حرب عرسال الآن فتح لجرح الحرب الأهلية

عرسال
أمّا وقد وقعنا في الفخ، من عرسال بدأ نفير حرب أهلية جديدة. قلنا القلمون ستوصلنا إلى عرسال، وعرسال ستُدخل الشمال ثمّ لبنان في أتون الحرب. "نوح" المطلوب بعشرات الدعاوى والملاحق بمئات أوراق الجلب رأس حربة الحشد الشعبي وقبائل شيعة بعلبك والشمال. الأولويات اختلطت. وكذلك الشعارات: الجيش الشعبي – المقاومة الإسلاميّة – القبائل. وهذا يطرح جملة تساؤلات...

لماذا لم يقبل الممانعون منذ 2006 أن تحدّد الدولة اللبنانيّة حدودها وتنشر جيشها بالتعاون مع الأمم المتحدة على طول حدودنا مع سورية. وقال القائلون: كيف تفصلوننا عن الشقيقة الكبرى؟ وتخرّبون ما كتبه الله في التاريخ، وما رسمه الله في الجغرافيا.. ثمّ ذهب الغاطسون بالدم السّوري وحيدون وبلا أسئلة وبلا مشاورات وبلا مناقشات لحماية شيعة القرى “المحاذية” ثم لحماية “الست زينب” و… أخيراً لحماية النظام و”مصالح الولاية” ويقول “الأمين العام” وبعد استشارة الولي الفقيه اتكلنا على الله.

لماذا اتخذ حزب الله قرار الحرب في سورية منفرداً وغطس فيها بأوامر الولي الفقيه

إذاً، حين يتعلّق الأمر بالغاطسين بالدم الشقيق لا يستدعي الأمر مناقشة في مجلس الوزراء، ولا مع الأفرقاء، ويتخذون القرار لأنه واجب شرعي وتاريخي وإسلامي وشيعي. أما حين يريدون تغطيس الجيش في عرسال فيجب “دَبَّ الصوت” على أبناء البلد، وطرح السؤال كيف تسكتون على الإرهاب الذي دخل بيوتكم؟ حتّى حليف الحليف طرح حلاًّ بإنشاء مخيمات على الحدود وضمن الحدود مع سوريا، حينما لم يرضى الكلُّ بهذا الطرح، ولا رضي النظام السُّوري، لأن هذه المخيمات يمكن أن تكون حجّة مناسبة لـ”الحلفاء” لتؤمن الغطاء الجوّي وتصبح هذه المخيمات مثل محميّة تؤوي أعداء النظام وتستفيد من الحقبات الدوليّة.

السؤال الآخر: لماذا الآن تريدون الجيش اللبناني والحشد الشّعبي ان يتحرك على الحدود مع سورية ولم تسمحوا له بالوصول إلى الحدود سابقاً؟ ألأنه يحد من حركة المسلحين الداخلين من لبنان إلى سورية؟ ألأنه يخضع حركة الدخول والخروج للرقابة على طول الحدود؟ ألأنه سيحمي عرسال وبريتال من مئات آلاف الهاربين من براميل الموت وسكاكين الدواعش؟!!

“القطبة المخفيّة” هي في استدراج الجيش في منازلة مشتركة مع الحشد الشعبي للإطاحة بالأمن الاجتماعي الداخلي في ظل غياب رأس الدولة

لماذا الآن بالتحديد؟ هل لوصل الحدود مع القلمون، والحفاظ على شريان الوحيد من لبنان الذي يُبقى النظام على قيد الحياة؟ أم لتغطية الغطس الدّموي في سورية، وتغطيس الجيش ومن خلفه الدولة اللبنانية، في مغطس هو عبارة عن حرب أهلية جديدة لربع قرن آتٍ؟

والأخطر من كل هذا وذاك هو فتح الباب واسعاً امام حروب المذاهب وإشعال بارود القبائل لتعميم الخراب والموت في ظل كلام دولي عن تحييد لبنان، وفي ظل كلام مسؤول عن الوحدة الداخلية لصدّ الهجمة. هل حزب الله مع الدولة؟! هل هو فعلاً مع الناس وحماية أهلنا في عرسال وبعلبك. إذن، لماذا اتخذ قرار الحرب في سورية منفرداً وغطس فيها بأوامر الولي الفقيه. واتخذ ذلك على مسؤوليته، وتحمّل تبعاتها حتى ولو قتل ثلاثة أرباع الشيعة كما يقول أمينه العام.

إن “القطبة المخفيّة” هي في استدراج الجيش ضلع المثلث الذهبي في منازلة مشتركة مع الحشد الشعبي والإطاحة بالأمن الاجتماعي الداخلي في ظل غياب رأس الدولة واستجلاب نار الدواعش إلى وسط لبنان. إن تعميم الموت قد يكون ناجعاً وفاعلاً كغطاء على التدخل وانتصار منطق الدويلة على الدّولة. ومنطق حروب المذاهب المفتوحة التي لا يَعلم نتائجها إلا الله.

السابق
فيديو جديد: «اسمحي لي، إنّني لا أصافح النساء»
التالي
العلامة الأمين زار السيّد السيستاني: على الشيعة الابتعاد عن الصراعات الإقليمية