تريث سلام غير مفتوح.. وعون يطالبه بممارسة صلاحياته!

كتبت صحيفة “اللواء” تقول : اغرب ما صدر عن تكتل “الاصلاح والتغيير” في جلسته الأسبوعية أمس، هو دفن رأسه في الرمال، والدعوة إلى معالجة المأزق الحالي بالدستور، والإعلان عن “مطالبته بانعقاد مجلس الوزراء في كل حين ليمارس صلاحياته كاملة عملاً بالنص الدستوري”.
اما ان “تنعقد الحكومة للمناورة أو السماح لوزراء بالالتفاف على صلاحيات الحكومة فهو ما نرفضه”، والكلام لبيان التكتل أيضاً.
والسؤال البديهي: من هم الوزراء الذين يلتفون على صلاحيات رئيس الحكومة؟ واستطراداً ما هو أصل المشكلة الحكومية؟
المشكلة، من وجهة نظر الأوساط العونية، لا تتعلق فقط بتعيين أو ما شاكل، وإنما تتعلق بما تسميه هذه الأوساط “حقوق فئة من الشعب اللبناني”، فيما غالبية الوزراء المسيحيين، ووفقاً لما اشارت إليه “اللواء” أمس، تتمسك بدعوة الحكومة لتحمل مسؤولياتها كاملة، ودعوة رئيسها لأخذ المبادرة وتحديد موعد جديد لمجلس الوزراء في أقرب وقت ممكن.
اما في الواقع، فثمة اتفاق لدى غالبية مكونات الحكومة ان وزيري الإصلاح والتغيير بالتضامن والتكامل مع وزيري حزب الله يجاهرون بالاعتراض على مناقشة أي بند من بنود جدول الاعمال ما لم يتم تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش.
والمشكلة أيضاً، وفقاً لما يعرف الجميع، ان التيار العوني وحليفه حزب الله يستغلان المقاربة الهادفة والمتريثة للرئيس تمام سلام وحرصه على استنفاد الوقت الممكن من أجل تدوير الزوايا، للاستمرار في لعبة الضغط أو “التركيع”، ربما من زاوية ما يحدث على جبهة القلمون وجرود عرسال ورأس بعلبك، والقول بأن مرحلة جديدة بدأت ولا بدّ من مسار مختلف، وهو الأمر الذي يقابله وزراء 14 آذار لا سيما المسيحيون منهم، بوضع اجندات ذات ابعاد شخصية وعائلية ومزاجية.
أوساط المصيطبة تؤكد ان الرئيس سلام، ومع ادراكه بان الميثاقية متوافرة في أي جلسة، إلاَّ انه لا يرغب في ضرب التوازنات السياسية أو عدم مراعاتها، لكن إلى متى؟ تجيب الأوساط إلى وقت يصبح فيه من الضروري عقد مجلس الوزراء ضمن صلاحيات المادة 65 وعلى قاعدة الانفتاح، ولكن من دون ان يؤدي ذلك إلى شل الحكومة أو تعطيلها.
وهذا الاعتبار، وفقاً للاوساط نفسها، هو الذي دفع الرئيس سلام إلى التريث وارجاء الجلسة التي كانت مقررة غداً الخميس.

 
وبقدر ما يبدو المأزق مستحكماً، لا سيما بعد ما اعتبر انه “امر عمليات” من حزب الله، على لسان نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، لجهة معادلة: “عون رئيساً أو الفراغ الطويل”، فإن ثمة رهاناً على حركة الاتصالات التي بدأها الرئيس نبيه برّي، بالتنسيق مع الرئيس سلام والنائب وليد جنبلاط من أجل اختصار فترة “الشغور الحكومي” بعد الشغور الرئاسي والشغور النيابي والذي طرأ عليه أمس تطوّر خطير تمثل بعدم اكتمال النصاب في لجنتين نيابيتين، واحدة يرأسها النائب إبراهيم كنعان (المال والموازنة) والثانية يرأسها النائب سيمون أبي رميا (الشباب والرياضة) وذلك بعد اقل من 24 ساعة من زيارة كنعان إلى عين التينة.
ولم تشأ الأوساط المقربة من المصيطبة ان تعكس أجواء متشائمة او متفائلة، لكنها آثرت الانتظار عملاً بالمأثور: “ما اضيق العيش لولا فسحة الامل”.

 
فكيف بدأت حركة المواقف والاتصالات أمس، في ضوء تطوّرين حدوديين خطيرين: الأوّل في مزارع شبعا حيث يُصرّ الأهالي على إزالة الشريط الشائك الذي زرعه الاسرائيليون قبل أيام في منطقة السدانة، اما عبر اليونيفل بموجب القرار 1701 وإما بقوة تضامن الأهالي، والثاني عند الحدود الشرقية بين القرى البقاعية مدعومة من الجيش والمقاومة وعناصر مسلحة من “داعش” تقدمت على محور رأس بعلبك في محاولة لاحداث توازن ميداني، بعد تقدّم حزب الله في جرود عرسال.

 
الرئيس سلام التقى أمس وزير الإعلام رمزي جريج، فيما كان وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب يلتقي الرئيس برّي فيما يبدو محاولة يائسة لترميم العلاقة بين الجانبين، وفي الوقت نفسه كان وفد كتلة “المستقبل” النيابية يزور تباعاً الرئيسين ميشال سليمان وأمين الجميل في إطار جولته على القيادات السياسية لطرح وجهة نظره من موضوع عرسال، لكن الوضع الحكومي استأثر بجانب مهم من النقاشات، عبر عنه بيان الكتلة بالاسف لأن يكون الطرف السياسي الذي يتسبب بتعطيل انتخاب رئيس الجمهورية هو ذاته الذي يعمل الآن على تعطيل عمل الحكومة، لافتة إلى مفارقة عجيبة في سلوك هذا الطرف بكونه يدّعي أنه ينطلق من حرصه على موقع ودور وصلاحيات رئيس الجمهورية لكنه يجرّده في ذات الوقت من كثير من أدواره، ومنها المشاركة الفعّالة في اختيار قائد الجيش بكون الرئيس هو أيضاً القائد الأعلى للقوات المسلحة.
ولاحظت أن السياسة المعتمدة من حزب الله وأعوانه والتي تقول إما أن تنتخبوا من أريده رئيساً وأما لن تكون هناك انتخابات، يعني الإصرار على فرض مرشّح واحد يدعي احتكار تمثيل طائفة بأسرها، واصفة هذه السياسة بأنها إنتحارية قد تتسبب بتدمير لبنان.

 
أما تكتل “الاصلاح والتغيير” فقد اعتبرت مصادره أن فصل المسارين المتعلقين بإجراء التعيينات الأمنية والانتخابات الرئاسية يسهل الحل، في ما يخص التعيين ويؤمن عودة مجلس الوزراء إلى الانعقاد، مشيرة إلى أن وزيري التيار الحر لن يقاطعا مجلس الوزراء، لكنهما يشترطان الحديث أولاِ بملف التعيينات، وهو موقف يبدو غريباً وغير منطقي.
ولفت عضو التكتل النائب سليم سلهب في تصريح لـ”اللواء” أنه لا يمكن ولا نريد تجاوز صلاحيات رئيس الحكومة، كاشفاً عن اتصالات تجري مع عدد من الفرقاء على أن تصب في نهاية المطاف عند الرئيس سلام لإقناعه بإدراج بند التعيينات.
ومن جهة ثانية، أعلن وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم لـ”اللواء” أن الرئيس سلام لا يريد تكرار السيناريو الحاصل، ولذلك عمد إلى عدم الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء، مشيراً الى أن الحل يكمن في الدعوة للاجتماع والبحث في جدول الأعمال وتأجيل ما هو خلافي من البنود.

السابق
«المستقبل» ترفض مفهوم «المرشح الواحد» وتشيد بإعلان «القوات» و«التيار الوطني»
التالي
الحدود تهتز جنوباً وشرقاً .. وحزب الله يفقد 9 في مواجهة مع داعش في رأس بعلبك