هل يكون حزيران شهر الحسم في المنطقة فإما سلام شامل وإما حروب تنتهي بالتقسيم؟

إذا كانت قمة كمب ديفيد أخرجت في الماضي اتفاق سلام منفرداً بين مصر واسرائيل، وإن ظلّ هذا السلام بارداً، فماذا تخرج قمة كمب ديفيد بين أميركا ودول الخليج؟ هل تخرج سلاماً شاملاً للمنطقة أم حروباً لا تنتهي؟

 

الواقع انه لا بدّ من انتظار بعض الوقت لمعرفة حقيقة ما تمّ الاتفاق عليه في تلك القمة. وقد يظهر ذلك من خلال تطورات الوضع في العراق وسوريا واليمن، وهل يتجه هذا الوضع نحو حلّ سياسي شامل أم نحو مزيد من الحروب والدمار، وأيضاً انتظار نتائج المفاوضات حول الملف النووي الايراني، وهي نتائج إما انها تجعل دول الخليج تطمئن اليها أو تظل قلقة، والقلق لا يولّد الاستقرار ولا يبدد الهواجس.
لقد كرّرت أميركا القول تطميناً لدول الخليج إنها ستقف معها إذا تعرضت لأي عدوان، وتقصد به إيران. ولكن لماذا تبقي أميركا إيران دولة مخيفة والخليج دولاً خائفة ولا تزيل أسباب الخوف والتخويف؟ هل لتظل أميركا حاجة لكلا الطرفين، الطرف الخائف والطرف المخيف لتلعب لعبة التوازن ساعة تشاء ولعبة الغالب والمغلوب ساعة تشاء… فتكون قمة كمب ديفيد أشبه بذاك الحاكم الذي طلب بناء مستشفى عند كوع خطر تكثر فيه الحوادث بدل أن يوسع الكوع…

 
إن شهر حزيران المقبل قد يكون الشهر الذي يحسم صورة الوضع في المنطقة، فاذا تمّ الاتفاق على البرنامج النووي الايراني، وحظي هذا الاتفاق برضى الجميع بمن فيهم اسرائيل، فان تباشير السلام الشامل تكون قد ظهرت ملامحها وصارت ترجمتها حلولاً للأزمات في العراق وسوريا واليمن، بحيث تضع نهاية للحروب فيها، ونهاية أيضاً لأزمة الانتخابات الرئاسية في لبنان. وهذا السلام قد لا يتحقق إلا إذا قام على أساس تقاسم مناطق النفوذ بين الدول المعنية. أما إذا لم يتم الاتفاق في نهاية حزيران المقبل على البرنامج النووي الايراني وكان في حاجة الى اعطائه مهلة جديدة توصلاً الى اتفاق، فان هذه المهلة قد تمنح ايران فرصة جديدة لتوسيع دائرة تمدّدها في المنطقة، أو يكون الاتفاق الذي يتم التوصل اليه لا يرضي كل الدول المعنية، فان الحروب فيها قد لا تنتهي عندئذ إلا بالتقسيم.

 
فهل يمكن القول إن حزيران المقبل سيكون حاسماً في تقرير مصير المنطقة ومعرفة أي صورة سترسم لها؟ فاذا كان الأمر كذلك فان على الزعماء اللبنانيين، إذا كانوا مخلصين لوطنهم، الاتفاق قبل أي أمر آخر على تحديد دور لبنان في حال تحقق السلام الشامل في المنطقة، أو في حال استمرت الحروب فيها، واذا لم يفعلوا ذلك في أقرب وقت فإنهم يتحملون مسؤولية إدخال لبنان في لعبة التقاسم أو التقسيم. فاتفاق اللبنانيين على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم على أي لبنان يريدون، أو الى أين يذهبون به وسط ما يجري في المنطقة، هو ما ينقذ لبنان من تداعياته.

 
فهل يتفقون على تحييده وهو ما تقرّر بالاجماع في هيئة الحوار الوطني في قصر بعبدا باعتباره الحل الذي يحقق الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي الدائم والثابت، ويحلّ مشكلة المناصفة بالغاء الطائفية توصلاً الى إقامة الدولة المدنية التي لا يحكمها سوى أصحاب الكفاية والجدارة والنزاهة؟ ولا شكّ في أنّ ما يعجّل تحقيق ذلك هو الاسراع في ايجاد حلّ للحرب في سوريا كي يتاح لـ”حزب الله” الانسحاب منها والعودة الى لبنان بوجهه الجديد الذي يريحه من متاعب التجاذبات في الداخل ومن متاعب التجاذبات في الخارج، ويكون ما بعد قمة كمب ديفيد غير ما قبلها.

(النهار)

السابق
جورج وأمل كلوني الى بيروت
التالي
مسلّحون يسيطرون على مستشفى في ادلب بعد انسحاب القوات الحكومية