معترضون مسيحيون ومسلمون على دخول تمثال «فاطيما» إلى البرلمان

زيارة قصيرة للقديسة والشفيعة سيدة البرتغال إلى لبنان، الزيارة الدينية التي ترافقت مع الصلوات وطلب النجاة انتهت بإدخال «فاطيما» إلى البرلمان. إلاّ أنّ هذا التصرف وصفه كثيرون بأنّه تصرف غير مسؤول لما يدلّ على الخلط بين الدين والدولة. ومن بين المعترضين النائب عماد الحوت، الأب جورج مسوح، والصحافي كمال ريشة الذين شرحوا وجهة نظرهم في اتصال مع «جنوبية».

غادرت السيدة فاطيما الأراضي اللبنانية بعد زيارة كان من المفضّل أن تبقى ضمن إطارها الديني، إلاّ أنّ إختتام رحلتها جاء بإدخال تمثال سيّدة البرتغال الى المجلس النيابي. ميشال موسى، أنطوان زهرا، ابراهيم كنعان وحكمت ديب أربعة نواب استقبلوا العذراء في البرلمان المهجور من نوابه المسيحيين منذ أكثر من عام، طالبين منها التضرع من أجل موقع رئاسة الجمهورية الفارغ، مؤمنين أنّ العذراء هي خشبة الخلاص لإنهاء أزمة لبنان.

هذه الخطوة الشعبوية لاقت اعتراضاً واسعاً شعبياً وسياسياً من قلب البيت المسيحي، استناداً إلى مقولة يسوع المسيح في الإنجيل «أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله»

ولكن هل نسي النواب المسيحيون تحديداً أنّهم مسؤولون عن الفراغ في سدّة الرئاسة الأولى، وهم أنفسهم من يعطلون جلسات انتخاب رئيس الجمهورية بعدم حضورهم البرلمان؟ هذا الخلط بين الدين والسياسة الذي وقع به المسيحيون، ما هو إلاّ دليل على الإحباط الذي وصل إليه مسيحيو لبنان برمي أخطائهم إلى السيدة العذراء طالبين منها أعجوبة لملئ الفراغ الرئاسي، على الرغم من أنّ انتخاب رئيس لا يتطلب أعجوبة بل حوار وإتفاق ونزول الى المجلس النيابي فقط.

هذه الخطوة الشعبوية لاقت اعتراضاً واسعاً شعبي وسياسي من قلب البيت المسيحي، استناداً إلى مقولة يسوع المسيح في الإنجيل «أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله». ومن بين المعترضين على الخلط بين الدين والسياسة مدير مركز الدراسات المسيحية -الاسلامية في جامعة البلمند الاب جورج مسوح، الذي علّق على الحدث في اتصال مع «جنوبية» بالقول أنّ «المسيحيين جنّوا» لأنّ «السيدة العذراء لا تصلي من أجل قيصر روما أو رئيس جمهورية لبنان، بل تصلي من أجل السلام والمضطهدين والفقراء… ومن المعيب الإنحدار إلى هذا المستوى واستغلال رمز الطهارة من أجل تحقيق مآرب سياسية».

من المعيب الإنحدار إلى هذا المستوى واستغلال رمز الطهارة من أجل تحقيق مآرب سياسية

وتابع مسوح: «تمثال العذراء مكانه الكنائس والمعابد وليس في الطرقات والمظاهرات والبرلمان، فنحن نسعى إلى فصل الدين عن الدولة فصلاً تاماً وتحقيق العدالة والمواطنة، وهناك مجموعة من اللبنانيين مصرّين على إقحام الدين بالسياسة».
كثير من المحللين والمراقبين ربطوا إدخال تمثال العذراء إلى مجلس النواب بالإحباط وخيبة الأمل التي تسيطر على الشارع المسيحي، إلاّ أنّ الأب جورج مسوح رأى أنّ «الوضع الطائفي الذي يسيطر على لبنان، وعلى المسيحيين منذ مئة عام جعلهم يعتقدون أنّ الطائفة والدين هو من يحميهم».
ورأى مسوح أنّ «الإحباط الحقيقي هو في سقوط الدولة المدنية»، وقال «أنا كمسيحي مؤمن بالله والكنيسة أدعو إلى المواطنة واحترام حقوق المرأة والطفل والنازحين… ولا يهمني إن كان رئيس الجمهورية ماروني أم لا، ولا أريد وزير أو نائب مسيحي، أريد رئيساً ووزيراً ونائباً يؤمّن لي حياة كريمة، ينهي الفساد المستشري في الدولة، يؤمّن الكهرباء والماء والطبابة وضمان الشيخوخة.. لذلك على المسيحيين أن يعودوا إلى صوابهم».

الإحباط الحقيقي هو في سقوط الدولة المدنية، وأنا كمسيحي مؤمن بالله والكنيسة أدعوا إلى المواطنة واحترام حقوق المرأة والطفل والنازحين

أمّا النائب عماد الحوت فقد رأى في اتصال مع «جنوبية» أنّ «الخلط بين الدين والسياسة في لبنان يتجه في مسار خاطئ» وأضاف «مع احترامي وتقديري للتمثال وما يمثل، إلا أنّ ما حدث في مجلس النواب من الممكن أن يفتح باب عند طوائف أخرى يصعب قفله بعد ذلك، لذلك كان الأمثل على المسيحيين أن يمارسوا معتقداتهم في الكنائس والمعابد وليس في مجلس النواب».

وفي السياق نفسه رأى الصحافي كمال ريشة في حديث لـ «جنوبية» أنّ «مجلس النواب هو مكان مدني وليس صرح ديني، لذلك فإن القيّمين على هذا العمل هم غير مسؤولين حتّى عن تصرفاتهم» وتابع «كان من المفترض على رئيس مجلس النواب أن لا يسمح بإدخال التمثال إلى مجلس. لأنّ هذه السابقة ممكن أن تفسح المجال أمام ظواهر دينية أخرى في المجلس، فبدل أن نعلمن الدولة أكثر بفعلهم هذا نتجه إلى دولة دينية».

لو صلّوا من أجل “قدرة عجائبية” تقنع ميشال عون بانتخاب رئيس للجمهورية، يكونون بذلك قد حققوا الهدف أكثر

وختم ريشة «لو أخذوا التمثال وجالوا به على الجهات المعطلة في الرابية وحارة حريك، وصلّوا من أجل “قدرة عجائبية” تقنع ميشال عون بانتخاب رئيس للجمهورية، يكونوا بذلك قد حققوا الهدف أكثر».

تمثال العذراء في جزين

السابق
مغرّدون يدعمون تحرّك الشيعة المستقلين بوسم #لا_للتخوين
التالي
هكذا يستقبل السياسيون اللبنانيون رمضان وهذه ذكرياتهم