مدرسة التّوريث السوريّة في لبنان

سامي الجميل وأمين الجميل
لم يكن مفاجئاً إتيان سامي الجميّل رئيساً لحزب الكتائب المتخذ العائلة شعاراً وعقيدة. لكن البارز – الثابت هو مدرسة التوريث التي لن تنتهي بسليل عائلة المشيخة المارونيّة – الكتائبية. وهو ما سينسحبُ على تيمور سليل الزعامة الدرزيّة – الجنبلاطية. وقل الشيء عينه عن طوني سليل زعامة الفرنجيين.

شيء ما يتمدد ويتجدّد مخترقاً الأعراف العائلية، التي سلّمنا بها ويتسلّل إلى المؤسسات الديموقراطية العريقة. وللتذكير فقط: لبنان بلد ديموقراطي بنظام برلماني حُرّ.

ومدرسة التوريث هذه، جذورها في سورية الأسد الذي اشتغل عليها وكرّسها، وثبتها في لبنان، وساعده اتفاق الطائف من العرف في النص، عبر ترويكا المذاهب، في مخلوق عجائبي ارتضاه اللبنانيون على مدى تاريخهم المعاصر، واعتبروه حلاً طيلة ثلث قرن من وصاية نظام الأسدين في لبنان.

سامي الجميل

قد يقول قائل إنها أنظمة الشعوب العربية – الإسلامية – الخليجيّة. توريثية جميعها. هذا صحيح. ولكن الفارق أن نظام الأسدين الذي دخل لبنان عنوة وبالتعاون مع هؤلاء. ثبت في لبنان طيلة ثلث قرن مدرسة التوريث هذه، التي بدأت بالتمديد للإلياس الهراوي ثم بالتمديد لإميل لحّود، وطرح الوصاية بديل الانتخابات الحرّة الديموقراطية. وعَلَّب لوائح الانتخابات النيابية حين أملتها الظروف الإقليمية. وهو ما أوصلنا إلى منطق السّير في ركاب ثوابت التمديد لمجلس النواب، ثمّ لتعليب مجلس الوزراء، وصولاً إلى فراغ الرئاسة الأولى. هذا يحصل في لبنان الدولة الوحيدة في بلاد العرب التي كانت تُنتخب فيها المواقع والمجالسُ كلها. ها هي تعاني من التمديد والتوريث والفراغ.

للتذكير فقط: لبنان بلد ديموقراطي بنظام برلماني حُرّ

مدرسة التوريث العريقة التي تمدّدت وتجدّدت في لبنان ها هي تشل مجلس الوزراء، وتُمدّد لمجلس النواب، وتعطّل انتخاب رئيس للجمهورية. تلك هي باختصار أهم “إنجازات” مدرسة التوريث لنظام الأسدين. وهي تفصل فعلها هذا في لبنان البلد العريق بالديموقراطية والتجديد والانتخابات. لعلنا الآن نعرف لماذا بدأت عملية التدمير في لبنان قبل حوالى نصف قرن لتحترق الآن بلاد العرب.

مدرسة التوريث هذه، جذورها في سورية الأسد الذي اشتغل عليها وكرّسها، وثبتها في لبنان

هذا هو التوريث من رأس الهرم السوري، الذي غيّر طبيعة المؤسّسات وإدائها في لبنان ووظف التوريث في الأحزاب الدينية والمذهبيّة التي خلقها ورعاها وحماها. ولكن السؤال: لماذا حين وصل التوريث إلى سامي الجميّل صار حراماً؟ وهو حلال في زعامات فرنجيّة، وجنبلاط، والحريري. لماذا التعطيل حلال في مجلس الوزراء، والتمديد والتوريث حلال في مجلس النواب؟ لماذا الفراغ حلال في الرئاسة الأولى سنة ويزيد؟ ولماذا بالتالي تعطيل لبنان حلال؟ بينما توريث سامي الجميل حرام. لماذا نرى القذى في عين حزب الكتائب، ولا نرى الخشبة في عين روّاد التوريث والتعطيل؟

السابق
هشام دبسي: دفع اليرموك ثمن النّأي بالنَّفس
التالي
اوطان لن ينقذها الاّ سايكس بيكو…