سقوط «اللواء 52» يفتح الطريق نحو دمشق؟

لم يعد أمام النظام السوري سوى سياسة الهروب والتراجع، بعدما باتت معالم سقوطه واضحة وقريبة مع خسارته أهم المواقع العسكرية ومساحات شاسعة من أراضيه، خصوصاً منذ بداية آذار الماضي إلى اليوم. ولم نشهد في هذه الحقبة أي تقدم ملحوظ له، بل المزيد من تدحرج أحجار الدومينو، حتى باتت سيطرته تقتصر على 25% من مساحة سوريا، وتتراجع في شكل يومي رغم الدعم الذي يحظى به من “حزب الله” والميليشيات الايرانية والعراقية.

 

وبالأمس، كانت الضربة مؤلمة، فخلال 6 ساعات فقط استطاع مقاتلو المعارضة السورية في “الجبهة الجنوبية” تحرير قاعدة “اللواء 52” وأربع قرى تحوطه، ليصبح خط الدفاع الأول عن العاصمة دمشق في مرماهم، بعد هدوء سيطر على عمليات فصائل “الجبهة الجنوبية” المعتدلة التي تضم أكثر من 35 ألف مقاتل والمدعومة من “أصدقاء سوريا”…. فهل بدأت عاصفتهم؟
“القصاص” هو عنوان معركة تحرير “اللواء 52″، ويعود الاسم إلى قرار المعارضة معاقبة النظام على المجزرة التي ارتكبها بطائراته في منطقة الحراك (موقع اللواء)، ويوضح الناطق الرسمي باسم “الجبهة الجنوبية” الرائد عصام الريس لـ”النهار” أن “المعركة بدأت صباح الثلثاء، وخلال أقل من 6 ساعات سيطر المقاتلون على كامل مساحة اللواء 52 وأربع قرى محيطة به، كانت فيها حواجز للنظام، لتكون المساحة المحررة بأكملها نحو 1200 هكتار”.
ما هو اللواء 52؟
إنه ثاني لواء من حيث المساحة الجغرافية في سوريا، ويقول الريس: “إنه لواء “ميكا” – ميكانيكي، يتبع للفرقة التاسعة دبابات التي تتمركز قيادتها في الصنمين، وهي فرقة احتياطي قيادة عامة ومجهزة بدبابات 72، ويحتوي اللواء على ثلاث كتائب ميكانيكية، وكتيبة دبابات 72 وخامسة مدفعية وسادسة للهندسة. وتمت السيطرة عليها، وكانت هناك غنائم جيّدة حصلت عليها ألوية وتشكيلات الجبهة”، ويوضح أن “اللواء الميكانيكي عبارة عن فرقة دبابات مسؤول عن نقل الجنود ويملك عربات مدرعة لنقل الجنود”.

 

قطع الامداد عن الثعلة والسويداء
أهالي درعا والقرى المحيطة باللواء احتفلوا أمس بهذا الانجاز، فهذه “القاعدة” أذاقتهم المر وكانت منبع صناعة المجازر والتعذيب والاعتقال، كما أنه اشترك منذ بداية الثورة باقتحام قرى درعا، أما أهداف العملية الاستراتيجية فتكمن، وفق الريس في “موقع اللواء على الحدود بين درعا والسويداء وهو عبارة عن قاعدة لتعزيز مطاري الثعلة والخلخلة بالسويداء (قاعدتان جويتان)، وكان الهدف الاسترايتيجي قطع الامداد الكامل عن هاتين القاعدتين من جهة درعا، وبالتالي تحرير آخر بقعة للنظام في المنطقة الشرقية من درعا، وتمهيد الطريق للعمل في اتجاه خربة غزالة وإزرع اللتين تعتبران خط الدفاع الاول عن دمشق، فالطريق إلى هناك أصبح مفتوحاً وظهر الجبهة الجنوبية بات أيضاً محمياً”.

 

شارك أكثر من 2500 مقاتل في تنفيذ العملية التي احتاجت إلى وقت كبير من التخطيط، ويشير الريس إلى أن “التأخير في بدء العمليات العسكرية يعود الى الحاجة للتحضير، فضلاً عن الحاجة إلى تشكيل مجلس قيادة عسكرية للجبهة الجنوبية، وهو أمر ضروري لأن الاهداف المقبلة كبيرة واستراتيجية وتتطلب قيادة موحدة من الفصائل، ومن نتائج تشكيل القيادة تحرير اللواء 52″، مذكراً بأن “الجبهة الجنوبية مدعومة من أصدقاء سوريا وليس هناك من يخطط لها عملياتها، بل يدير مقاتلوها المعارك من غرف عمليات سورية”.
السبب… وماذا بعد؟
السؤال المتداول منذ تحرير إدلب وسقوط تدمر إلى اليوم يتمحور حول سبب سقوط مناطق النظام بسرعة؟ يجيب الريس: “إن التخطيط المحكم العسكري الحقيقي أدى إلى تحرير اللواء 52، واستخدمت كل الاسلحة بطريقة تكتيكية عسكرية عالية في المعركة، أما قوات النظام فاجتاحهم الرعب وكانت هناك كمائن للتعامل مع الهاربين، فيما هناك من استطاع الوصول إلى السويداء وهو الخط الوحيد الذي كان مفتوحاً لهم”، مشيراً إلى أن “عدد قتلى النظام تجاوز 67، بينهم 7 ضباط وأحدهم قائد اللواء نفسه، اما نحن فسقطنا لنا 19 شخصاً، منهم اثنان من قادة الكتائب المهمة في الجبهة الجنوبية”، وأضاف: “فوجىء النظام بالهجوم علما انه كان متوقعاً ان تحصل هذه الهجمة، وكما لحظنا ان قوات النظام باتت تمتاز بالهروب الفردي وبالتالي مع بداية الضربات وتحرير قرية المليحة وقرى أخرى بجانبها، بدأت حالات الهروب وتفكك اللواء فتمت السيطرة على الكتيبة 14، وبعدها على باقي كتائب اللواء”.
ماذا بعد اللواء 52؟ يوضح الريس: “أصبحت كل الخيارات مفتوحة أمامنا الآن في اتجاه كسر حاجز الدفاع الاول للنظام عن العاصمة دمشق، وبات في مرمى المقاتلين خربة غزالة وقيادة الفرقة الخامسة في إزرع وقيادة الفرقة التاسعة في الصنمين، ما يعني ان الطريق الدولي وشريان النظام الرئيسي من دمشق باتجاه درعا اصبح تحت مرمى الثوار وإذا تجاوزه امامهم خط دفاع إزرع وبعدها يصبحون على مشارف دمشق”.

 

في القلمون الشرقي
تضم الجبهة أكثر من 35 ألف مقاتل معتدل، أي كانوا سابقاً؟ يجيب: “إنهم يتوزعون على الجبهات ولديهم غرف عمليات تخطط معاركهم واليوم هناك عاصفة بعد هدوء وأعمالنا المقبلة لن تستهدف حاجزا او تحرر قرية بل ستكون بحجم تحرير اللواء 52”.
تقاتل الجبهة الجنوبية النظام وداعش، يشهد القلمون الشرقي معارك قاسية بين المعارضة وتنظيم الدولة، ووفق الريس، فإن “الجبهة تصد تمدد داعش نحو قرى السويداء والغوطة الشرقية وصحراء القلمون الشرقي، ونحن من يزيل أثر داعش فيها وليس النظام الذي يسحب قواته من السويداء وتدمر”.
مقاتلون ايرانيون بالطائرات
“النظام بات منتهياً” ويدرك أن “من يساند النظام هي الميليشيات الداعمة له، خصوصا حزب الله، كما أن تصريح قاسم سليمان والايرانيين يندرج في هذا الاطار”، معتبراً أن “العمليات في ادلب والساحل لن تسمح للنظام باقامة دويلة علوية كما يروج في الاعلام”.
“ارسال ألاف الايرانيين إلى سوريا هو فقط لمساندة النظام إلى حين توقيع الاتفاق النووي” يقول الريس، ويكشف عن أن مقاتلي الجبهة الجنوبية لاحظوا “عملية نقل لمقاتلين ايرانيين عبر طائرات تحط في مطار حميمية في جبلة ويتم تجهيزهم وتقطع الكهرباء ليلاً في محافظة طرطوس واللاذقية لنقلهم بباصات قدموس التابعة لمهران خوندي التابع للنظام”، مضيفاً: “انهم يحشدون أنفسهم في قواعد عسكرية للنظام، من طرطوس إلى دمشق ومن هناك إلى نقطة الصنمين وإزرع، وخان أرنبة ومدينة البعث (وفقاً لتسمية النظام)”.

(النهار)

السابق
شيخ العقل: احذروا الفتنة
التالي
حرب بين الظلم والظلام لا علاقة للتشيّع بها