دفاعا عن.. المقاومة

إستخدم حزب الله مصطلح المقاومة لوصف الأعمال الحربية التي ينفذها في سوريا. استخدامه للمصطلح اساء للمقاومة فمن يساهم في إبقاء نظام طاغية ليس بمقاوم.
واحدة من محاولات الخداع التي يلجأ لها حزب الله لاقناع جمهوره بشرعية معركته في سوريا، استحضاره الدائم لمرحلة الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي بكل محمولات تلك المرحلة ومشاهدها وقدسيتها وبما ترمز في وجدان الجماهير، والعمل بعد ذلك على اسقاط كل ذلك على معاركه الى جانب بشار الأسد.
حتى انه يطلق بلا أي مبرر منطقي على مقاتليه في سوريا أيضا تسمية “المقاومة”! فتطالعنا اخبار الوسائل الإعلامية التابعة للحزب والمقربة منه عند نقلها لمجريات الاحداث الميدانية بالقول: قام الجيش العربي السوري والمقاومة بالهجوم على المنطقة الفلانية، او عندما ينعي مقاتلا من مقاتليه سقط في سوريا يكون النعي الرسمي له: (تنعي المقاومة الإسلامية الشهيد … الذي استشهد في سوريا)
وكان اخر هذا العبث في عيون الجماهير ومشاعرها من اجل الوصول بعد ذلك الى قلوبها وعقولها، مشهد “شك العلم” على تلة من تلال القلمون ليخيل اليهم من سحرهم انها تحاكي مشهد شك العلم على موقع من مواقع الاحتلال في الجنوب.
وان كنت لست بوارد النقاش في اصل شرعية مشاركة الحزب بالقتال في سوريا من عدمها، وهذا نقاش طويل انقسم عليه اللبنانيين، وكل دلى بدلوه، ورأينا فيه معروف، الا انه ولو سلمنا جدلا بأن هذه المشاركة لها مبرراتها ولها مسوغاتها ومعذوريتها، فلو سلمنا بكل ذلك الا اننا لا يمكن ان نسلم بهذه المطابقة بينها وبين “المقاومة” التي كانت في وجه العدو الإسرائيلي.
لان “المقاومة” لا يجوز ان تتحول الى اسم علم ومع (ال) التعريف، خصوصاً اذا ما اخذنا بعين الاعتبار ان فصائل كثيرة كانت تشكل في مرحلة بدايات العمل المقاوم حضورا فاعلا وقويا، وكان لها الفضل الأكبر في انطلاقة المقاومة واستمرارها، وهي الان غير مشاركة في القتال السوري كمنظمة العمل الشيوعي، وحركة امل، وغيرهما.
مما يعني ان الاستمرار باطلاق تسمية “المقاومة” على مقاتلي حزب الله في سوريا يحمل بطياته امرين خطيرين
الأول: سرقة موصوفة لادوار تلك الفصائل وتاريخها وتضحياتها وشهدائها باعتبار ان “المقاومة” هي ماركة مسجلة باسم الحزب فقط، يمكنه حملها أينما أراد ويستطيع استثمارها حينما يرغب، والا فما معنا ان تكون “المقاومة” تقاتل بسوريا فيما حركة امل مثلا تعلن يوميا انها غير معنية بهذا القتال؟ الا القول بوضوح ان حركة امل لا علاقة لها بما يسمى “مقاومة”.
والثاني: استعمال مصطلح “المقاومة” في غير مكانه الطبيعي ( مقاتلة المحتل ) هو تماما كإستعمال داعش لراية الإسلام، وادعائها انها تحمل لوائه زورا وبهتانا. وهذا ما أدى ويؤدي حتما للاساءة الى الإسلام الحق مما يمكن ان يخلق حالة ارتدادية عن الدين. وهذا هو الحال في الموضوع الأول فان استعمال شعار “المقاومة” في حروب مع غير العدو الصهيوني سيخلق حالة ارتدادية أيضا عن كل من يحمل العداء لإسرائيل، ولا يرى في خيار الحزب مبررا مما يحدوه للكفر بكل ما هو مقاومة لإسرائيل او ممانعة لمشروعها.
في المحصلة نقول لحزب الله، حتى وان كنت لا تزال على قناعتك بالمشاركة بحربك والدفاع عن نظام بشار الأسد فهذا خيارك وانت مسؤول عنه، لكن رجاء رجاء ابعد مصطلح “المقاومة” عن حربك هذه، وفتش عن أساليب أخرى تقنع بها جماهيرك. أقول قولي هذا لا لشيء الا دفاعا عن… المقاومة.

 

السابق
حمادة من معراب: لاارى اي افق لاقتراحات عون وحكم المحكمة العسكرية في قضية سماحة فضيحة كبيرة
التالي
عشر خطوات لتعيش الحياة بسلام