داعش التي غيرت وجه العالم أكثر من 11 أيلول

داعش
علينا التمعن بالأسباب الواقفة خلف داعش ومن الصعب تجاوز العار الذي يملأ نفوس المسلمين بسببها. إن الجميع اليوم يشارك بالحرب على الدولة الإسلامية، فمتى سيفهم المتحاربون المغزى من دخولهم الحرب التحريرية القذرة؟

عاودت بي الذاكرة إلى مشهد كنت قد رأيته منذ ما يقارب الثلاث اسابيع لشبان تابعين للدولة الإسلامية وهم يقتلون رجلاً اتهموه بالانتماء إلى الجيش الحر. وكانوا اختاروا له قصاص الموت بقذيفة أر. بي. جي. أوثقوه بحبل على شجرة؛ كان مشهداً مخيفاً. سحقاً. لقد إعتلت صيحات النصر بعدما حولت المقذوفة جسده إلى قطع لحمٍ صغيرة. وبناء على كلام قاضي الدولة الإسلامية: أراد قتله بهذا الشكل انتقاماً لأرواح رفقائه الذين قتلوا بقذيفة أر. بي. جي.

منذ حرب روسيا على افغانستان والإسلاميون المتطرفون يتقاطرون من خلف الحدود إلى أراضي النزاع ولتحرير المسلمين

دعونا نسلم جدلاً أن داعش ليست صنيعة اليوم، وأقرب ما تكون إلى جيل ثالث من القاعدة، وحول مسألة وجود عقل مدبر يسكن الغرف المظلمة، كالبنتاغون؛ المكان المكروه لدى اغلب أعداء الولايات المتحدة، والذي تخرج منه المؤامرات بأكملها. كنا نستمع إلى خطابات أسامة بن لادن. وكانت قناة الجزيرة القطرية تنشر رسائله وتسجيلاته الصوتية، وتمنحها متسع كاف من وقت بثها. ظل بن لادن مقبولاً بين العرب عموماً والمسلمين خصوصا. ومن المستحسن تذكر الرجل المتحدر من أصول عربية والمولود في المملكة السعودية. حتى أمين عام حزب الله حسن نصرالله بقي للعام 2007 يصف جنود هذا الرجل بـ«إخواننا المجاهدين في افغانستان».
أخبرني صديقي، من أكراد سورية؛ كان يعمل ضمن فعاليات المعارضة السورية في تركيا، كيف تجند التنظيمات الإسلامية شبان سوريين في مدينة غازي عنتاب التركية. «السوريون يعلمون انهم اسلاميون متطرفون. لكن عددا لا يستهان به انخرط معهم. لم أستطع معرفة الدافع وراء الإلتحاق بصفوفهم وأغلبهم يرسلون المجندين الجدد إلى داخل سورية عبر نقاط حدودية متعددة. واكاد أجزم أن معظم مقاتلي الدولة الإسلامية جاؤوا إلى سورية مروراً بالحدود التركية» أليس هذا الأمر غريباً؟

علينا التمعن بالأسباب الواقفة خلف الإرهابيين، ومن الصعب تجاوز العار الذي يملأ نفوس المسلمين بسببها

نعم، كيف تتحول الحدود الفاصلة بين الدول إلى مكان لتجمع الإرهابيين؟ منذ حرب روسيا على افغانستان والإسلاميون المتطرفون يتقاطرون من خلف الحدود إلى أراضي النزاع ولتحرير المسلمين. كذلك إجتاز زياد جراح آلاف الاميال ثم فجرت قوات الدفاع الأميركية طائرته في سماء بانسيلفينيا لمنعها من الاصطدام بمبنى الكونغرس. واستبعد زياد جراح في رسالته التي تركها قبل أن تقلع طائرته ـ ارجحية ـ أن يفهم الغرب وأميركا حجم الخطأ في سياستهما بحق المسلمين وكمية الاذى الملحق بسكان قطاع عزة والضفة الغربية وجنوب لبنان من قبل الحكومة الاسرائيلية. ووصل المئات القادمين من نيجيريا والكويت ولبنان ومصر واليمن وبريطانيا وفرنسا لإعلان الولاء وحمل السلاح والقتال إلى جانب داعش. والمهم ملاحظة تجاوز داعش كل الهراء المرافق لحادثة 11 أيلول عام 2001، بل وأصبحت القاعدة واحدة من أعدائه.
علينا التمعن بالأسباب الواقفة خلف الإرهابيين، ومن الصعب تجاوز العار الذي يملأ نفوس المسلمين بسببها. إن الجميع اليوم يشارك بالحرب على الدولة الإسلامية، حتى المنظمات المصنفة على لائحة الإرهاب العالمي. عندما تعتقل الشرطة الإسبانية الشهر الفائت في برشالونة مسلمان فإنها تسارع لإتهمها بالسعي إلى نشر الدعوة الإسلامية في إسبانية. وعندما تنوي وزارة الداخلية السعودية سحب رخصة الإقامة من كل أجنبي يشكل خطراً على أمنها فإنها ستطرد الأجانب بحجة محاربة الإرهاب.

داعش

وعلى رغم انفصال الحرب عن الواقع، إلا أن مشهد الحرب لن يردم مأساة الحرب، واللغة الصاعدة معها والسعي إلى بقائها خالدة، كما وتخليد كل من يحارب داعش كرمز للعصور القادمة مع الزمن. وعليه، فلا يمكن القضاء على داعش لان المحاربين يعتمدون عليها. وبحسب المتحدث بإسم التحالف الدولي فإن ما ذكرته تقارير وزارة الداخلية العراقية عن استهداف أبو علاء العفري ـ القيادي الثاني في داعش ـ بضربة جوية نفذتها طائرات التحالف عارية عن الصحة، بينما سينشد ضمير التحالف الدولي المسامحة حين تقتل ضرباته في نيسان المنصرم 58 مدنياً بينهم 7 أطفال.
داعش، داعش. المصطلح المعدي داخل كل خطابات مجموعة «المحاربين المقدسين»، وفي كل المقالات الصحفية، والحوارات السياسية وفي خطابات حركة حماس المستولية بالقوة على السلطة في قطاع غزة. وفي خطابات حزب الله. متى سيفهم المتحاربون المغزى من دخولهم الحرب التحريرية القذرة، ومن وجود التاريخ. خصوصاً أولئك الملتحيين، أصحاب العباءات البيضاء الطويلة.

السابق
أجلس ولده في حضنه.. فكان مصير صغيره الموت؟
التالي
قزي:الحكومة نزعت صاعق عرسال من خلال قرار تكليفها الجيش