لبنان يتجه نحو الإنهيار النفسي بعد الإقتصادي والأمنيّ

لبنان
يواجه الشعب اللبناني الاهوال نتيجة الصراعات على أرضه وعلى أرض جيرانه السوريين خاصة المذابح التي يرتكبها الارهابيون والنظام معا بحق الابرياء، فما هو مصير هؤلاء الافراد؟ وما هو مستقبل الشخصية العربية عامة واللبنانية خاصة بعد خمس سنوات من الصراع الدامي؟

هل يدري المنظروّن لفكرة صوابية الحرب سلبيات انتشار هذه الأفكار على الجيل الحالي والجيل الذي سيليه؟ حالة من اللاسلم تسيطر على حياتنا وحياة مجتمعنا واللاستقرار في محيط بات متخبطا بالصراعات والمعارك.

لست هنا بصدد تقييم المواقف السياسية لأي معركة او جبهة.. لكن إنظروا ما حدث لنا منذ 1400 سنة حيث لا زلنا نقدّس فكرة القتل والموت لغايات خارجة عن إرادتنا، ونحتفل بهذا الموت بإحتفاليات مضخمّة ومُبالغ فيها. لماذا؟

هل كُتب على أبناء الشرق المتوسط الشرق، الأجمل مناخيّا، وموقعا، وتاريخا، وتراثا، ان يعيش كل أنواع الحروب والمعارك؟

هل كُتب على الأجيال تلو الأجيال الخوض بحروب لا طائل منها الا السيطرة؟ هل كُتب على مجتمعنا الخسارات؟ الخسارات المستنزِفة لقدراتنا وتبخيسها أمام فكرة الموت؟

أيّ إله يرضى بهذه الافكار السوداوية؟ أيّ إله يطلب منها الفداء دوما الى ما لانهاية؟

ليست حضارات المتوسط بحضارات الإجرام والقتل، بل حضارات السلم وان كانت دخلت عليها الغدة السرطانيّة التي حولت أجمل بقعة في العالم الى بقعة دمار وتهجير.. فكل عقائد المتوسط هي عقائد وسطيّة تقبل بالشريك وبالسلام، فكيف صرنا معقل القتل والدماروالمجازر والذبح والسحل والإغتصاب؟

اعتقد ان حالتنا سوداوية لدرجة يمكن استشفاف أجواء عيادات الأطباء حيث المرضى بالعشرات، والكل يعاني الأعراض نفسها.

والعلاج هو بيد الذين يضعون أيديهم على ملفاتنا، ويقررون مصائرنا سواء بالسلام او بالدمار.

فأن يصل 95 في المئة من سكان الأرض الى وصف صحتهم باللاجيدة. وان يعاني الثلث منهم تقريبا من ما يزيد عن خمسة أمراض في وقت واحد بحسب دراسة علمية لجامعة «واشنطن». لهوَ بكارثة.

اما في بلادنا، فينتشر مرض السكري بشكل مخيف الذي غالبا ما ينجم عن الخوف، والخوف من النزاعات العسكرية، التي تؤدي دوراً رئيسياً في مجال اعتلال صحة الإنسان. ونجد انه من أكثر الأمراض انتشارا أيضا الكآبة نتيجة النزاعات واللاستقرار..

ومثلما يعاني نحو 450 مليون شخص في العالم من الاضطرابات النفسية، واضطرابات السلوك وتعاطي المواد المسببة للإدمان. فإن 121 مليون شخص في العالم يعاني من الاكتئاب، بحسب منظمة الصحة العالمية والتي سجلت انتحار نحو مليون شخص كل سنة، فيما يحاول عشرة إلى عشرين مليون شخص الانتحار، فضلا عن أن نصف الاضطرابات النفسية تظهر مبكرا، ويعاني نسبة عشرين في المئة من المراهقين والأطفال في العالم من مشاكل نفسية، في بلاد تعاني نقصاً في عدد الأطباء النفسيين والممرضين، في مجال الصحة النفسية.

اذا كان هذا حال العالم، فماذا نقول عن بلدنا لبنان الواقع على خط الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية والتي لم تلحظ سلبياتها أية مؤسسة رسمية بُعيد اعلان انتهاء الحرب رسميّا، مع انعدام الاهتمام بالصحة النفسية خاصة اذا عرفنا انه في لبنان يوجد فقط 3 مستشفيات للأمراض النفسية رغم عدد الحروب التي عشناها وآخرها العدوان الاسرائيلي عام 2006 وما بينها من معارك تفصيلية وجبهات صغيرة..

فهل سنشهد دمارا نفسيّا اضافيّا لم تظهر آثاره واضحة حتى الان بُعيد اشتعال المعارك في سوريا، والآثار التي تتركها على لبنان من شهداء وتهجير وإعتداءات ومجازر، وآخرها مجزرة الدروز في إدلب؟

وهل سنشهد دمارا ورفضا وانقلابا للفرد العربي على هويته بعد ان حطمته الانظمة بقمعها قبيل عقود، واليوم تحطمه المعارضات والمنظمات والأحزاب بتمزقها وتشرذمها، وتقاتلها فيما بينها ولاسيما في لبنان حيث الأفرقاء يتناتشون فيما بينهم؟

السابق
ريفي يهاجم عون ويشبهه بـ’نيرون’…
التالي
تركيا: الطريق إلى الانتخابات المبكرة؟