حلف «الشغور» يُطبق على المؤسسات فراغ رئاسي وتعطيل تشريعي وشلل حكومي الجمهورية في خطر

كتبت صحيفة “المستقبل” تقول : نعم الجمهورية في خطر، بكل ما لتداعيات الخطورة من معنى هدّام لأسس الكيان بعدما نجح حلف “الشغور” بمدّ حبائله التعطيلية لخنق آخر شريان مؤسساتي حيويّ لا يزال نابضاً في هيكلية سلطات الدولة. فها هو ذلك الحلف الممتد بين حارة حريك والرابية وقد أطبق بالأمس على أمّ المؤسسات التنفيذية في البلد فارضاً عليها وعلى اللبنانيين شللاً حكومياً لا شك في أنه سيؤتي أُكله في تعطيل مصالح الناس وتكبيل أرزاقهم من خلال وقف عجلة الانتاجية على طاولة مجلس الوزراء.

 

حلف “الشغور” ضرب مجدداً أمس مستهدفاً هذه المرّة ليّ ذراع الدولة التنفيذية وتقييدها بقيود لعبة الابتزاز والمقايضة السلطوية نفسها التي يفرضها على البلد من الشغور الرئاسي إلى التعطيل التشريعي وصولاً أمس إلى شلّ مجلس الوزراء بغية إخضاعه إلى مطالب استئثارية في ملف التعيينات العسكرية والأمنية في مقابل القبول بالإفراج عن مصالح الدولة وبنيها حتى ولو اضطر الأمر إلى تدفيع البلد “كلفة عالية جداً” كما توعّد الوزير جبران باسيل مساءً اللبنانيين من منبر الرابية، بعد أن كان وزراء تكتل “التغيير والإصلاح” قد منعوا صباحاً الحكومة بالتواطؤ مع وزيري “حزب الله” من تمرير اعتماد مالي حياتي يمس لقمة عيش معظم المواطنين مخصص لدفع فروقات النقل البحري عن البري دعماً للصادرات الزراعية والصناعية العالقة بسبب إقفال المعابر السورية، وهو ما علّق عليه وزير الزراعة أكرم شهيّب بالقول: “مع الأسف البعض إختار الموقع على مصلحة اللبنانيين”.

 
وقائع “أسوأ جلسة”
إذاً، وفي وقائع الجلسة “الأسوأ” في تاريخ هذه الحكومة حسبما وصفها الوزير رشيد درباس، كانت قد استُهلت بطلب شهيبّ إقرار اعتماد مالي بقيمة 21 مليون دولار لدعم النقل البحري الخاص بصادرات القطاعين الزراعي والصناعي بناءً على تنسيق مسبق في هذا المجال بينه وبين وزير الصناعة حسين الحاج حسن نظراً لكون 70% من هذه الصادرات باتت مشلولة بسبب تعذّر النقل البري إثر إقفال المعابر السورية. إلا أن باسيل سرعان ما ردّ على الطلب بالقول: نحن نرفض تمرير أي موضوع في مجلس الوزراء قبل بت ملف التعيينات الأمنية والعسكرية “ولو شو ما صار بالبلد”. عندها استعان شهيّب بالحاج حسن باعتباره شريكاً في المشروع غير أنه خذله قائلاً: نحن (“حزب الله”) نؤيد موقف “التيار الوطني الحر”.

 
ووفق ما نقلت مصادر وزارية لـ”المستقبل”، فإنّ باسيل بدا مصراً وعاقداً العزم على شلّ العمل الحكومي ما لم يتم الامتثال للمطالب العونية حيال التعيينات فقال: “لن نغيّر موقفنا ولو خربت الدنيا”. ما استدعى تدخل الوزير نبيل دي فريج مطالباً بشطب هذه العبارة من المحضر لما تختزنه من معاني خطيرة على استقرار البلد، غير أنّ باسيل رفض شطبها وأضاف: “لن يمرّ أي موضوع في مجلس الوزراء قبل التعيينات، نحن نمثل 70% من المسيحيين أو أقله 50% ولنا الحق بتعيين من نريد في المواقع المسيحية” في إشارة إلى مطالبة رئيس “التيار الوطني الحر” النائب ميشال عون بتعيين العميد شامل روكز في موقع قائد الجيش.

 
بدوره شدد نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل على أنه لا ينوي طرح مسألة تعيين قائد الجيش “قبل أيلول”، بينما عبر عدد من الوزراء بينهم الوزير بطرس حرب عن عدم الاعتراض بالمبدأ على تعيين روكز قائداً جديداً للجيش “لكن ليس قبل انتخاب رئيس للجمهورية”.

 
إثر ذلك، طلب وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الكلام فقال: “إنّ النصّ الدستوري يؤكد أنّ رئيس الحكومة هو من يحدد جدول أعمالها وليس الوزراء الذين لا يحق لهم أن يقرروا ما هو مرفوض وما هو مسموح طرحه في مجلس الوزراء. وإذا كنا ورثة صلاحيات أو قيّمين على صلاحيات رئيس الجمهورية فإن الرئيس يطّلع على الجدول ولا يعدّل في بنوده إلا بموافقة رئيس الحكومة”. ثم سأل المشنوق الرئيس تمام سلام: “دولة الرئيس هل أنت موافق على حصر جدول الأعمال بنقطتين فقط “أوضاع عرسال والتعيينات” لأنني ومن أمثّل نوافق على ذلك إذا كنت أنت موافقا ونرفضه إذا رفضته”. فأكد سلام موافقته على الأمر من دون أن يفصح عما إذا كانت هذه الموافقة مقتصرة على جلسة الأمس فحسب أم أنها تنسحب على جلسات الحكومة اللاحقة أيضاً.

 
وحينما لفت المشنوق في ختام الجلسة انتباه أعضاء مجلس الوزراء إلى أنّ مدّة ولاية المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص تنتهي منتصف الليلة الماضية، سأل باسيل عن الأسماء المرشحة للتعيين خلفاً لبصبوص، فاقترح المشنوق رئيس شعبة المعلومات العميد عماد عثمان من دون أن يصار إلى إقرار تعيينه باعتبار أنّ باسيل عاد فشدد على أنه حتى ولو انقضت ولاية بصبوص فلن يحصل فراغ في موقع مدير قوى الأمن الداخلي نظراً لإمكانية تسلّم الضابط الأعلى رتبةً في المديرية مهامه. عندها اكتفى وزير الداخلية بالقول: “هذه وجهة نظر”.

 
ثم وبعد انتهاء الجلسة، أصدر المشنوق قراراً أرجأ بموجبه تسريح اللواء إبراهيم بصبوص كمدير عام لقوى الأمن الداخلي لمدة سنتين. كما كلّف العمداء فادي الهاشم وجوزف الحلو وجوزف كلاس لقيادة الدرك والقوى السيارة ومفتشية قوى الأمن.

 
عرسال في كنف الجيش
أما في ما يتصل بملف الأوضاع في عرسال، وبنتيجة التداول الذي حصل حيال هذا الموضوع، اتخذ مجلس الوزراء قراره بشأن هذا الملف وجاء في مضمونه مطابقاً لما كانت “المستقبل” قد تفردت بنشره مطلع الأسبوع في هذا الصدد مع بعض التعديلات الطفيفة التي أدخلها الوزير علي حسن خليل. وفي خلاصة القرار الحكومي(ص3)، إعلان مجلس الوزراء “ثقته الكاملة بالجيش وبقيادته وتكليفه إجراء التقييم الأمثل للوضع الميداني واتخاذ القرارات والإجراءات المناسبة لمعالجة أي وضع داخل البلدة ومحيطها”. علماً أنّ الوزير باسيل تحفظ على العبارة التي تؤكد الثقة بقيادة الجيش خوفاً، كما قال، من تفسير أنها تحمل في طياتها موافقة على التمديد لولاية قائد الجيش العماد جان قهوجي.

 
ريفي و”حزب الله”
وكانت جلسة الأمس قد شهدت نقاشاً محتدماً افتعله الوزير الحاج حسن مع الوزير أشرف ريفي حين أدلى بمطالعة مطوّلة حول سوريا صوّب فيها على الكلام الذي أدلى به ريفي خلال جلسة الحكومة السابقة حول تهريب حلفاء “حزب الله” السلاح إلى سوريا لا سيما منهم رفعت عيد والوزير السابق فيصل كرامي. الأمر الذي استدعى رداً توضيحياً من ريفي أكد فيه أن رفعت عيد تولى بالفعل تهريب السلاح إلى الداخل السوري في حين أنّ السلاح سُرق من عند كرامي لتهريبه إلى سوريا، مع تذكيره كذلك بأنّ نجل المسؤول في “حزب الله” الشيخ محمد يزبك ثبت تورطه في عمليات بيع وتهريب السلاح إلى الأراضي السورية. عندها، ثارت ثائرة وزيري الحزب فانتفض الوزير محمد فنيش متوجهاً إلى ريفي بالقول: “أنتم من أرسل السلاح إلى سوريا”.
وبينما أعرب الوزير درباس عن أسفه لربط “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” موضوع عرسال بقيادة الجيش منبهاً إلى أنّ الحزب يبدو من خلال ذلك كمن يقول “أعطونا قيادة الجيش لنضرب عرسال”، طلب ريفي من جهته تكليف الجيش بملاحقة كل المسلحين في منطقة بعلبك الهرمل ومصادرة كل السلاح الموجود هناك والإبقاء فقط على السلاح بيد القوى الشرعية أسوةً بما يطرحه “حزب الله” في ما يتصل بعرسال، الأمر الذي سارع وزيرا الحزب إلى رفضه لاعتبارهما أنّ “ذلك يحتاج إلى نقاش آخر مختلف”.

 
بوصعب: لتفاهم شامل
ومساءً، علّق وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب على مستجدات الوضع الحكومي بالقول لـ”المستقبل”: “دخلنا في الأزمة”، واصفاً المرحلة بأنها “مرحلة خلافية كبيرة” وأردف: “لن نكمل كما لو أنّ الأمور طبيعية”.
وعن ترجمة هذا الموقف حكومياً، أجاب: “لن نعتكف بل سنشارك في كل جلسة يدعو إليها رئيس الحكومة سيّما وأنه سبق أن قال إذا كان هناك موضوع وطني كبير يعترض عليه وزير فإنّ الحكومة لن تسير بإقراره، ونحن اليوم نعتبر أنّ ملف التعيينات هو موضوع وطني كبير بامتياز و4 مكونات في الحكومة ترفض إقرار أي بند حكومي قبل البت به”، خاتماً بالتشديد على أنه لم يعد يرى مخرجاً للأزمة في البلد “إلا بتفاهم سياسي شامل حول كل المشكلات”.

السابق
حزب الله انجز تحرير اكثرية جرود عرسال والجيش قصف جرود رأس بعلبك
التالي
معادلة عون تروّع الحلفاء والخصوم: روكز أو الشارع! تكليف الجيش «تحرير جرود عرسال».. والتمديد سنتين لبصبوص