عاجلاً أم آجلاً العدالة ستتحقق

وليد جنبلاط

كنت أضع ملاحظاتي الأخيرة على شهادتي أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تنظر في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي قتل قبل عشر سنوات في الرابع عشر من شباط 2005، وتذكرت أني في اليوم الأول بعد الجريمة اتهمت النظام السوري باغتيال الحريري بعدما كنت قد خضت التجربة المؤلمة بنفسي قبل 38 عاماً، عندما اغتال السوريون والدي في السادس عشر من آذار 1977.

يا لها من مصادفة.

عارض والدي بشدة الغزو السوري للبنان.. لكنهم دخلوا على دمه.

وبعد ثمانية وعشرين عاماً، أراد رفيق الحريري أن ينسحبوا من لبنان وفقاً لاتفاق الطائف.. لكنهم غادروا على دمه.

لقد كان عليَّ مصافحة يد من اغتال والدي، حافظ الأسد، بعد 40 يوماً على الجريمة، بسبب الانقسامات الداخلية اللبنانية حينذاك، الأحزاب اليمينية المسيحية الذين انحازوا في البدء إلى جانب السوريين ثم استخدمهم الإسرائيليون، في حين أن جانبنا تحالف مع منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات.

لكن كما يذكر الجميع، السوريون كانوا قد حصلوا على الضوء الأخضر لاجتياح لبنان من قبل السيّئ السمعة هنري كيسينجر، بهدف سحق الأحزاب اليسارية التي يقودها كمال جنبلاط، ونجحوا بذلك من خلال قتله، والهدف الثاني كان السيطرة وكبح منظمة التحرير وياسر عرفات، لكنهم فشلوا بذلك.

لكن الهدف تحقّق لاحقاً على يد شارون خلال غزو العام 1982 والذي أفضى إلى رحيل منظمة التحرير وعرفات من بيروت.

مصادفة أخرى.

المصلحة المشتركة لشارون والأسد بإلغاء عرفات ومعه مبدأ الإرادة الفلسطينية الحرة التي قد تؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية.

الشمولية البعثية، تتقاطع مع الصهيونية في إنكار فلسطين.

بالاختصار، لقد تمكّنت من خلال شهادتي في لاهاي من تقديم محاكمة لتاريخ الجرائم السورية في لبنان.

عندما قُتل كمال جنبلاط، لم تكن هناك محاكم دولية.

بعد ثمانية وثلاثين عاماً ومن خلال شهادتي، أقول إن العدالة تحقّقت إلى حدّ ما من أجل ذكراه، وآمل أن تتحقّق العدالة لرفيق الحريري ولجميع الشهداء الذين رفضوا الهيمنة السورية.

(المستقبل)

السابق
«لعدم كفاية».. ميلاد!!
التالي
… وإنّها لوحات سوريالية