يوميات معتقل 19: كيف كان عيد الإستقلال وطنياً في المعتقل

احتفال الاستقلال في الكثير من المعسكرات كان نقطة البداية لتحركات المعتقلين وتنظيم أنفسهم، ففي عيد الإستقلال نقلت رسالة الشيوعيين إلى المعتقلين التي حملت حب الوطن والمقاومة والحقوق..

عندما رسمت على قميصي الكاكيّ الوحيد ما يشبه العلم اللبناني ورفعته في وسط معسكر رقم 13، وألقيت كلمة الحزب الشيوعي اللبناني بمناسبة عيد الاستقلال في عام 1982، لم أكن أدرك حينها خطورة الموقف، حيث وجود مندوب للصليب الأحمر الدولي داخل المعسكر خلال ذلك الحفل المتواضع لم يمنع الجنود الحرّاس من توجيه بنادقهم نحونا.

التحيّة الكبرى في هذه المناسبة إلى الرفيق المرحوم علي فاعور، والذي أشار من معسكره البعيد بوجوب قيام أحد الشيوعيون في كلّ معسكر بالكشف عن نفسه من أجل المشاركة في النشاطات المطلبية والسياسية داخل المعتقل. أخترت حينها، وعبر رسالة وصلتني عبر أحد الرفاق، بأن أكون أنا من سيقوم بتلك المهمّة في المعسكر 13…

نقلت خلال الحفل رسالة الشيوعيين حب لبنان والعمل من أجل إنهاء الاحتلال، وحق المعتقلين بوجبات طعام كاملة وفقاً للمواثيق الدولية.

احتفال الاستقلال في الكثير من المعسكرات كان نقطة البداية لتحركات المعتقلين وتنظيم أنفسهم، رغم أن المناسبة تلك كانت قد سبقتها انتفاضة رمي الحجارة الشهيرة – أعتقد بأنها حدثت بتاريخ 17 أيلول- عندما بدأ آلاف المعتقلين برمي الحجارة على جنود الاحتلال وملالاتهم، حينها سقط الكثير من الجرحى في المعسكرات المجاورة.

في يوم الاستقلال كانت العيون الجائعة للخبز وللحرية تنظر الى ما خلف الأسلاك، إلى وطن يتمزّق، إلى حزن أهلنا في القرى والمدن. بدأنا النظر إلى ما خلف الأسلاك والى ما فوق الأبراج عندما عرفنا بأول عملية في بيروت. بدأنا ننظر الى القمر، بدأت عيوننا تنتصر على ذلك الضوء الأزرق الصادر من بروجكتير عملاق كان منعنا حتى من نعمة سكون الليل.

في احتفال الاستقلال داخل المعتقل صار للأنشودة معنى، كما للوطن معنى وكما للحب معنى.

ثمة أبطال من الأحزاب الحليفة حينها كانوا هناك، قاسمونا كلّ شيئ، الشوق والحب والأمل بوطن جديد… الوطن الجديد الذي ما زلنا جميعنا بانتظاره حتى اليوم.

السابق
مشروع بصمة.. خارطة فلسطينية من دون أي تقسيم
التالي
البشمركة تتقدم في الرقّة وداعش تنسحب من ‘سلوك’