باسيل يرفض اقتراح أبو فاعور تمرير اعتماد لامرأة مبتورة القدم «المستقبل» تنشر مسوّدة بيان الحكومة حول عرسال

كتبت صحيفة “المستقبل” تقول : في المشهد السياسي، وأمام استعصاء محاولات إخراج الاستحقاق الرئاسي من عنق زجاجة الشغور القاتل، بدأت كرة الدعوات إلى ضرورة إيجاد حلّ توافقي تشق طريقها نحو تكوين قناعة وطنية وروحية عارمة آخذة بالتبلور أكثر فأكثر، باعتبارها الوصفة السحرية الوحيدة القادرة على حلحلة كل العقد المؤسساتية المتناسلة في البلد بمجرد تذليل “أمّ العقد” المتمثلة بشغور سدة رئاسة الجمهورية. من الرئيس سعد الحريري الذي كان سبّاقاً في هذا الطرح، إلى رئيس “اللقاء الديمقراطي” النائب وليد جنبلاط الذي جدد أمس دعوته إلى وجوب “الإقلاع عن المزيدات العبثية في الملف الرئاسي وتكريس منطق التسوية للوصول الى مرشح توافقي”، وصولاً إلى دعوة متزامنة من رأس الكنيسة المارونية البطريرك بشارة بطرس الراعي تؤكد ضرورة “تفاهم الفريقين السياسيين على مخرج توافقي لانتخاب رئيس الجمهورية”..

لكن على من تقرأ مزاميرك يا “توافق”؟ طالما أنّ حلف تعطيل النصاب بين “حزب الله” وتكتل “التغيير والإصلاح” لا يزال على قراره بتمديد الشغور الرئاسي وإجهاض أي مجهود وطني لانتخاب رئيس جديد للبلاد، في مقابل إصرار الحزب والتكتل على تمرير التعيينات القيادية العسكرية والأمنية بشكل مهمّش لموقع الرئاسة الأولى ولرأي الرئيس القائد الأعلى للقوات المسلحة في الجمهورية.

 
وإذا كان ملف التعيينات قد مرّ بسلام على مجلس الوزراء أمس بانتظار الجلسة الموعودة الخميس المقبل، فإنّ محاولة “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” لصبّ الزيت على نار عرسال سرعان ما اصطدمت أمس بحائط صدّ وزاري وطني متماسك ومتمسّك بحصرية دور الدولة وجيشها في التصدي لأي نوع من المخاطر المحدقة بالبلدة أو الكامنة في جرودها بعيداً عن قرع طبول الحروب العشائرية والنفخ في بوق “الحشود الشعبية” الفتنوية المستنسخة إيرانياً من العراق إلى سوريا. وقد حصلت “المستقبل” على نصّ مسودة بيان الحكومة حول عرسال بعدما طرحه رئيس مجلس الوزراء تمام سلام في نهاية الجلسة غير أنّ ضيق الوقت أدى إلى إرجاء مناقشته وإقراره.

 
مسودة بيان عرسال
وجاء في مسودة البيان الحكومي حول عرسال: “إنّ مجلس الوزراء بعد مناقشته الأوضاع المأسوية في عرسال الناجمة عن تواجد المسلحين في جرودها، يؤكد على التفويض الممنوح للجيش اللبناني باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للدفاع عن البلدة وحمايتها من المخاطر التي تهددها، ويعلن المجلس من جديد ثقته الكاملة بالجيش وبقدرة قيادته على إجراء التقييم الأمثل للوضع الميداني واتخاذ القرارات المناسبة لمعالجة أي وضع داخل عرسال أو في محيطها مثلما هو الحال بالنسبة إلى أي مدينة أو بلدة لبنانية أخرى تشهد وجوداً مسلّحاً وغير شرعي أو احتلالاً أجنبياً. كما يؤكد مجلس الوزراء عدم وجود قيود من أي نوع أمام الخطوات التي قد يتخذها الجيش لتحرير جرود عرسال وإبعاد خطر الإرهابيين والقوى التكفيرية.

 
إنّ مجلس الوزراء يؤكد أنّ أبناء عرسال مثلهم مثل جميع اللبنانيين كانوا وسيبقون في حمى الدولة وفي كنف جيشها الذي طالما رفده العرساليون بخيرة أبنائهم، ويعتبر المجلس أنّ لعرسال الحق المطلق بحياة آمنة مستقرة بعيداً من أي تهديد لأمنها ولمصادر رزقها.
وقرر مجلس الوزراء دعوة اللجنة الوزارية المكلفة درس ملف النازحين السوريين لوضع تصوّر عملي حول أفضل السبل للتعامل مع مشكلة التمركز الهائل للنازحين السوريين داخل عرسال وفي محيطها ورفعه إلى المجلس لاتخاذ القرارات المناسبة”.

 
وقائع الجلسة
وعن مجريات ووقائع جلسة مجلس الوزراء أمس، كشفت مصادر وزارية لـ”المستقبل” أنه في مستهل الجلسة برز طرح ذو طابع انساني مُلحّ تقدم به وزير الصحة وائل أبو فاعور طالباً بشكل استثنائي موافقة الحكومة على إقرار اعتماد مالي خاص بإغاثة إمرأة مبتورة القدم، لكن سرعان ما قاطعه الوزير جبران باسيل معلناً رفض تمرير هذا الاعتماد بالقول: “لا نقبل بتطرق الحكومة إلى أي موضوع آخر قبل البتّ بملفي التعيينات وعرسال”، مضيفاً في معرض تلويحه بكون الوضع الحكومي برمّته بات على المحك: “الوطن قبل الحكومة”. فعلّق الوزير رشيد درباس قائلاً: “صحيح أنّ الوطن أهم من الحكومة لكنها هي وسيلة حماية الوطن”.

 
وعن الوضع في عرسال، طالب درباس الحكومة بدعوة عسكريين متخصصين لإطلاعها على حقيقة الأوضاع هناك، وأضاف: “لمن يقول لنا إنّ عرسال محتلة نسأله في المقابل أيضاً ماذا عن (أماكن تواجد ميليشيا الجبهة الشعبية القيادة العامة التابعة للنظام السوري في) قوسايا والناعمة أليستا محتلتين؟”، مشدداً في هذا السياق على وجوب عدم تحويل المؤسسة العسكرية إلى وسيلة للصراع السياسي في البلد.

 
من ناحيته، أعرب الوزير الياس بوصعب عن رفض دخول “حزب الله” إلى عرسال مؤيداً مطلب الوزير أشرف ريفي تولي الجيش حصرية ضبط الأوضاع في البلدة. ثم أدلى وزيرا “حزب الله” محمد فنيش وحسين الحاج حسن بمداخلتين أكدا فيها أنّ الحزب لا يريد الدخول إلى عرسال بل يتحدث عن جرودها. وقال فنيش في هذا الإطار: “نحن نطلب من الدولة أن تقوم بواجباتها في مواجهة التكفيريين في الجرود وفي حال عدم قيامها بذلك سوف يتولى “حزب الله” هذه المهمة”، معتبراً أنّ الثورة السورية “لم تكن يوماً سلمية بالاستناد إلى وثائق المخابرات الأميركية التي كشفت عن تهريب السلاح إلى الداخل السوري”. ثم عرض الحاج حسن خريطة قال إنها تظهر أماكن تموضع المجموعات المسلحة في المنطقة الجردية المحيطة بعرسال “على بعد مسافة 130 كلم فقط عن تدمر السورية”.

 
حيال ذلك، طلب الوزير ريفي الكلام فتوجه إلى وزيري “حزب الله” بالقول: “إنّ أول سلاح تم ضخّه إلى سوريا هو سلاح الحزب وكذلك الأمر بالنسبة لعمليات تهريب السلاح التي تولاها رفعت عيد إلى الداخل السوري”، وقال في سياق الإشارة إلى مدى إيغال “حزب الله” في توريط لبنان بالحرب السورية: “الجميع يعرف أنّ الثورة السورية بدأت سلمية قبل أن يجرّها النظام السوري إلى لعبة الدم، أما أنتم فبعدما كنتم تطالبون سابقاً بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة المرفوضة من قبلنا، أصبحتم اليوم تنادون بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة والحشد الشعبي”، وأضاف في ما يتعلق بكيفية التصدي للخطر الداهم من المنطقة الجردية: “الجيش اللبناني هو الجهة المخوّلة تقنياً وميدانياً بمعالجة هذا الموضوع”، لافتاً الانتباه في الوقت عينه إلى أنّ “معركة القلمون هي على هامش جبهات المعارك الأساسية شمال وجنوب سوريا، وما على اللبنانيين سوى تحصين ساحتهم الوطنية لحماية أنفسهم”.

 
وبينما عبّر الوزير سجعان قزي عن تأييد حزب “الكتائب” لتعيين العميد شامل روكز في موقع قيادة الجيش “لكن بعد انتخاب رئيس الجمهورية”، وهو موقف أيده فيه الوزير ريفي، برز من ناحية موقف “الحزب التقدمي الاشتراكي” مداخلتان من قبل الوزيرين أكرم شهيب ووائل أبو فاعور، بحيث أكد شهيب أنّ الحزب يؤيد تعيين روكز قائداً للجيش وأنه سعى مع أكثر من طرف لإقناعه بتعيينه، منبّهاً في ما خصّ ملف عرسال إلى أنّ “الجو مشحون ويجب عدم صبّ الزيت على النار في هذا الملف”، مع تشديده حيال الأوضاع السورية “للمحضر والتاريخ” على حقيقة كون الثورة السورية بدأت سلمية قبل أن يغرقها نظام الأسد بالقتال الدموي.

 
أما أبو فاعور فتوجّه إلى الوزير الحاج حسن بالقول: “تتحدثون عن إرهابيين في سوريا، فهل (الطفل الذي قتلته كتائب الأسد) حمزة الخطيب كان إرهابياً”، وأضاف: “أنتم تسمّون النظام السوري ممانعاً لكننا نحن نسمّيه نظاماً إرهابياً. نحن بالتأكيد مختلفون في هذا المجال لكن لماذا تريدون طرح هذا الخلاف في الحكومة ولماذا تربطون بين تعيين العميد روكز قائداً للجيش وبين الوضع في عرسال؟ هل تريدون أن يعتبر البعض أنّ مهمته كقائد للجيش هي الهجوم على البلدة؟”، وأردف متوجهاً إلى “حزب الله”: “الرئيس الحريري يواجه الجوّ المشحون لدى جمهوره وهو قدّم الكثير ولعب دوراً كبيراً في هذا الإطار لكن إلى أي مدى يستطيع أن يستمر في مواجهة هذه الضغوط؟ إذهبوا واتفقوا معه على كيفية مواجهة الإرهابيين بدل دفعكم باتجاه تكوين حشد شعبي وعشائري نعرف كيف يبدأ ولا ندري كيف ينتهي”، ناصحاً الحزب في هذا الإطار بعدم “اللعب بالنار”.

 
بوصعب لتفاهم شامل
وإثر انتهاء الجلسة، صرّح الوزير بوصعب لـ”المستقبل” قائلاً: “وصلنا إلى مرحلة لم تعد تحتمل إلا عقد تفاهم سياسي شامل، إذ إنّ كل طرف لديه أولويات في مجلس الوزراء أحياناً تلتقي مع بعضها وأخرى تصطدم ببعضها ما جعل الحكومة محكومة بإبرام تفاهم سياسي”، مشيراً في ما خصّ ملف التعيينات العسكرية إلى أنّ “4 مكونات في الحكومة تؤيد تعيين العميد روكز قائداً للجيش وهي “التيار الوطني الحر” و”تيار المردة” و”الطاشناق” و”حزب الله”، في حين أكد كل من “الكتائب” و”الاشتراكي” أنهما لا يمانعان هذا التعيين في حال حصول توافق عليه”.

 
دي فريج: الله يستر
أما الوزير نبيل دي فريج، وفي حين رفض الخوض في أي وقائع متصلة بجلسة الحكومة، اكتفى بالقول لـ”المستقبل” تعليقاً على أجوائها: “الله يستر”.

السابق
الحكومة في إجازة
التالي
محضر مناقشات الوزراء.. ومضمون البيان الذي لم يصدر