أنا سارة.. أنا رولا.. أنا رقية.. أنا منال..

دموعهن التي جفت في مآقيهن حضرن إلى أمام قصر العدل في بيروت أمس يطالبن بـ «العدالة لأرواحهن»، أرواح بناتهن اللواتي غدر بهن القتلة. بأصواتهن المبحوحة، شاركت أمهات عدد من ضحايا العنف الأسري في اعتصام التجمع النسائي الديموقراطي، ليطالبن القضاء بالإسراع بالمحاكمات وإصدار أقصى الأحكام، علّها تريح الأجساد التي شوهها المجرمون وهم يمثلون بأجساد فلذات أكبادهن.

 
وأمام قصر العدل تقمصت المعتصمات أرواح الضحايا: أنا رولا يعقوب، أنا كريستال أبو شقرا، أنا رقية منذر، أنا فاطمة بكور، أنا منال العاصي، أنا سارة الأمين، وأنا نسرين روحانا… مواقف كتبت على القمصان التي ارتدنها.
عندما أقرّ قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، كانت دماء النساء ضحايا العنف الأسري، وتحديداً على أيادي أزواجهن، قد سالت على امتداد رقعة الوطن. تأملت نساء لبنان ومعهن منظمات المجتمع المدني والناشطون والحقوقيون أن يشكل القانون الجديد رادعاً للقتلة، والأهم أن تؤدي التدابير الحمائية التي يؤمنها لضحايا العنف. لكن وما أن انقضت فترة قصيرة بعد سريان مفعول القانون حتى استؤنفت أعمال القتل الزوجي.

 
ها هي سارة الأمين، الضحية الأخيرة للعنف الزوجي، توقف الإجراءات القانونية لشكواها على زوجها علي الزين، لأنها لا تريده أن «يتبهدل». حاولت سارة أن تنقذ عائلتها مما اعتبرته تفككاً في حال مضيها في الدعوى واستصدارها قراراً بحمايتها من قاتلها.
سارة لم تكن حريصة فقط على تماسك عائلتها وما اعتبرته كرامة زوجها، إنما تولت تربية أبناء قاتلها من زوجته الأولى. لم يعرف أبناؤها أن شقيقاتهم من أبيهم ليسن نصف أشقاء إلا قبل شهرين من مقتلها.
ومن أمام قصر العدل طالبت عائلات الضحايا ومعهن التجمع على لسان كارولين سكر، ونقابة المحامين التي مثلتها المحامية بريجيت شالابيان، بتعديل النصوص المجحفة في قانون العنف الأسري، ومنحه الأولوية على القوانين الأخرى، وإلغاء التمييز من قوانين الأحوال الشخصية بحق النساء. وهناك خرجت والدة نسرين روحانا لتقول أن القضاء لم يعين جلسة محاكمة لقاتل ابنتها منذ ستة أشهر، فيما استغربت والدة الضحية رقية منذر عدم صدور حكم بحق قاتل ابنتها بعد سنة وثلاثة أشهر على مقتلها… وقبلها والدة منال العاصي التي ما زالت تذكر تفاصيل مقتل ابنتها أمامها.

 
ومحاطاً ببعض أبناء سارة، اعتبر شقيقها محمد الامين أن قضية اخته هي قضية كل امرأة وكل رجل حر في لبنان، وأن الإقتصاص من القاتل مطلوب بأقصى العقوبات ليكون عبرة لمن يعتبر وسولت له نفسه قتل بنات الناس».
وبعدما اعتبرت أن فعل القتل «مؤسس على منظومة أبوية وذكورية تطبع الأمن والقضاء والإعلام ومؤسسات الدولة، رأت كارولين سكر (باسم التجمع) أن محاربة العنف ضد النساء هي مسؤولية مشتركة بين الجميع، مطالبة الدولة بسلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية مسؤولية حماية النساء ووقف الجرائم البشعة بحقهن.

(السفير)

السابق
حريق في «سكاي بار» ليلاً والأضرار فادحة
التالي
بدء جلسة مجلس الوزراء