هل حصل «التحرير» حقاً؟

علم لبنان
ليس هناك لبناني صميمٌ واحد لا يفرحه واقع زوال الإحتلال، لا يوجد لبناني صميمٌ واحد لا يرفع القبعة خشوعاً لكل من قاوم العدو بالأمس واليوم وكل يوم. ولكن هل حصل "التحرير" حقا؟

تصادف اليوم الذكرى الخامسة عشرة لـ”تحرير” ما تبقى من أرض الجنوب من براثن الإحتلال،
هناك من يهلل لـ”النصر” وهناك من يتحسر – ليس على الإحتلال بالتأكيد – وإنما على واقع حالِ اليوم مقارنةً بحقبة الإحتلال..
المتحسرون ليسوا خوَنة ولا عملاء، هم آخر من يمكن ان نُطلق عليهم صفة عملاء.
العملاء رأيناهم في صفوف المحتفلين بـ”النصر”، رأيناهم في صفوف ما كان يوماً إسمها “مقاومة” رأيناهم في صفوفها بعد زوال الإحتلال وليس يوم عزت فيه الرجال.

بعض المتحسرين على واقع الحال في زمن الإحتلال هم – يا لعارنا – من المقاومين الأوائل الذين ضحوا بحياتهم ومستقبلهم من أجل أن نحيا أحراراً مرفوعي الرأس!
في أكثر من مناسبة كتب مقاومون مشهودون على مواقع التواصل الإجتماعي، يتأسفون على تضحياتهم التي ذهبت أدراج المذاهب وراكبي الموجات.
الإحتلال، كنتَ على سبيل المثال تقاومه وأنت مرفوع الرأس وإن استشهدت يهرع الجميع لتشييعك فخورين ببطولاتك والتضحيات..
تحت الإحتلال كنتَ تتمرد وتطالب بحقك، كان الإحتلال مجبراً على تأمين ابسط متطلبات حياتك رغم مقاومتك له بما تملك من وطنية وعزيمة..
اليوم، إذا خرجتَ للمطالبة بأبسط حقوقك المنهوبة من زعماء الطوائف والزواريب والزعران، تصبح فجأةً حاقداً ومتآمراً وخائناً ووهابياً ومنبوذا وعميلاً.
ويصير قتلَك حلالٌ زلال!
على وقع الأهازيج والصور والخطابات والشعارت، يسكر الناس وينسون انّ دحر الإحتلال لا يعني بالضرورة “تحريرا” موصوفاً مكتمل المواصفات!
هناك من يقول اليوم أن لبنان بلدٌ محتل وأنه ليس بالدبابات وحدها يتحقق الإحتلال!
إحتلال العقول والإرادات والآراء اخطرُ وادهى
إحتلال الأرض تقاومه بقذيفة آر بي جي
أما احتلال الإرادة، إن قاومته ولو بمجرد كلمة تصير خائناً وعميلاً وحاقداً ووهابي،
وهل الآن وقت الترف، ترف التفكير والتمحيص وأخذ القرار؟
هل كان هذا الترف يوماً متاحاً في الأساس؟

أما احتلال الأرض، إن قاومته ولو بمجرد كلمة تصير خائناً وعميلاً وحاقداً ووهابي

في اليوم الثاني بعد دحر الإحتلال إذن، راحت السَكرة وجاءت الفكرة كما يقول المثل اللبناني الشهير،
الفكرة تقول أين هو “التحرير” طالما أن عقولنا وإراداتنا وافكارنا مقيدةً بأغلال الإيديولوجيات والتكليف الشرعي، ومن يخرج على القطيع منا ثمة من ينظر في عينيه ويقول له “انت خائنٌ وعميل”!
“انت خائنٌ وعميل” معناها انك محكوم بالإعدام، معناها أنك جثة منبوذة تمشي على الطريق حتى إشعار آخر!
ما نُقل عن لسان أمين عام حزب الله منذ يومين وثبتت صحته بتقاطع المصادر خطير وفظيع ومفصلي.

في أكثر من مناسبة كتب مقاومون مشهودون على مواقع التواصل الإجتماعي، يتأسفون على تضحياتهم التي ذهبت أدراج المذاهب وراكبي الموجات

حزب الله وجد نفسه مع تهاوي أحلام الإمبراطورية في مأزق وجودي خطير ومن هنا الخطر كل الخطر على لبنان ومن فيه.
من ليس مع حزب الله اليوم كحزب (ولا احكي عن مقاومة لم يعد لها وجود بالتأكيد) هو ضده..
“لن نتسامح بعد اليوم”، قالها السيد نصرالله بلسانه وها نحن نقرأ اليوم دعوات مباشرة وغير مباشرة لقتل المعارضين. فقد كتب أحدهم: “ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون”.
لم يجانب السيد نصرالله الحقيقة حينما قال بالأمس إنه علينا ألا نخاف من حزب الله إذا “انتصر”
علينا ان نخافه وهو مهزوم.

السابق
عملية خطف في عرسال واشتباكات بين جبهة النصرة وداعش
التالي
مواقع لبنانية وعربية تناقلت مقال «شيعة السفارة اللبنانية»