لقاء عون – جعجع في عيون الصحافة اللبنانية

لقاء جعجع عون
يبدو أن النائب ميشال عون ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع شعرا بالخطر المحدق بهم كمسيحيين على الصعيدين الداخلي والخارجي، فعجّلا في الاجتماع والذي كان مقرّراً حصوله بعد فترة. علّهم يحافظوا على المسيحيين على متن قطار الخريطة الاستراتيجية للمنطقة، والاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية، والعمل على قانون انتخابي جديد.

أكد جعجع عقب لقائه عون أمس، أن لا مانع بإجراء أي استطلاع للرأي ضمن الدستور بشأن رئاسة الجمهورية والتركيز سيكون على قانون الانتخاب وقانون استعادة الجنسية”. وأضاف: “اجتماعنا اليوم هو بداية حوارنا والعمل الحقيقي يبدأ الآن مع الجنرال ولن تفشل هذه المحاولة”.
بدوره، قال عون ان “اللقاء هدية للمسيحيين وللمتخوفين من عدم حصوله ونؤكد تصميمنا على العمل سوياً مع القوات لتنفيذ إعلان النوايا».
حيث من الواضح أن اللقاء هو للمّ شمل المسيحيين، وللاتفاق على “انتخاب رئيس قوي ومقبول في بيئته وقادر على طمأنة البيئات الاخرى”، والدعوة إلى الإيمان بلبنان. و”تعزيز مؤسسات الدولة ودعم الجيش وتعزيز القوى الأمنية الشرعية بهدف بسط سلطة الدولة على كافة الأراضي اللبنانية”. والتأكيد على الحرص على “ضبط الأوضاع على الحدود بين لبنان وسوريا وعدم استعمال لبنان منطلقاً لتهريب السلاح والمسلحين واحترام قرارات الشرعية الدولية كافة وحل مسألة النزوح السوري المتعاظمة وإقرار قانون جديد للانتخابات”.

عون سيستفيد من التقارب مع جعجع لتحسين شروط معركة تحصيل الحقوق المسيحية في الدولة

ورحّب النائب العام البطريركي المطران سمير مظلوم باللقاء قائلاً: “بكركي تبارك أي تقارب ومصالحة واتفاق بين جميع اللبنانيين، ونعتبر أن ما حصل هو خطوة مهمة جداً ونتمنى أن يتفقوا على جميع الملفات”.
ويؤكد المصدر مطّلع: أن “اللقاء كان سيتأخر لو أن الأجواء في المنطقة لم تنحُ إلى ما آلت إليه، ولو أن موقف الراعي كان بهذه الحدّة”.
وصل الرياشي وحيداً في سيّارته. سأله كنعان عن رجال الأمن، فأجابه بأنّهم سيصلون بعد قليل، بينما فضّل هو القدوم وحيداً. تمشّى رفيقا درب الحوار وهما يستعرضان بعض المسائل المتّصلة بالعلاقة بين حزبَيهما، بعد ساعات على زيارتهما، بعيداً عن الإعلام، بكركي للقاء سيّدها ووضعه في أجواء ما توصّلا إليه كنتيجة لحوار أشهر.
ما هي إلا دقائق حتى وصلت سيّارات عدّة. قال أحد الضبّاط في الرابية إنّ موكباً وصل. ابتسم الرياشي وهو ينظر الى نائب المتن، قائلاً: وصل الحكيم. لم يستوعب كنعان ما سمعه، الى أنّ أُبلغ من قبل الحرس بأنّ سمير جعجع هو فعلاً من في السيّارة. سار كنعان بخطواتٍ سريعة ولكن مرتبكة نحو الضيف المفاجئ. استقبله وصافحه، سائلاً عن سبب الزيارة الصادمة. أجاب جعجع: “قلنا لشو نجي مرتين”.

جعجع الذي يعرف ويعترف في قرارة نفسه بأن تحالفه مع «تيار المستقبل» لم يساهم في تعزيز حضوره النيابي أو الوزاري داخل الدولة

ركض أحد الضبّاط سريعاً لإبلاغ العماد عون. كان المنزل فارغاً من أفراد العائلة وحتى من الموظفين، في حين غادر الإعلاميّون بعد انتهاء المؤتمر الصحافي. تولّى كنعان مهمّة الاتصال بالإعلاميّين والمصوّرين لإبلاغهم بالحدث المنتظر الذي يستحقّ وصف “التاريخي”. ارتدى عون ثيابه على عجل، ونزل إلى الصالون، حيث بادره رئيس «القوات» بالقول: شو رأيك بالمفاجأة؟ ابتسم الجنرال، وأجاب: «كنت أتوقّع مفاجآت، بس مش لهالدرجة..».
ثمّ حضرت القهوة التي نبّه الرياشي “الحكيم” الى أنّه قد لا يحبّها. ارتشف جعجع فنجانه، وخيّب ظنّ رئيس دائرة الإعلام والتواصل في “القوات”. أحبّ جعجع قهوة الرابية، إلا أنّه لم يتسنّ له “ممالحة” مضيفه.

لقاء عون وجعجع
وعن الحسابات التفصيلية لكل من عون وجعجع؟ كتب عماد مرمل في صحيفة السفير: بالنسبة إلى عون، يمكن القول إن الحد الادنى من التفاهم مع جعجع سيسمح له برفع فرص وصوله الى الرئاسة، على قاعدة «الرئيس القوي». وما جرى أمس في الرابية سيعزّز بشكل او بآخر صورة «المرشح الوفاقي» التي يسعى عون الى الترويج لها، ولن يكون هناك بحوزته دليل أبلغ من تقاربه مع الخصم اللدود سمير جعجع، حتى يثبت أنه قادر فعلياً على مدّ اليد في كل الاتجاهات واستيعاب الجميع، وفق مفهوم «الوسطية القوية» التي تنطوي على نكهة ولون من دون أن تكون نافرة أو مستفزة.
كما أن عون سيستفيد من التقارب مع جعجع لتحسين شروط معركة تحصيل الحقوق المسيحية في الدولة، تحت سقف الشراكة والتوازن المندرجين في إعلان النيات، ما يمكن أن يحشر أو يُحرج «تيار المستقبل» الذي لم يكن مسروراً، على الأرجح، بمشاهدة جعجع وهو يضع يده على كتف عون تحبباً، خلال المؤتمر الصحافي المشترك بينهما. أما جعجع فله اعتباراته أيضاً.
يذهب بعض «الخبثاء» إلى الافتراض ان رئيس «القوات» يضمر من وراء تصالحه مع عون، وبالتالي مع القاعدة الواسعة لـ «التيار الوطني الحر»، تسهيل إمكانية وراثته لجزء من هذه القاعدة، وفرض نفسه الزعيم الأول للمسيحيين.
لكن وبمعزل عن محاكمة النيات، فإن جعجع الذي يعرف ويعترف في قرارة نفسه بأن تحالفه مع «تيار المستقبل» لم يساهم في تعزيز حضوره النيابي أو الوزاري داخل الدولة، بات يشعر بأن تفاهمه مع عون سيكون أكثر إنتاجية وفائدة، وسيسمح له بتعزيز موقعه التفاوضي مع الحليف قبل الخصم.
وإذا كان جعجع يدرك أن عون يتقدم عليه حالياً في الفرصة الرئاسية، إلا انه يعتقد ان قاعدة «الرئيس القوي» التي جرى تثبيتها في «الإعلان» قد تجعله من المرشحين الجديين في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

السابق
جابر وعيتاني يوقفان مسرحيتهما الجديدة لأجل غير مسمّى
التالي
سليمان: الاشكالات الدستورية لا تُحل بإقامة دويلات ضمن الدولة