مبادرات مدنية لإنقاذ «الفقراء الجدد» في اليمن

انقضت ايام وقف إطلاق النار الإنساني الخمسة في اليمن يوم الأحد دون إحراز أي تقدم في تسوية الصراع، ومن جديد بات الملايين من المواطنين يتسائلون بشأن كيفية الحصول على الإمدادات اللازمة من الغذاء والمياه والدواء والوقود.

وكانت الضربات الجوية التي تشنها قوات التحالف بقيادة السعودية والمعارك الدائرة على الأرض بين المتمردين الحوثيين والميليشيات الموالية للحكومة قد حالت دون وصول منظمات الإغاثة الإنسانية الدولية إلى بعض المناطق الأشد تضررا بالصراع ، مما جعل بعض اليمنيين في أمس الحاجة للمساعدة.

أحد هؤلاء المتضررين هي أم منذر، 40 عاما، التي كانت تعمل معلمة في مدرسة ابتدائية قبل بدء الحملات الجوية بقيادة السعودية في أواخر مارس/آذار الماضي.

وكان مجموع راتبها الشهري وراتب زوجها، الذي كان يعمل أيضا في قطاع التعليم، يصل إلى 465 دولارا.

و لم يتسلم الزوجان راتبيهما خلال الشهرين الماضيين، مثلهما كمثل الكثيرين من المعلمين اليمنيين.

وكافح الزوجان من أجل سداد نفقات العيش اليومية في بلد يشح فيه الغذاء والكهرباء والوقود والمياه، فضلا عن تحديات كونهما من بين أكثر من 500 ألف شخص نزحوا نتيجة الصراع.

اليمن

“فقراء جدد”

تحدثت أم منذر لبي بي سي من منزل أحد أقاربها في ضاحية تقع خارج عدن، حيث تعيش في المنزل حاليا هي و18 فردا من أفراد أسرتها الكبيرة.

وكانوا قد فروا من منازلهم عندما بدأت الاشتباكات تتفاقم في مدينة عدن الساحلية جنوبي البلاد بين المتمردين الحوثيين والميليشيات المحلية.

وقالت “أحمد الله دوما أننا أفضل من حال الكثيرين، لكن قبل الحرب على الرغم من أننا كنا نعاني من ضائقة مالية في نهاية الشهر، كان لدينا ما يكفي لدعم أنفسنا وأطفالنا. تغيرت أحوالنا رأسا على عقب.”

وأضافت أنه قبل بدء الأزمة، كان شقيقها يسافر دوريا إلى الهند لتلقي العلاج نظرا لإصابته بسرطان الدم (اللوكيميا).

وبعد نفاد آخر جرعة دواء لديه، دبت حالة من الذعر بشأن كيفية الحصول على المزيد من الجرعات الدوائية.

وعلى الرغم من أن شقيقها في العاصمة صنعاء استطاع أن يجد صيدليا لديه مخزون من الدواء يكفي لشهر مقابل 300 ألف ريال يمني، إلا أنه لم يجد وسيلة للوصول إلى عدن.

ونحت الخبير الإعلامي في صنعاء محمد الأسعدي مصطلحا جديدا هو “الفقراء الجدد” لوصف حالة اليمنيين من أمثال أم منظر التي وجدت نفسها فجأة بلا دخل دوري في بلد هو بالفعل من بين أفقر البلدان في العالم العربي.

وقال الأسعدي إنه لاحظ أن العديد من الشركات والمدارس أضطرت إلى غلق نشاطها في الأشهر الأخيرة مع انتشار الصراع في شتى أرجاء اليمن، وتركت الموظفين بلا أي دخل.

ويدفع الأسعدي قيمة سلال غذائية لـ 15 أسرة، كما يمول بالتعاون مع اثنين من الأصدقاء عمليات طبية لطفلين لا تقدر أسرتيهما علي نفقتيهما.

مبادرات القاعدة الشعبية

محمد الأسعدي
محمد الأسعدي

ويدعم الأسعدي مبادرة على مستوى القاعدة الشعبية بدأت في عدن، مسرح بعض أشرس الاشتباكات في الأسابيع الأخيرة، عندما نفد لدى المستشفيات معدات فحص الدم المتبرع به.

وبعد اتصال تلقاه من فايزة السليماني، مسؤول الاتصالات لدى وكالة إنمائية في صنعاء، استطاع الأسدي وزملاؤه ترتيب طريقة للحصول على معدات فحص الدم لنقلها إلى عدن.

ومن هناك نمت الفكرة وطرحت المبادرة على مستوى القاعدة الشعبية، وأصبح هناك فريق من 20 متطوعا يمولون أنفسهم ويساعدهم في التمويل الأصدقاء والأسر.

وقالت السليماني لبي بي سي :”هدفنا هو مساعدة المواطنين الذين تعجز الوكالات الحكومية والمنظمات غير الحكومية عن الوصول إليهم.”

واستطاع الفريق تسليم سلال غذائية لأكثر من 800 أسرة في مناطق هي الأشد تضررا من جراء العنف، من بينها محافظات عدن وتعز ولحج.

كما ينظمون برنامجا تدريبيا لتعليم نحو 300 شاب لتعلم الإسعافات الأولية، فضلا عن توعية بشأن التسامح وتجنب الصراعات السياسية والطائفية.

ونظرا لمقتل عمال الإغاثة على يد قناصة في عدن، يواجه المتطوعون خطر التضحية بحياتهم أثناء تسليم المساعدات.

واعتقل مقاتلون حوثيون بعضهم، واتهموهم بتقديم غذاء وأسلحة للمقاومة قبل إطلاق سراحهم.

ودوما يجد المتطوعون أنفسهم يعتمدون على الحيلة للتغلب على التحديات اللوجستية من أجل الوصول إلى المواطنين في المناطق النائية.

ووصف أحدهم ويدعى أحمد نور كيف تنقل المساعدات على ظهور الحمير في المناطق الريفية في محافظتي تعز ولحج نظرا لنقص الوقود وغلق الطرق الرئيسية.

وقال نور إن ما يجعلهم يتحملون أوضاعا كهذه هو :”أننا يمنيون وهذا واجبنا”.

رابط المقال الأصلي

السابق
العلْم إرث متجذر يتسلل من جذور العائلة والحياة
التالي
باسيل في مؤتمر الطاقة الاغترابية: نطالب ونضغط لاقرار قانون استعادة الجنسية