محاضرة للشيخ حسين إسماعيل في منتدى صور الثقافي

نظم منتدى صور الثقافي لقاءً حوارياً مع رئيس جمعية الوسط الاسلامي اللبناني فضيلة الشيخ حسين اسماعيل حول “مفهوم الوسطية والاشكاليات التي تواجهها ” بحضور منسق عام تيار “المستقبل” في الجنوب ناصر حمود و المحامي الاستاذ محي الدين جويدي الشيخ أحمد مراد مسؤول العلاقات العامة في حزب الله رئيس مركز المجلس في صور الدكتور فضل الراعي ووجوه ثقافية و إجتماعية وحزبية ومهتمين وبدأ اللقاء بالنشيد الوطني وقدم الندوة الاستاذ صخر عرب ثم بعد ذلك كانت كلمة رئيس جمعية الوسط وتحدث عن مفهوم الوسطية في الاسلام ودورها في صيانة المجتمع والاشكاليات التي تواجهها, وبعد ذلك كان هناك مداخلات للحضور حول أهمية نشر ثقافة الوسطية والاعتدال, وهذا نص كلمة رئيس جمعية الوسط فضيلة الشيخ حسين اسماعيل :

بداية أتوجه بالشكر لمنتدى صور الثقافي على هذه الاستضافة لرئيس جمعية الوسط من على منبره للحديث عن مفهوم الوسطية والإشكاليات التي تواجهها، كما أتوجه للحضور الكريم بالشكر على هذه المشاركة في هذا اللقاء الأخوي والفكري.

وقبل أن نتحدث عن الوسطية نشير الى معناها في اللغة العربية , فالوسطية  مأخوذة من كلمة وسط ، وهى  تدل على العدل والفضل والخيرية والنصف والتوسط بين الطرفين  ويشير هذا المعنى كبار علماء اللغة العربية لا سيما ابن فارس صاحب معجم مقاييس اللغة وابن منظور صاحب كتاب لسان العرب.

 

الوسطية في القرآن الكريم :

أما في القرآن الكريم فقد دعى الله تعالى الى التمسك بالوسطية في فهم الدين وعدم التطرف فيه ولا الغلو, ونعرض بعض النصوص القرآنية حول الدعوة الى الوسطية الاسلامية على النحو التالي:

قال تعالى : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً (143)) سورة البقرة. تحدث الله تعالى في هذه الآية أن الوسطية من خصائص الامة الاسلامية التي بها تسود على كل الامم وهي مصدر قوتها ومنعتها وحصانتها , ومقتضى ذلك ان التطرف المقابل للوسطية اذا ابتليت به الامة فانه سيحرمها من أن تكون شاهدة على غيرها من الامم في بسط العدل والسلام على الارض, وستصاب بالضعف أمامها وتصبح موردا لأطماعها .

وهناك آيات ركزت على الوسطية في إطار وحدة الامة الاسلامية, ووحدة الامة من الموضوعات الهامة والخطيرة التي غالبا ما يتم تجاهلها, وما أحوجنا دائما للحديث عن الوحدة الاسلامية, لانها عامل هام وكبير في بناء الامة حضاريا وثقافيا وسياسيا واقتصاديا وأمنيا, ونستعرض بعض هذه الايات على النحو التالي :

 

1- قال تعالى : (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92) ) سورة الانبياء . دعى الله الى وحدة الامة وجمع كلمتها على الخير والصلاح.

2-  وقال تعالى: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) ) سورة المؤمنون. الوحدة الاسلامية فريضة اسلامية لا يجوز التهاون بها.

3- وفي نفس السياق قال تعالى في آية أخرى أيضا: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا (103) ) سورة آل عمران, إذ يجب على كل مسلم ان يرفض المشاريع الظلامية التي تدفع المسلمين الى التفرق والانقسام فيما بينهم.

4-  وقوله تعالى : (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ  وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) ) سورة الانفال, حذر الله تعالى في هذه الاية من النزاع بين أبناء الأمة, لانه سيؤدي الى ذهاب ريحهم وانكسار شوكتهم وطمع الآخرين بهم.

5- وقال تعالى : (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا (94) ) سورة النساء, نهى الله عن تكفير معلن الشهادتين, وفي هذه الاية الشريفة رفض لثقافة التكفير الهدامة.

6- وقال تعالى : (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا (9) ) سورة الحجرات. أمر الله تعالى المسلمين بالاصلاح فيما بينهم .

الوسطية لدى الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم و الامام علي عليه السلام:

وتجلت الوسطية في سنة الرسول الاكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم قولا وفعلا وتقريرا, وهي انعكاس للوسطية في القرآن الكريم, وكانت سببا في نشر رسالة الاسلام واقبال الناس على الدخول فيه, فعن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خط خطا مربعا, وخط وسط الخط المربع, وخطوطا الى جانب الخط الذي وسط الخط المربع, وخطا خارجا من الخط المربع, فقال : أتدرون ما هذا ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم , قال : هذا الانسان الخط الاوسط, وهذه الخطوط الى جانبه الاعراض تنهشه ). في اشارة الى ما ينبغي ان يكون عليه الانسان من الوسطية , وما قد يؤدي الخروج عنها  الى الهلاك.

وبرزت الوسطية أيضا في منهج اهل البيت عليهم السلام, وخاصة في مواجهة المخاطر والتحديات التي شكلت تهديدا لرسالة الاسلام وخاصة بعد رحيل الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم, وبرز ذلك في كلام الامام علي عليه السلام في نهج البلاغة الذي يعتبر اهم المصادر في دراسة حياة الامام عليه السلام من كافة جوانبها, ومما جاء في هذا الكتاب قول الامام علي عليه السلام: ( أيها الناس ! لقد علمتم أني أحق الناس بهذا الأمر من غيري . أَمَا وقد انتهى الأمر إلى ما ترون فواللـه لأسَلِّمَنَّ ما سَلِمَت أمور المسلمين ولم يكن جور إلاّ عليَّ خاصة ، التماسا لأجر ذلك وفضله وزهداً فيما تنافستموه من زخرفه ). نهج البلاغة، ج 1، ص 180، خ 74.

وبعد استعراض ما ورد من نصوص قرآنية واحاديث شريفة حول الوسطية الاسلامية فاننا نقول بان  الوسطية هي فكر حضاري ينبع من الشعور الداخلي للإنسان بالمسؤولية اتجاه مجتمعه واتجاه حياته الرسالية والايمانية والاجتماعية، نعم فالإنسان يميل بطبيعته إلى الوسطية والإعتدال إذا لم يتم تشويه هذه الطبيعة بثقافات ظلامية باسم الدين والقيم. كما ان الوسطية هي فكر تدعو إليه جميع مكنونات الإنسان من عقل و منطق و عاطفة.  وهي لا تخص  شخصا دون آخر ولا مجتمعا دون آخر ولا دينا دون آخر ، بل هي فكر متأصل في وجداننا وليست فكرا طارئا .

ومن أهم المبادئ التي تدعو إليها الوسطية القرآنية هي الإلتزام بخط الإعتدال نهجا وسلوكا و في الخطاب والموقف . كما تدعو إلى الحق والخير والصلاح دون زيادة أو نقصان . و تدعو إلى رفض منطق التطرّف الفكري والسلوكي في فهم الدين و عدم الغلو فيه وتؤكد الوسطية الاسلامية كما تقدم على مبدأ الأخوة الإنسانية  والعدالة الإجتماعية للجميع في الحقوق والواجبات.

إن الهدف المباشر لتأسيس جمعية الوسط كان وما يزال  نشر الثقافة الوسطية التي تشكل حصانة للامة الاسلامية لمواجهة التحديات التي تعيشها من فوضى خلاقة مصطنعة يتم دفعها اليها وهي تنهش في جسدها  ومجتمعاتها  وتعمل على اشعال الحروب والفتن  ودفعها الى الاصطفافات المذهبية من خلال الثقافات المسمومة, وخاصة ثقافة الغلو في الدين والتكفير للمسلمين, وهما ثقافتان متلازمتان ولا يمكن نجاح أحداهما من دون وجود الاخرى.

ولاشك أن مواجهة هذه التحديات تفوق قدرتنا كجمعية إصلاحية فتية ،ولكن لكل امرئ ما سعى ، و كما سعى منتدى صور الثقافي باستضافتنا ضمن مسعاه لنشر التوعية ،سنسعى ضمن القدرات المتاحة لنا لحياة ومجتمعات أفضل من خلال ثقافة اسلامية وسطية.

إن من أهم الأساليب التي تتبعها جمعية الوسط في طرح مبادئها هو أسلوب الحوار  وذلك تطبيقا لقول الله تعالى : ( ادع الى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي احسن ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين (125) ) سورة النحل, والحوار الذي تسعى إليه الجمعية هو حوار المنطق والعقل والدليل و البرهان . و الحوار رغم أهميته و مصداقيته قد لا يأتي بالثمار المرجوة منه في البداية, ولكنه مع الاستمرار في نشر الثقافة الوسطية فانه بالتأكيد سيؤتي ثماره وسيكون وسيلة من وسائل التقارب والإنفتاح وكسر الحواجز المختلفة والمصطنعة ما بين الجميع.

لقد وضعت الجمعية خطة عمل تسعى لتحقيقها ضمن أهداف و برامج متنوعة ،أهمها :

أولا : التقريب بين المذاهب وهذا التقريب ليس على قاعدة أن يصبح السني شيعيا أو الشيعي سنيا ،بل أن يكون الجميع في دائرة الإسلام الجامع الرافض لمبدأ التكفير المدمر لكيانات المسلمين، والخارج عن أصول الدين الصحيح .والتأكيد على أن التشيع والتسنن هما من مدرسة واحدة هي مدرسة القرآن والسنة النبوية الشريفة ، وأن الخلافات العقائدية والفقهية ومسألة الخلافة هي ضروريات مذهبية و ليست ضروريات دينية وهي ملزمة لمن ثبتت لديه ،أما إسلام الضرورة الدينية فهو ثابت لدى الجميع على مستوى الأصول الثلاثة ،التوحيد ،النبوة و المعاد, وكل ذلك ثابت في أبحاث كبار الفقهاء والعلماء .

ثانيا : الإنفتاح على  مختلف الثقافات و تعزيز اللقاءات  الحوارية  و تعزيز نقاط التلاقي معها وتعزيز مبدأ العلاقات ما بين البشر من منطلقات إنسانية  و ذلك تأكيدا للقاعدة التي ذكرها لنا الإمام علي عليه السلام : ( الناس صنفان اما اخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق ).

ثالثا : محاربة الجهل والأمية على مختلف النواحي الدينية والعلمية والثقافية . لأن الإنسان المتعلم هو إنسان يسعى إلى خدمة دينه ووطنه بطريقة علمية صحيحة وواعية  ولا ينقاد الى العصبيات  و يجعل العلم  معياره في الإختيار والقرار.

رابعا : السعي إلى تنوير الشباب المسلم والمؤمن إلى الإسلام الصحيح والعقيدة الصحيحة والتفسير القرآني السليم تبعا للمرجعيات المعترف بها ودراسة علم الحديث والرجال .

خامسا : السعي إلى التصحيح والتغيير ليس في الأصول الدينية الإسلامية بل في طريقة فهمها على مستوى الشكل والأسلوب . فالفكر الإسلامي يتم تشويهه من خلال الفهم الخاطئ و من خلال ثقافات تكفيرية تتلاعب بالأحاديث  وبشرح الآيات من دون الرجوع في تفسيرها إلى أهل العلم والتحقيق والمرجعيات المعتبرة و المعترف بها .

إن التحديات التي تواجهها الجمعية هي تحديات صعبة وهي نفس التحديات التي تواجهها المجتمعات والأوطان عامة, وهي تنقسم إلى تحديات تتعلق بالفكر الإسلامي وتحديات عامة تشمل مختلف النواحي:

ومن التحديات التي تتعلق بالفكر الإسلامي التحديات التالية:

أولا : الإسلام السياسي الراديكالي المتشدد الذي يساهم في دفع المنطقة إلى الصراع منذ زمن بعيد وما يزال يعمل على تفتيت منطقتنا بإسم الدين وهذا الفكر بدأ منذ زمن الخوارج في زمن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام والذي يقوم على فرض مشروعه من خلال ممارسة ارهاب التكفير والتهديد به وما يزال يلقى رواجا لدى الكثير من المتشددين في أيامنا هذه.

ثانيا : وجود بعض الكتب والأحاديث الإسلامية المروية عن النبي وأهل البيت عليهم السلام والصحابة,  والتي تحوي على كم هائل من الأحاديث غير الصحيحة ، و معظم هذه الأحاديث يتناولها العوام من الناس ويأخذون بها دون أن تكون لهم القدرة على التمييز بين ما هو صحيح وبين ما هو مدسوس ويخالف شرع الله ،ودون الرجوع إلى المراجع المختصة في علم الرجال والحديث . وهو علم يثبت سند الأحاديث أو يدحضها تبعا لمصداقية الرجال الذين تسند لهم هذه الأحاديث.

ثالثا : ثقافة الإرهاب الفكري والعاطفي الذي يمارسه الكثير من الجهات من أجل نشر ثقافتهم و معتقداتهم مما يؤثر سلبا على فهم الاسلام والجمود على مفاهيم مغلوطة. ومعظم هذا الإرهاب الفكري والعاطفي يمارس بشكل فاضح على الناس الطيبين الذين تدفعهم عاطفتهم الجامحة إلى الإنصياع التام لمجمل الأفكار التكفيرية.

أما التحديات العامة التي تشمل نواح مختلفة فهي:

أولا : وجود مشروع أميركي إسرائيلي لتغيير وجه المنطقة العربية والإسلامية، يعتمد على إبراز وإظهار كل ما يخدم هذا الهدف من خلال استغلال  الخلافات المذهبية والعقائدية والقومية لدى سكان هذه المنطقة  . حتى الوصول إلى الهدف الرئيسي ألا وهو تقسيم المنطقة إلى دويلات تكون إسرائيل هي الدولة الأقوى بينها .

ثانيا : حضن وإيواء الكثير من الحركات المتطرفة من كافة المذاهب شيعية كانت او سنية في بعض الدول الأوروبية والسماح لها وتحت مسمى الديموقراطية والحرية في التعبير ببث كل ما من شأنه  زرع بذور الفتنة والتكفير والغلو , والسماح لها بالإساءة لرموز المسلمين. دون أن تسمح هذه الدول بأي تعبير أو رأي حر اتجاه الدولة الوحيدة الغاصبة في العالم ألا وهي إسرائيل.

ثالثا : الإستعمال المدروس والممنهج لمواقع التواصل الإجتماعي و من خلال صفحات وهمية وبالمئات ومصحوبة باستغلال الصوت و الصورة لتعبئة المسلمين مذهبيا ضد بعضهم البعض, وإبراز نقاط الخلاف بطريقة سلبية غير حوارية لاثارة الفتنة والاحقاد, و كل ذلك بهدف إرجاع المجتمعات  العربية و الإسلامية إلى زمن العصبية الجاهلية المدمرة .

لقد تعرضت الجمعية منذ مدة إلى هجمة بسبب تطلعاتها الاسلامية الوحدوية ، وقد اتهمنا بأننا نعمل على هدم التشيع ، ولكن الهدف الرئيسي الحقيقي وراء هذه الهجمة كان الإنفتاح الذي حققته الجمعية كمنبر يعمل على تعزيز التشيع من خلال دعم الإنفتاح على الساحة الإسلامية والوطنية والعربية ، وذلك من خلال النشاطات المتنوعة التي قامت بها الجمعية و ما تزال تسعى لإقامتها من ندوات ولقاءات لتعزيز الوحدة الوطنية والاسلامية، بالاضافة الى الندوة الأخيرة تحت عنوان : ( تحديات العالم العربي ضمن الرؤية المصرية ) .

ونحن في جمعية الوسط نستقي فكرنا من مدرسة القرآن الكريم أولا ، وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثانيا، وسنة أهل البيت عليهم السلام التي هي نابعة من سنة النبي ثالثا . كما نستقي النهج الوسطي الاسلامي من مدرسة علمائنا الابرار , وخاصة الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين قدس سره لإرساء النهج الوسطي في الوحدة الاسلامية, والامام السيد موسى الصدر في إرساء الوسطية الوطنية , والامام الشيخ محمد مهدي شمس الدين في إرساء الوسطية العربية في الدعوة الى الانصهار في المشروع العام لبناء الاوطان والبلاد بما يحقق آمال وطموحات الشعوب العربية والاسلامية . كما نؤكد على أهمية دور الفقهاء في مواقفهم الوحدوية لاسيما المراجع العظام كالإمام السيستاني والإمام الخميني والإمام الخوئي والإمام محمد باقر الصدر وغيرهم من المراجع الكرام .

إن إصرارنا على الوحدة الإسلامية ينبع من تمسكنا بالنهج الذي سلكه أئمتنا من خلال رفضهم لأي طرح كان من الممكن أن يؤدي إلى الضرر بالإسلام و آثروا إبقاء مسألة الخلافة والإمامة ضمن دائرة الحوار من خلال إثبات حقهم في الخلافة من خلال الأحاديث والآيات التي نزلت بحقهم ،و هم خلال حياتهم لم يبخلوا بالنصيحة والتوجيه للصحابة والخلفاء في كل الأمور التي فيها مصلحة للإسلام والمسلمين وحقنا للدماء . ثم إن أهل البيت حاربوا لغة التكفير وخاصة تلك التي بدأت مع الخوارج ولم تنتهي حتى يومنا هذا .

ونحن نعتقد أن كل إنسان له حجته عند الله والله هو محاسبه تبعا للأعمال التي لا يعلمها إلا الله قال تعالى : (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك).

إن جمعية الوسط الإسلامي ولدت من رحم التعايش والتقارب الإسلامي الإسلامي و الإسلامي المسيحي و من رحم التسامح و المحبة والتعاون بين جميع الطوائف والمذاهب التي تشكل البوتقة الإجتماعية لمدينة صور و قضاءها بل للبنان بوجهه الجنوبي وعبر عاصمته صيدا بوابة الجنوب.

ونحن في هذه المحطة لا يمكننا إلا أن نشيد بالدور المميز الذي يقوم به رائد الوسطية السياسية والوحدة الوطنية دولة الرئيس نبيه بري الذي رفض و ما يزال يرفض الخطابات المذهبية والطائفية التي تدعو الى الإصطفافات الظلامية .

ثم إننا في جمعية الوسط تعتبر أن أهلنا في المخيمات الفلسطينية  يشكلون عاملا يغني الساحة اللبنانية ثقافيا وعربيا من خلال دعمهم للوحدة الوطنية والإسلامية .  ورفضهم للمشاريع المتطرفة الداعية لضرب صيغة العيش المشترك, مما يظهر وعيا و حكمة لديهم في رفض كل ما يطيح ويضر بالقضية المركزية للامة العربية والاسلامية ألا وهي تحرير فلسطين من العدو الأساسي إسرائيل  وعودة جميع أبنائه إلى وطنهم .ونحن من خلال هذا المنبر نعيد ونطالب بدعم صمود هذا الشعب الصابر والعمل على توحيد كلمته عبر مؤسساته الوطنية الجامعة والحاضنة.

إن نظرة الجمعية تِجاه المقاومة والفكر المقاوم  هي نظرة تنبع من أهمية هذا الدور وهذا الفكر والذي يتكامل مع صمود الشعب اللبناني وجيشه الباسل واحتضان الدولة من أجل حماية لبنان من أطماع اسرائيل.

كما وتعتبر الجمعية  أن الإنتصار على الإرهاب في سوريا الذي يتهدد المنطقة العربية يكمن بدعم توجهات الشعب السوري ورفض مشروع التقسيم  ودعوة المعارضة المعتدلة  والنظام السوري إلى الحوار من أجل مواجهة المشروع التقسيمي المدعوم إسرائيليا وأميركيا,  ولا شك أن الإستقرار في سوريا هو عامل استقرار للبنان والعكس صحيح  و على لبنان دعم هذا الإستقرار  ضمن الإمكانات المتاحة .

إن جمعية الوسط تعتبر أن المنطقة العربية تعيش زلزالا يهدد كيانها ومصالح شعوبها و هو زلزال مفتعل سوف لا  يستثني أحدا من تداعياته إذا لم يتم إستدراكه قبل فوات الأوان ، وذلك من خلال خطوات وسطية استباقية و مراجعات لمجمل الخطوات السابقة  التي أوصلت الأمور الى ما هي عليها الآن واستدراكها  بخطوات تقاربية من قبل الجميع قبل فوات الأوان.

السابق
استشهاد رقيب اول متأثرا بجروح اصيب بها اثناء مداهمة بلدة بريتال امس
التالي
المحكمة الدولية تتابع الاستماع الى حمود