سنة بلا رئيس… هؤلاء هم المسؤولون !

سنة ولبنان بلا رئيس… ألا تكفي الكلمات الاربع لاختصار مصير وطن الارز المأزوم؟ وهل يمكن بعد التعميم والتعمية وإغراق اللبنانيين في مزيد من “ثقافة” سياسية هالكة تكشّفت مدى 365 يوماً عن قصور قاتل في حماية الأصول الديموقراطية والنظام الدستوري الذي مُسخ مسخاً هائلاً وانتُهك بأبشع مما عرفه لبنان في تجارب الانتهاكات الدستورية في زمنَي الحرب والسلم؟
لم تعد “الذكرى” المفجعة للفراغ، التي طغت حتى على ذكرى تاريخية لتحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي، تُجيز المضي في “تطبيع” خبيث للفراغ والامتناع تالياً عن تسمية الأشياء بأسمائها والمنتهك بصفته والمقصّر بنعته، لأن سنة من عمر الفراغ ليست مجرد وقوف على أطلال نظام يُشارف الانهيار فحسب، بل هي ترتب مسؤوليات تاريخية مصيرية حان الوقت على الأقل لتحديدها بمنتهى الوضوح.

 

هذه “الكارثة” الدستورية المتدحرجة تُسأل عنها بطبيعة الحال وتتحمّل تبعتها الطبقة السياسية برمّتها من دون تمييز، من حيث قصورها في منع الوصول الى الفراغ أصلاً من منطلقات مختلفة لا مجال للخوض فيها الآن. غير أن ذلك لا يعني التعميم في تحديد المسؤوليات المباشرة وغير المباشرة عن طيّ الفراغ سنته الأولى بعد فشل عقد 23 جلسة لمجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية “والحبل على الجرّار”.

 
في المقام الأول حال نواب “تكتل التغيير والإصلاح” وكتلة “الوفاء للمقاومة” حصراً حتى الآن دون انعقاد جلسات الانتخاب، افقاداً للنصاب شكلاً، ومنعاً لانتخاب رئيس مضموناً، ما دام ايصال العماد ميشال عون الى قصر بعبدا متعذراً، وباتت الأزمة المستعصية أسيرة معادلة لا تني زعامتا التكتلين ونوابهما يطلقونها جهراً وضمناً، وهي إما الجنرال رئيساً للجمورية وإما لا رئيس. هم إذاً نواب التكتلين في الدرجة الاولى مَن يعطلون مباشرة الانتخابات.
في المقام الثاني “النظامي” والدستوري المباشر أيضاً حان الوقت لمساءلة رئيس مجلس النواب وهيئة مكتب المجلس عن المدى الفعال الذي اجترحه “تأبيد” النصاب وتثبيته عند سقف ثلثي أعضاء المجلس الـ127 بعدده الحالي، والى متى سينتظرون بعد للأخذ بقاعدة قانونية – دستورية أجمع عليها كثير من الدستوريين والقانونيين ولا سيما منهم “قدامى” واضعي اتفاق الطائف، الى كتل نيابية عدة، تؤكد ان نصاب الجلسات بعد الجلسة الاولى يجب ان يحتسب على الاكثرية المطلقة أي النصف زائد واحد للمرشح الفائز؟

 

في المقام الثالث تتكشف سنة من عمر الازمة الرئاسية عن أسوأ ما اصاب القوى المسيحية وزعاماتها ومراجعها السياسية والدينية وفي مقدمها بكركي نفسها من عجز وقصور عن كسر حصار ضعفها وتنازع الانانيات لديها الى درجة تحوّلت معها عشرات النداءات البطريركية الصادرة عن الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ومجلس المطارنة الموارنة أشبه بنعي لما تبقى من رواسب آمال في احياء نبض مسؤول لدى القوى والزعامات المسيحية انقاذا ًلمنصب الرئيس المسيحي الوحيد في الشرق العربي والعالم الاسلامي. يجري ذلك فيما لا تلطّف كل “لياقات” الحوار الثنائي بين العونيين و”القواتيين”، ولو مشكورة وموضع ترحيب، تلك الحالة الصادمة التصاعدية لدى المسيحيين الهائمين خشية فقدانهم ما قد تستحيل يوماً استعادته على غرار كثير مما كان.
في المقام الرابع هي “الدول” على مستويي العالم والاقليم بلامبالاة دولية واستشراس الصراع بين الاقليميين . باتت أزمة كرسي بعبدا في أسر قاتل تمسك بها لعبة جهنمية وتضعها في خانة “الاوراق” المتوثبة للصفقات التي تتهيأ “الامبراطورية” الايرانية لعقدها مع الغرب وتناطح عبرها الخليج. فأين المفر؟

(النهار)

السابق
سليمان: الساكت عن الفراغ شيطان أخرس
التالي
دوريات وحواجز للجيش في بعض البلدات العكارية