جريدة «السفير» تطرد عمالها الذين لا صوت لهم

السفير
بعد أن استعملت جريدة «السفير» كل وسائل الضغط لكي تجبر من لا ينتمون إلى خطها السياسي على الإستقالة، ها هي تستعمل هذا الأسلوب اليوم مع من تبغي الاستغناء عن خدماتهم، إلاّ أنّها لم تنجح فاضطرت إلى إبلاغهم بأنّهم أصبحوا من غير عمل بعد اليوم. فأين هي نقابات العمال والمحرّرين من قرار الجريدة المجحف بحقّ موظفيها؟

تستمر جريدة «السفير» بشخص رئيس تحريرها طلال سلمان بسياستها الغريبة تجاه موظفيها الذين أمضوا سنوات طويلة في أروقتها. فها هي اليوم تردّ لهم جميل تعب السنوات الطويلة بإبلاغهم أنّها تستغني عن خدماتهم لكي يصبحوا في عداد العاطلين عن العمل.

 

هم من الموظفين الكادحين الذين لا يتعدّى راتب معظمهم الألف دولار في الشهر، أبلغتهم إدارة في الأسبوع المنصرم بأنّه لم يعد لهم مكان في الجريدة وذلك لأسباب مالية، وأنّها ستدفع لهم تعويضات تتراوح بين ثلاثة أشهر وثمانية أشهر، وذلك بحسب عدد السنوات التي أمضوها في عملهم.

وبحسب أحد الموظفين، الذي تبلّغ قرار طرده من الجريدة منذ يومين، وهو اشترط عدم ذكر إسمه، فإنّه أمضى عشر سنوات من العمل في هذه الجريدة، وقد قال لـ«جنوبية»: «كنت أعلم أنني من أوائل الذين سيتم طردهم من الجريدة، وذلك بسبب سياسة التضييق التي اعتمدتها الإدارة للضغط على كل من تنوي توقيفه عن العمل، لكي يقدم استقالته بهدف أن يخرج من دون تعويض».

وأكدّ أنّ «الأسباب وراء التخلي عنا هو مادي كما يقولون، فهناك سياسة اتبعتها الجريدة بسبب العجز الذي تمرّ به، من تخفيض عدد الصفحات وعدد الموظفين من كل الأقسام ولكن هناك عدد من الموظفين لا يمكن المسّ بهم وهم من يواظبون على تمسيح الجوخ لرئيس التحرير أو أقرباء طلال سلمان. أمّا الأشخاص غير المدعومين، مع العلم أنّهم لا يملكون عملا آخر، كما هي حالتي، فهم من تمّ الإستغناء عنهم».

وعلى الرغم من أنّ ادارة الجريدة تؤكدّ أنّ قرارها مدروس وهو مادي بحت، بحسب مصادر من داخل الجريدة، إلاّ أنّ أغلب الذين تمّ التخلي عنهم لا يملكون عملا ثانياً. وأغلبهم يعيلون عائلاتهم، وبالتالي فإنّ قرار الجريدة المجحف يهدّد استقرار عائلات كاملة. فأين نقابة المحررين من هذا القرار التعسفي؟ وأين نقابة العمال؟ حيث هناك أكثر من عشرين موظفاً باتوا بين ليلة وضحاها عاطلين عن العمل من دون أن يرتكبوا جرماً يذكر تسبّب بطردهم.
ومن بين الأسماء التي تمّ إبلاغم أنّ مكانهم لم يعد في الجريدة هم: ح ش (قسم التنفيذ)، م ب، ع س (وهو من القدماء جدا في الجريدة)، ي غ، ع ل (مصور)، م ش (مصور)، ر ت، م م (مسؤول الصيانة..وعمره من عمر طلال سلمان)، ح ر/المطبعة/توزيع، ف ر /المطبعة/توزيع، مراسلون من المناطق: ح س، ع ط، وغيرهم.

هكذا “ومن دون فكر مؤسساتي، تذهب الجريدة إلى مثل هذه الاجراءات التي تبدو انتقامية”، يقول أحد المصروفين. فرواتب هؤلاء تكاد فعلا لا تذكر، وهي لن تؤثر على ميزانية الصحيفة كما أنها لن تؤثر على إنتاجيتها الأصلية، أي المادة الصحافية التي باتت نادرة “في صحيفة صارت أغلى من ربطة الخبز للمرة الأولى في تاريخها”، بحسب أحد المستقيلين منها قبل فترة. بينما قلّلت الإدارة عدد صفحات الجريدة إلى الحد الأدنى: «16صفحة بألفي ليرة».

 

الجسم الصحافي لن يتأثر لأنه أصلا منهك وهزيل بسبب التسرب المستمر منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والصحيفة تهرم ولا تجدّد دمها وتبقي لى المحظيين، ومنهم أصحاب العلاقات المتينة بسياسيين أو أحزاب سياسية أو أجهزة مخابرات. ومنهم المتطرفون الشيعة، و”منهم رئيس قسم ينشر قصائده التي يستنسخ فيها بأسلوب هزيل جدّاً محمود درويش في الصفحات العربية والدولية. والذي سبب لرئيس التحرير مشاكل لا تعد ولا تحصى لكنّه يمتنع عن طرده بسبب صلة النسب الذي ما زالت تربطه به”، يقول أحد العارفين بخبايا الجريدة.

الباقون اليوم، بحسب صحافي ترك الجريدة قبل فترة: “في معظمهم من أنصاف، أو أنصاف أنصاف المواهب وهم على أنواع:

 

1. المتزلفات والمتزلفون لمديرة التحرير، وهي إبنة رئيس التحرير، التي أثبتت خلال أعوام طويلة من المحاولات المستميتة في تدريبها وتعليمها قبل إعطائها الجريدة، أنّها لا تصلح لا كمديرة تحرير ولا ككاتبة. وهي غالبا ما تغضب وتعتكف عن العمل لفترات طويلة جدا قد تمتد لشهور، تاركة القسم الذي تشرف عليه بنفسها، المحليات العامة، بدون أي انتاجية.

 

2. كتاب الصفحة السياسية، وهم في معظمهم في خط الدفاع الأول والشرس عن حزب الله في كل ما يفعل. وهؤلاء كل همهم ان ينالوا رضى المحرر السياسي، الذي عيّنه حزب الله بمثابة ضابط ارتباط بين السفير وبين مسؤولي الإعلام في الحزب، وقد حل مكان ضابط الارتباط السابق ابراهيم الأمين حين غادر هذا ليؤسس صحيفة تحولت هي الأخرى بعد رحيل الصحافيين عنها إلى ملحق أمين لمنشور العهد الحزبي.
3. المحبطون الذين ينتظرون فرصة للهروب من الصحيفة، والذين يمارسون رقابة ذاتية تمنعهم من الكتابة في السياسة إلى ان يقضي الله أمرا كان مفعولا”، انتهى كلام الصحافي السابق في الجريدة.

 

هكذا تطرد الجريدة من لا صوت لهم ومن لا يستطيعون محاربة قرار الإدارة الذي يعتبرونه تعسفياَ. وهم ينتظرون تحرّكاً ما من نقابة المحرّرين.

السابق
اسرائيليون وفلسطينيون ينظمون مسيرة في الضفة الغربية
التالي
جريصاتي رد على اللقاء التشاوري: يعطل عمل الحكومة من يمتنع عن ممارسة ما يدخل في صلب اختصاصها من صلاحيات