هل تُطرد إسرائيل من «الفيفا»؟

يوماً بعد يوم تزداد المخاوف في إسرائيل من احتمال التحوُّل إلى دولة عنصريَّة منبوذة على الصعيد الدولي. وربَّما أنَّ هذا دفع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى المسارعة لنقض قرار اتَّخذه وزير الدفاع موشي يعلون ويقضي بفصل عنصري في الحافلات الإسرائيلية التي تعمل على خطوط داخل الضفة الغربية. ولكن قرار نتنياهو لم يغيِّر من الوجهة العامة لتصورات العالم عن إسرائيل، حيث يراها دولة تتكشَّف عنصريتها يوماً بعد يوم. وإذا كانت إسرائيل قد نجحت مع انتهاء نظام القطبين في العالم في إعادة الاعتبار لنفسها في الأمم المتحدة باتخاذ قرار ينقض قراراً سابقاً بوصمها بالعنصرية، فإنَّ هذا النجاح لم يوقف اعتبارها عنصريَّة بشكل متزايد لدى الرأي العالم العالمي.

 
ولكن بعدما بدأت الأمور تنتقل ممَّا كانت تسميه إسرائيل بـ «الأغلبية التلقائية» لدول العالم الثالث في الأمم المتحدة ومؤسساتها، إلى موقف «الدول الديموقراطية» خصوصاً في أوروبا، ازداد القلق. فقد كانت تعتبر أنَّ موقف الدول النامية ودول عدم الانحياز يعكس موقفاً معادياً للغرب عموماً ولا يخلو من «اللا سامية». وعندما تعاظمت أشكال التضامن الأوروبي مع القضية الفلسطينية وضدّ الاستيطان ومظاهر التفرقة العنصرية، تزايد الإحساس بالتوتر. إذ يصعب الإقناع بأنَّ العالم كله على خطأ وإسرائيل وحدها على حق.

 

في كل حال، لم يعد الإسرائيلي يخرج من موقف محرج حتى يقع في موقف محرج آخر. وقد نجحت الولايات المتحدة في تجنيب إسرائيل حرجاً كبيراً عندما رفضت مشروع قرار في لجنة مراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية يقضي بعقد مؤتمر دولي لتجريد الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل. وقبل أن تفرح إسرائيل بما تحقَّق، خصوصاً في ظلّ التوتر القائم بين إدارة الرئيس باراك أوباما وحكومة نتنياهو، اتّجهت الأنظار نحو حلبة أخرى لا تقلُّ إثارة، وهي مؤتمر منظمة «الفيفا» الدولية التي تضمُّ اتّحادات كرة القدم في العالم. ومعروف أنَّ الاتحاد الفلسطيني تقدَّم بطلب لطرد إسرائيل من منظمة «الفيفا» بسبب مواقفها العنصرية ضدّ الاتحاد والفرق الفلسطينية في الضفة والقطاع.

 
في البداية، تعاملت إسرائيل باستخفاف مع الجهود التي قادها رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، اللواء جبريل الرجوب لاستصدار قرار بطرد أو معاقبة إسرائيل. لكن مع اقتراب موعد عقد المؤتمر ازداد القلق في إسرائيل من احتمال صدور قرارات عقابيَّة ضدَّها جرَّاء ما تفعله بالفرق واللاعبين الفلسطينيين ونشاطاتهم الكروية.
وبحسب «يديعوت أحرنوت»، فإنَّ وزارة الخارجية الإسرائيلية تبذل جهوداً عالميَّة لمنع تعليق عضوية إسرائيل في منظمة «الفيفا». واستغلَّت بدء السلطات السويسرية تحقيقات بشأن احتمال وقوع فساد في أثناء التصويت على إجراء مونديال 2022 في قطر لتبدي تخوُّفها من أنَّ قراراً ضدَّ إسرائيل، يمكن أن يصدر بتمويل قطري. ومعروف أنَّ اتحاد كرة القدم الفلسطيني تقدَّم بطلب لتعليق مشاركة إسرائيل في نشاطات المنظمة بسبب القيود التي تفرضها على اللاعبين الفلسطينيين ومساسها بفرص تطوّر الحركة الرياضية الفلسطينية. ومن المفترض أن يجري التصويت على الطلب الفلسطيني اليوم.
وتحاول إسرائيل في الأيام الأخيرة التعامل مع الطلب الفلسطيني على أنَّه بالغ الأهمية ويقع في دائرة محاولات نزع الشرعية عن إسرائيل في الحلبة الدولية. لذلك فإنَّها تجري اتَّصالات مكثَّفة بهدف إحباط المسعى الفلسطيني وإفشاله، حتى لا يسجل انجازاً في الخانة الفلسطينية وفشلاً لإسرائيل. وقد أشارت «يديعوت» إلى أنَّ احتمالات نجاح الفلسطينيين في مسعاهم ليست كبيرة، لأن القرار يتطلب تأييد 75 في المئة من أصوات الأعضاء البالغ عددهم 209 اتحادات.

 
وكان رئيس «الفيفا» جوزيف بلاتر قد حاول التوسّط بين إسرائيل والفلسطينيين وقابل لهذا الغرض كبار المسؤولين في إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وقيل إنَّ بلاتر توصَّل مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى تفاهم من أربعة بنود: منح شهادات عبور حرة للرياضيين، والحكام والمتفرغين الرياضيين الذين يسكنون في غزة وفي الضفة الغربية، تبعاً للفحص الإسرائيلي، الإعفاء من الجمارك لكلّ عتاد رياضي يصل إلى الاتحاد الفلسطيني، إقامة ملاعب للسلطة الفلسطينية في غزة من خلال لجنة مشتركة، وتشكيل لجنة تبحث في الخلافات التي تنشأ في المستقبل. ولكن إسرائيل رفضت شرطاً فلسطينياً خامساً وهو تجميد نشاط الفرق التي تعمل في المستوطنات خلف الخط الأخضر.

 
وأوضح أنَّ المؤيد الأكبر لإسرائيل في «الفيفا» هو اتحاد كرة القدم الأوروبي «أوبا» الذي يضمّ 53 دولة بينها إسرائيل والذي يعلن رفضه للطلب الفلسطيني خشية أن يشكّل سابقة بين الدول المتنازعة.
وإذا لم يكن مؤتمر «الفيفا» كافياً لإثارة القلق في إسرائيل، فإنَّ القادم كثير وهو لا يتعلق حتى بالمشروع الفرنسي لاستصدار قرار في مجلس الأمن الدولي يحدِّد قواعد حل الصراع العربي – الإسرائيلي على أساس حلّ الدولتين. فقد أوصت مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الأطفال في مناطق النزاع بضم الجيش الإسرائيلي إلى القائمة السوداء وذلك بسبب سلوكه في الحرب الأخيرة على غزة.

 

وأوصت المبعوثة الدولية ليلى زروقي بإدراج الجيش الإسرائيلي في القائمة السوداء للدول والمنظمات المتهمة بالمساس الممنهج للأطفال، إلى جانب «القاعدة» و«بوكو حرام» و«داعش» و«طالبان»، ودول في أفريقيا مثل الكونغو وجمهورية أفريقيا الوسطى. ومن المقرر أن تنشر القائمة قريباً كملحق في تقرير خاص للأمين العام للأمم المتحدة حول الأطفال في النزاعات المسلحة.
وقد وجَّهت إسرائيل تهديداً للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تحذره فيه من مغبَّة إدراج اسم إسرائيل في هذه القائمة. لكن أوساطاً مؤيدة للفلسطينيين تضغط في المقابل على بان كي مون لعدم الرضوخ للضغوط الإسرائيلية. وتوجه مسودة التقرير انتقادات شديدة لإسرائيل التي قتلت في الحرب الأخيرة على غزة أكثر من 500 طفل وجرحت أكثر من 3300.

(السفير)

السابق
جعجع: على اللبنانيين الصمود وليتوقف نصرالله عن تخويفنا من داعش والنصرة
التالي
تعلّم كيف تحذف «رسائلك» من «حساب أصدقائك» على فيسبوك