الصواريخ الفرنسية للجيش.. «غير مطابقة»!

كتبت صحيفة “السفير” تقول : عشية بدء شهر رمضان، يستمر لبنان في “صيامه” عن انتخاب رئيس للجمهورية، لليوم التاسع والثمانين بعد الثلاثمئة على التوالي.
أما على مستوى مأزق الشلل الحكومي فإن “التروّي” سيبقى سيد الموقف في الوقت الحاضر ـ كما أكد الرئيس نبيه بري امام زواره أمس ـ الى حين أن يقرر الرئيس تمام سلام الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء، بعدما يكون قد أنهى مشاوراته السياسية، وبنى على الشيء مقتضاه.

 
وفي الانتظار، يواصل الجيش السعي بكل الوسائل الى تأمين مستلزمات المعركة التي يخوضها ضد الإرهاب، لاسيما أن هبتي الاربعة مليارات السعودية (مليار دولار+ ثلاثة مليارات) اللتين بنيت عليهما آمال كثيرة وكبيرة لا تزالان تتأرجحان بين مدّ وجزر، وسط تعقيدات تختلط فيها العوامل الشخصية والمالية والإدارية والسياسية.
ويبدو واضحاً أن الجيش يستند بشكل أساسي في هذه المرحلة الى الإمدادات العسكرية الأميركية التي ارتفع منسوبها مؤخراً، وإن بقيت عموما دون مستوى تلبية كل الاحتياجات التي تتطلبها المواجهة ضد الارهاب.

 
وإذا كان يفترض بالفرنسيين ان يؤدوا دورا أساسيا في تسليح الجيش، على قاعدة هبة الثلاثة مليارات، إلا ان مساهمتهم لا تزال مخيبة للآمال، بعدما اقتصرت حتى الآن على دفعة صواريخ الـ “ميلان” البالغ عددها 47 صاروخا التي ارسلتها باريس قبل فترة قصيرة الى الجيش وسُددت كلفتها من ضمن مبلغ 600 مليون دولار صرفتها الرياض من أصل القيمة الاجمالية للهبة.

 
يومها، تولى وزير الدفاع الفرنسي الاشراف شخصيا على عملية تسليم دفعة السلاح الى الجيش في بيروت، وسط أجواء احتفالية، ليتضح لاحقا ان ما جرى لم يتعد حدود الاستعراض الفرنسي الذي لم يستطع التمويه على الحقيقة، وهي ان صواريخ الـ”ميلان” التي تسلّمها الجيش قديمة العهد، وقد تم احضارها، على عجل، من المستودعات، لتواكب زيارة الوزير الفرنسي الى لبنان.
وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ”السفير” إن لديها معطيات تفيد بأن “الرطوبة” تسرّبت الى بعض هذه الصواريخ، وأن عددا منها قد يكون غير صالح للاستعمال، موضحة ان للجيش الحق في استبدال الصواريخ المشكو منها بأخرى “مطابقة للمواصفات”.
لكن مصادر فرنسية مواكبة لملف تسليح الجيش أكدت لـ”السفير” ان صواريخ الـ”ميلان” التي سُلِّمت الى لبنان نُقلت من مخازن الجيش الفرنسي، ومن غير الممكن ان تكون معطوبة، لافتة الانتباه الى انه في أسوأ الاحتمالات ربما يكون هناك نقص أو خلل ما في الجانب المتعلق بالتجهيز، وليس في الصواريخ بحد ذاتها.
وفي كل الحالات، فإن السؤال المطروح هو: هل ان هذه الدفعة الفرنسية من السلاح تشكّل بالفعل قيمة مضافة للجيش ام انها لا تقدم ولا تؤخر؟
ولعل السؤال الأكبر هو: أين أصبحت الترجمة العملية للهبة السعودية عبر القناة الفرنسية، ولماذا التأخير المريب في تحويلها الى سلاح برغم الحاجة الملحّة اليه في هذا التوقيت، وهل العقدة تكمن في الرياض ام في باريس ام في بيروت او في هذه العواصم مجتمعة؟
كان الجيش قد أنجز من جهته كل المطلوب منه لجهة تحديد احتياجاته من السلاح، وترتيب آلية تسلّمه ضمن أقصى معايير الشفافية، بعدما تمّ تشكيل 10 لجان متخصصة، تضم كل منها 10 ضباط، لمتابعة هذا الملف.
في المقابل، يبدو ان هناك “حلقة مفقودة” في مكان ما على خط الرياض – بيروت – باريس، ولعل غياب “رمزي” الهبة في اللحظة السياسية لإقرارها (الملك الراحل عبدالله والرئيس المنتهية ولايته ميشال سليمان) ساهم في تطيير او تجميد المليارات السعودية، فيما يعتبر المقرّبون من الرياض ان الهبة التي تقررت بإرادة ملكية لا تسقط مع تغيير الاشخاص، وأن تنفيذها مسألة وقت.
وأبعد من هذا التفسير او ذاك، لا تُسقط أوساط سياسية من حسابها الحرب السعودية على اليمن التي ربما دفعت في اتجاه حصول تبدّل في اولويات القيادة السعودية الجديدة ومزاجها السياسي، بحيث تراجعت الحماسة للهبة وتقدمت حسابات من نوع آخر، تتصل من جهة بكلفة حرب اليمن، ومن جهة أخرى برد الفعل على المواقف التي أطلقها الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله ضد الرياض.

السابق
كارثة بيئيّة محقّقة بعد 17 تموز: لبنان يغرق بنفاياته ويتحوّل كلّه مكبّاً
التالي
«النصرة» تهاجم حضر الدرزية في القنيطرة والأهالي استردوا أجزاء من تلال البلدة جنبلاط الى الأردن وأبو فاعور الى جدة وإرسلان ينتقد الضمانات الجنبلاطية