العلْم إرث متجذر يتسلل من جذور العائلة والحياة

الماء نفسها لا تجري في النهر مرتين، تذهب إلى إرواء السواقي والبحر… لا تكرر رتابة الزمن، عون الأمين هو ذلك الإنسان الدافق ضد تعبنا اليومي، والكلمة الطيبة أشبه بمذرار سنبلة، على الأقل هكذا نعرفه، ولا نريد أن نعرف من أي مغاز جاءت.

 

عون الأمين
ولد في ديركيفا سنة 1935، حمل هموم قريته منذ تعيينه مدرساً في مدرسة جويا الرسمية سنة 1959، مارس التعليم في مدرسة جويا ثلاث سنوات. درس المرحلة الابتدائية والمتوسطة في الكلية الجعفرية في مدينة صور. وفي العام 1954 انتقل إلى مدرسة دير ميفوق (معهد سيدة إيليج – جبيل) في القسم الداخلي حيث أنهى تعليمه الثانوي، وعين مدرساً، وأثناء ذلك نال شهادة الثانوية العامة “الموحدة السورية” سنة 1966. وانتسب إلى كلية الآداب في الجامعة اللبنانية.

عون الامين

 

من غرفتين إلى… مدرسة
العام 1962 انتقل إلى قريته واضعاً نصب عينيه إعادة فتح المدرسة الرسمية، وبعد معاناة ومكابدة استطاع أن يستأجر بيتاً متواضعاً مؤلفاً من غرفتين متلاصقتين وأن يسجل ثلاثين تلميذاً في الصفين الأول والثاني ابتدائي وكان يضع كرسيه وطاولته على الباب المشترك بين الغرفتين ليعطي الدروس الكتابية لهذا والشفهية لذاك.
وكان عون الأمين أول المتبرعين لبناء مدرسة ست غرف صالحة للتدريس. وخلال بضع سنوات نمت المدرسة بفضله من معلم واحد إلى سبعة معلمين وإلى أكثر من مائة تلميذ وفي نهاية العام الدراسي فاز ثمانية تلاميذ في امتحان الشهادة الرسمية (1967 – 1968) (السرتفيكا) من أصل اثني عشر تلميذاً وهي نسبة عالية آنذاك.
دخل عون الأمين في نسيج المدينة الاجتماعي والسياس كمثقف ومؤرخٍ مواكباً النشاطات الثقافية والاجتماعية والسياسية كواحد من فعاليات مدينة أحبها لمّا ولج إليها طفلاً. منطلقاً من التعليم إلى الثقافة في مشوار طويل.

 

الإرث
وعون يعكف اليوم على كتابة التاريخ العاملي ودراسة آثار المنطقة وله كتاب تحت الطبع بعنوان (من التاريخ والتراث العاملي) وله مقالات عدة أدبية وتاريخية منشورة في الصحف والمجلات اللبنانية والعربية، وهذا يضاف إلى إرثه التاريخي في المدرسة مخرِّجاً ومُربياً لأجيال تكنُّ له صداقة واحتراماً.
في الحزب وخارجه
كان عون الأمين ناشطاً في صفوف حزب البعث العربي (سوريا) عندما كان في خمسينات القرن الماضي في الكلية الجعفرية التي كانت معقلاً لهذا الحزب والمناضلين إضافة إليه السيد حسين شرف الدين، حسن محي الدين، كامل زعتر ويوسف حبيب. وغيرهم من الذين شاركوا في ثورة (أحداث 1958) جنباً إلى جنب مع حركة القوميين العرب، وفي هذه المرحلة استطاع النائب الراحل جعفر شرف الدين، والراحل محمد الزيات أن يتآلفا على مناهضة الحلف الثلاثي (نوري السعيد – العراق، شاه إيران محمد رضا بهلوي – إيران وكميل شمعون – لبنان)…

وبانتقال عون الأمين إلى الثقافة كان نشطاً وما يزال في المنتديات الثقافية وكان لحضوره الدائم في الأمسيات العالمية دور المستمع والناقد، أما في “الحركة الثقافية في لبنان” كان من المؤسسين، وهكذا لم يك ليتوانى عن فعل ما يرتأيه لاستنهاض مدينته… ووطنه.

(شؤون جنوبية)

السابق
إعرفي شخصيته من شكل أصابعه
التالي
مبادرات مدنية لإنقاذ «الفقراء الجدد» في اليمن