لقاء سيدة الجبل يعود الى مقره الأحد بمباركة البطريرك الراعي

لقاء سيدة الجبل
يعقد لقاء "سيدة الجبل" خلوته الحادية عشرة في "دار سيدة الجبل" للمرة الاولى منذ استلام البطريرك الراعي مهامه البطريركية، بعد ان مُنع سابقا اعضاء اللقاء من استخدام ال "دار" الذي تديره راهبات، مقرا لاجتماعهم، فانتقلوا الى اوتيل الكسندر، واوتيل "لو غابريال"، قبل ان يعودوا الى الدير الذي حمل اللقاء إسمه، يوم غد الاحد.

تأتي خلوة لقاء سيدة المرتقبة في ظروف تحاكي مرحلة تأسيس اللقاء، في العام 2000، بعد ان أطلق مجلس المطارنة الموارنة نداءه الشهير، المؤسس لانتفاضة الاستقلال، يومها، ثارت ثائرة سلطات الوصاية السورية وبدأت حملات تخوين ابطريركية المارونية، وتقدمها مسيحيو الوصاية السورية، فهدد وزير الثوابت حينها سليمان فرنجية باجتياح بكركي ب 2000 سيارة إذا ما استمرت في مطالبتها بسحب الجيش السوري من لبنان، وكذلك فعل كل من يرتبط بالاحتلال السوري للبنان.

ويومها أيضا طلب رستم غزالي من دار الافتاء في لبنان بإصدار بيان يندد ببكركي وبالبطريرك الماروني مار نصرالله صفير، إلا أن تدخل الرئيس الشهيد رفيق الحريري حال دون إصدار بيان التنديد وفق الرغبات السورية.

وتزامنا مع بداية إنعقاد لقاء “قرنة شهوان” تداعي عدد من المسيحيين الاستقلاليين الى لقاء عقد في “دار سيدة الجبل”، محاولين رد “ضربات التخوين”، عن الصرح البطريركي، خصوصا ان البطريرك صفير، كان مقلا في الخطابات اليومية، وهو الذي عرف عنه مقولته الشهيرة “قلنا ما قلناه”.

سعى اللقاء منذ إنشائه الى إيجاد مساحة وطنية مشتركة تجمع مسلمين ومسيحيين لاستعادة الاستقلال وسحب الجيش السوري من لبنان، مستظلا عباءة الصرح البطريركي ومواقف الاساقفة الوطنية الاستقلالية، يتقدمهم البطريرك صفير، وواظب على عقد خلواته السنوية وإصدار بياناته الوثائقية، مرددا أصداء مواقف صفير ومحاولا إعطاءها زخما وطنيا، شكل مع بيانات لقاء “قرنة شهوان” الارضية التي مهدت لاجتماع اللبنانيين، في الرابع عشر من آذار 2005 عقب إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

تلك الحقبة شهدت أيضا مواظبة النائبين سمير فرنجيه وفارس سعيد على التردد الى الصرح البطريركي، ومناقشة البطريرك صفير في شؤون المسيحيين وكيفية إخراجهم من الاحباط الذي وضعتهم فيه سلطات الوصاية السورية من جهة، والقيادات المسيحية التي فرضتها عليهم من جهة ثانية، فضلا عن حال العجز التي وضعت فيها سلطات الاحتلال السوري الشركاء في الوطن من مسلمين شيعة وسنة ودروز.

مع إستلام البطريرك الراعي مهامه البطريركية سعى اول ما سعى اليه، الى إحداث تغيير جذري في منهج الصرح البطريركي، وطريقة مقاربته للشؤون المسيحية، فاختزل الطائفة بما اصبح يعرف ب “ألقيادات” الاربع، (عون، جعجع، الجميل وفرنجيه)، واعتبر ان جمع هؤلاء في بكركي تحت عبائته وما افترض ان له من مونة معنوية عليهم كفيل بالخروج بموقف مسيحي يلاقي المواقف الاسلامية، وبعد ان أقفل ابواب الصرح في وجه فرنجيه وسعيد، وفتحها على مصراعيها للنائب السابق ايلي الفرزلي وجان عزيز وجورج بشير والخوري فادي تابت وسواهم، كما أمر بإقفال ابواب “دار سيدة الجبل” في وجه اعضاء اللقاء تاذين لطالما شكلوا ذراعا سياسيا للصرح البطريركي، فاستعاض البطريرك الراعي عن الردود غير المباشرة بالتصدي مباشرة لكل حدث سياسيا كان ام غير سياسي، وانخرط في لقاءات مباشرة مع حزب الله من خلال لجنة حوار بين الجانبين وجال البلاد طولا وعرضا وجال العالم مطلقا التصاريح على اختلافها.

اليوم وبعد عودته من لقائه الباريسي مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، والمسؤولين الفرنسيين سمع البطريرك الراعي كلاما جديدا، حمّـله بطريقة ما مسؤولية فشل إنتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، وهو الرئيس المسيحي الوحيد في الشرق، فضلا عن تحميله مسؤولية تخلى المسيحيين بشكل عام والموارنة بشكل خاص مسؤولية تخليهم عن دورهم التاريخي لبنانيا ومشرقيا، إضافة الى ما ينتظر المسيحيين في لبنان والشرق من مصاعب سوف يتصدون لها منفردين نتيجة الازمات التي تعصف بالجوار اللبناني، وأبلغوه ان على المسيحيين الخروج بمبادرات خلاقة تعيد اليهم دورهم وتضعهم في مرتبة الريادة في الشرق الاوسط، من خلال امتصاص الصدمات والاضطرابات التي تقع بين الشيعة والسنة، ودور الجامع بين المختلفين لا المتفرج، لان النار ستطال المسيحيين عاجلا ام آجلا، مهما حاولوا ممارسة لعبة النعامة بطمر رؤوسهم في الرمال، فهم ابناء هذا الشرق وليسوا جاليات استطونته.

الراعي عاد الى لبنان وفي يقينه فشل سياسته في جمع القادة الاربعة وتهميش سائر القيادات المسيحية والمارونية خصوصا، وان ما ينتظر المسيحيين قاتم ما لم يبادروا الى الخروج من موقف المتفرج الى المبادر الفاعل.

الراعي في اسرائيل

الراعي اتصل بالدكتور فارس سعيد، الذي لبى الدعوة والتقى الراعي لاكثر من ساعتين بحثا خلالها في كل ما يمكن ان يساهم في سحب بساط الفتنة من لبنان والدور المرتقب للمسيحيين الذي يجب ان يضطلعوا به.

سعيد ابلغ الراعي ان لا حلول مسيحية صرفة ولا حلول اسلامية صرفة للمشاكل التي يواجهها لبنان، مستذكرا يوم اللقاء في الرابع عشر من آذار 2005، يوم التقاء إرادة اللبنانيين مسيحيين ومسلمين فاستطاعت هذه الارادة تحقيق الاستقلال الثاني.

ومما قاله سعيد للراعي إن لا حلول سحرية للمأزق الذي نعيشه اليوم، بل مبادرات وطنية تشكل ملتقى لارادة اللبنانيين للتصدي لازمات الآتي من الايام.

وبعد لقاء سعيد التقى الراعي النائب السابق سمير فرنجيه الذي أعاد على مسماع الراعي ما كان سبقه اليه سعيد، وخرج سعيد وفرنجيه من اللقاءات المتكررة مع الراعي بعيدا عن الاعلام، بضرورة تقريب موعد عقد “لقاء سيدة الجبل” لخلوته السنوية للخروج بمبادرة وطينة تكون على قدر التحديات الحالية.

وعلى الاثر بدأ التحضير للخلوة “الحادية عشرة”، فعقدت لقاءات عدة بعيدا عن الاعلام، وطرحت الهواجس والحلول الممكنة للخروج ببيان مبادرة يكون مقدمة لسلسلة مبادرات تلاقي الشركاء في الوطن.

خلوة “لقاء سيدة الجبل” غدا تكتسب اهمية استثنائية كونها تأتي في ظروف تحاكي تلك التي رافقت نشوء اللقاء.

السابق
تيننتي: مهام اليونيفيل محصورة وفقا لل 1701 ولا تغيير في الأمر
التالي
اقفال فرنين في الغازية وتلف مستحضرات تجميلية في النبطية