ويسأل أحد قياديي الحزب المعترضين على المشاركة عن جدواها في هذه المرحلة، كون الحزب ليس قوة عسكرية اليوم، وهو لا يستطيع مجاراة قوى متمرسة في القتال، بالإضافة الى إضطراره للإنخراط في المعركة تحت راية “حزب الله” ما يرتب أخطاراً على مناصريه في مناطق عدة ذات سيطرة طائفية ومذهبية ومختلفة. ويضيف القيادي الشيوعي أن تبرير المشاركة لحماية الحدود من الخطر التكفيري غير مقنعة، لأنها تجر الحزب الى انخراطه في الصراع الأهلي الطائفي في البلد، اذا أخذت الامور منحى تصعيديا داخلياً، وبالتالي يذهب الحزب ومناصروه “فرق عملة” وفق تعبيره. والحصيلة ان الحزب سيقدم خسائر ولا يحصد شيئاً في السياسة وفي الاستقطاب الجماهيري، وهذا ما أثبتته تجارب سابقة أدت الى إخراج الحزب الشيوعي من مناطق ذات صفاء طائفي عند استحقاقات معينة.

 
وإذ يؤكد قيادي آخر محسوب على قيادة الحزب الرسمية، انه تقررت المشاركة في القتال لحماية القرى الحدودية وان العشرات من مقاتلي الحزب ينتشرون في بعض المواقع في الجرود، وآخرون داخل القرى، يعتبر ان المشاركة لا بد نها، “وحتى لو اضطررنا الى الانخراط أبعد من ذلك، سنسعى الى استعادة دورنا المقاوم، لكن هذه المرة ضد الخطر التكفيري”، نافيا” في الوقت ذاته ان يكون للحزب معسكرات تدريب كبرى في الداخل، وأن الأمر يقتصر على تدريبات في بقع محدودة وبالتنسيق مع أطراف سياسية وأهلية فاعلة، الى مقاتلين سابقين مدربين على المعارك، يشرفون على إعادة هيكلة القوة العسكرية للحزب.
لم يعد سراً اذاً، مشاركة الحزب الشيوعي في القتال او على الأقل في الدعم الخلفي لمقاتلي حزب الله، اذا استطاع فعلاً ان يحشد مقاتلين تحت عنوان مقاومة جديدة اختلفت عن مقاومته السابقة للاحتلال الاسرائيلي. لكن ماذا عن رصيد الحزب الشيوعي ودوره وموقعه؟ وما الذي سيجنيه سياسياً في البلد؟ هو يعتبر وفق أحد مسؤوليه انها معركة وطنية ومحاولة لإعادة استنهاض الشيوعيين، في الوقت الذي كان منع الحزب الشيوعي، وهو أحد طرفين كانا أطلقا المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الاسرائيلي مع منظمة العمل الشيوعي في 16 أيلول من العام 1982، منع من استكمال مهمته في مقاومة الاحتلال التي لزمت للمقاومة الاسلامية التابعة لـ”حزب الله”، وحاول مراراً ان يخرق الحصار الذي فرض عليه، من دون أن يتمكن من تنفيذ عمليات عسكرية تحت اسم المقاومة الوطنية، الى ان انخرط بعض عناصره تحت راية “سرايا المقاومة”، ومنذ ذلك الوقت وقع في أزمات عديدة ولم يتمكن بتحالفه مع “حزب الله” أو اي طرف آخر من إيصال نائب واحد الى البرلمان، فهل يستطيع اليوم أن يكسب موقعاً في المعادلة السياسية الجديدة القائمة والموزعة بين الطوائف؟
ويذكر قيادي شيوعي سابق ان الحزب وبعد العام 1982، انخرط في حربين أهليتين طائفيتين، ودفع جرائهما كلفة باهظة. الاولى عندما شارك النظام السوري والأحزاب في حصار طرابلس التي لجأ اليها ياسر عرفات في 1983، ومحاولة اقتحامها ضد الحركات الاسلامية، فدفع ثمناً باهظاً من قاعدته وشهداء، أدت الى إخراجه من المدينة، والثانية عندما انخرط طرفاً في 1987 في المعركة بين الحزب التقدمي الاشتراكي “وحركة أمل” في بيروت الغربية أنذاك، فقدم شهداء وقياديين قتلوا على أيدي أطراف أهلية، وعندها عاد الجيش السوري الى بيروت بعد نداء من شخصياتها ورجال الدين.
منذ ذلك الوقت، والحزب الشيوعي يعاني وينزف وينقسم، فهل قتاله تحت راية “حزب الله” اليوم في جرود عرسال والسلسلة الشرقية، محاولة لاستعادة بعض أمجاده؟ سؤال برسم الحزب الذي يختنق أهلياً ولا يراجع حساباته يوماً!

(النهار)

السابق
كوريا الجنوبية اعلنت الوفاة ال24 بفيروس كورونا
التالي
هذه هي الحيلة التي صاد بها رامز جلال ضحاياه لهذا العام