«إعادة محاكمة»سماحة.. بالتسجيلات والاعترافات هل يُطلَق الموقوفون الإسلاميون بالمعادلة “المخفّفة”؟

ميشال سماحة

كتبت صحيفة “النهار” تقول : اتخذ الاشتباك السياسي – القضائي الذي أشعله حكم المحكمة العسكرية في ملف الوزير السابق ميشال سماحة ابعادا تصعيدية واسعة حملت دلالات قد تتشابك مع الملفات الساخنة الاخرى المرشحة بدورها لحماوة اضافية، وخصوصاً في ظل ما ينتظر ان يعلنه من مواقف رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب العماد ميشال عون في مؤتمره الصحافي قبل ظهر اليوم في شان ملفّي التعيينات الامنية والعسكرية والانتخابات الرئاسية.

ومع ان الواقع اللبناني شهد سوابق عدة مماثلة للاشتباك السياسي الناشئ حول “حكم سماحة”، فان التطورات التي تسارعت امس على خلفية انفجار الاصداء الساخطة لتخفيف مدة الحكم الى اربع سنوات ونصف سنة بدت كأنها استعادة لمحاكمة سماحة اعلاميا وشعبيا من خلال بث الأشرطة المسجلة صورة وصوتا للاحاديث التي جرت بينه وبين الشاهد المخبر السري ميلاد كفوري الذي تمكن من الايقاع به قبيل بدء تنفيذ مخطط التفجيرات الذي تولى سماحة الاعداد لمرحلته الاولى، بما يكشف الهوة الواسعة بين الاعترافات المثبتة لسماحة بمخطط التفجيرات والاغتيالات والحكم المخفّف في حقه. كما ان الجوانب الاخرى من الاشتباك برزت في اتساع ردود الفعل الرافضة للحكم والتي لم تقتصر على “تيار المستقبل” وفريق 14 آذار عموما بل تجاوزتها الى رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط وشخصيات مستقلة مثل الرئيس نجيب ميقاتي.
وتحت عنوان “البراءة المستحيلة” بثت محطة تلفزيون “المستقبل” مساء امس مقاطع عدة لأشرطة مسجلة يشرح فيها سماحة في منزله في بيروت لكفوري مخطط الاعداد للتفجيرات وانواع المتفجرات والاسلحة، ويكرر فيها مرات ان الرئيس السوري بشار الاسد واللواء علي المملوك وحدهما يعرفان بالمخطط. كما يحدد سماحة في التسجيلات الاهداف المحددة للعمليات الارهابية من تجمعات لمقاتلين ضد النظام السوري وممرات وتجمعات دينية معينة حتى لو قتل فيها رجال دين ونواب ومفتون. ويظهر في لقطات اخرى يسلم حقائب الاسلحة والمتفجرات والصواعق من صندوق سيارته الى كفوري.
مجلس القضاء
وفي حين تواصلت الاجراءات التمهيدية لتقديم الطعن في حكم المحكمة العسكرية، برزت دلالات التأزم التي حملتها اصداؤه من خلال مسارعة مجلس القضاء الاعلى الى اصدار بيان ذكر فيه بأن “النظام القضائي في لبنان يلحظ طرقا للمراجعة ضد أي قرار يشتكى منه”. واشار الى ان “نسب أي مآخذ الى قاض له آلية مكرسة في القانون وهي محكومة بجملة شروط، أهمها السرية فلا يجوز خرقها عبر الاعلان عن احالة قاض بالذات على التفتيش القضائي ايا تكن الاسباب او الظروف”. وبعدما جدد المجلس “ثقته بقضاة لبنان مؤكداً جسامة الاعباء الملقاة على عاتق القضاء في الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن”، دعا الجسم القضائي “الى بذل جهود بينة للنهوض بهذه الاعباء”.
تداعيات
وفي المقابل، بلغت ترددات الحكم ضريح الرئيس رفيق الحريري الذي شهد وقفة تضامن رفضا للحكم شارك فيها وزراء العدل اللواء اشرف ريفي والداخلية نهاد المشنوق والشؤون الاجتماعية رشيد درباس وقيادات من 14 آذار، كما نفذت مجموعات شبابية من “تيار المستقبل” اعتصاماً أمام مبنى المحكمة العسكرية. ومضى وزير العدل في خطواته الهادفة الى الطعن في الحكم وتالياً محاولة نقل الملف الى المجلس العدلي، علماً ان هذه الخطوات حظيت بغطاء سياسي واسع لريفي من “تيار المستقبل” وقوى 14 آذار. وأعلن الوزير في هذا السياق انه رفع مشروعا الى مجلس الوزراء لاحالة ملف سماحة على المجلس العدلي في موازاة التقدم بنقض الحكم وتمييزه امام محكمة التمييز العسكرية، الامر الذي يعني ضمنا ان وزير العدل سارع الى اولى الخطوات التنفيذية في مسعاه لنزع الملف من القضاء العسكري ونقله الى القضاء العدلي مع ان خطوة كهذه ليست مضمونة، نظراً الى المعارضة المتوقعة لها من افرقاء 8 آذار الذين بدا دفاع معظمها امس عن المحكمة العسكرية واضحا. كما ان الوزير السابق عضو “تكتل التغيير والاصلاح” سليم جريصاتي طالب ريفي امس بالاستقالة.
وأبلغ مصدر في “تيار المستقبل”، “النهار”، أن من تداعيات ملف سماحة إعادة النظر في طريقة محاكمة الاسلاميين الموقوفين الذين لم يحكم عليهم حتى الآن. فإذا كان حكم المحكمة العسكرية في ملف سماحة، مع ما ينطوي عليه الملف من إثباتات جرمية دامغة، جاء مخففاً الى أقصى مدى فمن المنطقي أن تسري النتيجة على واقع الاسلاميين المتهمين الذين مضى على وجودهم في السجن فترة طويلة وهم ليسوا في واقع مماثل لتورط سماحة. واعتبر أن حصول هؤلاء على أحكام مخففة هو أضعف الايمان، لا بل إن وجودهم في السجن قد تجاوز مدة محكوميتهم ولا بد من إطلاقهم. وأعطى مثلا سابقة فايز كرم الذي دين بالتعامل مع إسرائيل وأطلقته المحكمة العسكرية بناء على حكم مخفف مما أفسح في المجال لإطلاق أكثر من عشرة مدانين بالتعامل مع إسرائيل بطريقة مماثلة لإطلاق كرم.
كما علمت “النهار” من مصادر وزارية ان مجلس الوزراء شهد أمس إختباراً مبكراً لمشكلة تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان من خلال بند مالي خاص بوزارة العدل مدرج على جدول الاعمال ومقداره مئة مليون ليرة الذي اعترض عليه وزيرا “حزب الله” لكن البند أقرّ أخيراً. ولفتت الى ان موقف وزيري الحزب جاء بشكل غير مباشر رداً على المواقف الاخيرة لوزير العدل أشرف ريفي، علما أن الجلسة لم تبحث في أي أمر خارج جدول الاعمال.

 

السابق
الابن الأخير والغامض لعماد مغنية
التالي
معركة القلمون تضاعف مخاوف الإسرائيليين على الجليل