وجهان «متناقضان» لحرب القلمون!؟

جورج شاهين

على أبواب الاستحقاقات الداهمة في الملف السوري، المَبنية على خريطة مواقع القوّة على الأرض، وعشيّة القمّة الخليجية – الأميركية، تتوالى المنازلات الكبرى على الأراضي السورية. مِن هنا تكتسب معركة القلمون أهمّيتَها الاستراتيجية بالنسبة إلى النظام، فيما تنام المعارضة على حرير انتصارات إدلب. وهو ما فتحَ النقاشَ عمّا يمكن أن تعكسَه التطوّرات على لبنان. فما هو المتوقّع؟

شاءَ مَن شاءَ وأبى مَن أبى، تؤكّد المراجع الأمنية والعسكرية اللبنانية أنّ معارك القلمون لن تمرّ من دون أن تنعكس على الوضع اللبناني. ولا تُستبعد انعكاساتها على النقاط الحدودية الساخنة بين الجيش اللبناني والمجموعات المسلّحة السورية.

فالمنطقة تَغلي في شريط يمتدّ على طول هذا الخط، حيث تنتشر مخيّمات النازحين السوريين خارج نطاق سيطرة الجيش والقوى الأمنية اللبنانية، والتي تحوَّلَت من دون أيّ حرَج لأيّ طرَف من الأطراف، ملاذاً آمناً للمسلحين ومعبَراً للتموين والتذخير والاستشفاء.

وعليه، توسّعَت المراجع في قراءتها لنتائج عمليات القضم التي قامَ بها «حزب الله» في تلال عسال الورد والمزارع المحيطة في عمق الأراضي السورية، وسط فقدان أيّ معلومات تتحدّث عن دورٍ واضح للجيش السوري النظامي الغائب بقواه وأسلحته البرّية عن أرض المعارك منذ بدأت العملية قبل أيام.

ذلك أنّ التقارير الأمنية الواردة من المنطقة لم تلحَظ دوراً حاسماً للجيش السوري في كلّ ما حدث إلى اليوم، وعكَسَ ما وصَل منها أنّ الدور الأفعل للحزب في العملية التي انطلقَت من الأراضي اللبنانية وتحديداً من تلال بريتال ومحيطها الواسع وصولاً إلى فليطا وحام ومعربون في منطقة تقع جنوبي خط انتشار وحدات الجيش الذي بقيَ خارجَ المعركة بكامل مجرياتها.

والدليل، تقول المراجع، أنّ التغطيةَ الإعلامية التي توافرَت للعمليات العسكرية التي شاركت فيها مختلف وسائل الإعلام المحَلّية كانت بتنسيق وتنظيم مِن وحدة الإعلام الحربي في «حزب الله» دون غيرها من المراجع السورية المعنية.

وعلى هذه المعطيات، تعزّزَت القراءات التي تتوقّع ارتدادَ العملية العسكرية على لبنان واللبنانيين من بوّابة عرسال بشكل من الأشكال. وليس الأدلّ عليها عند التثبُّت من وجهة انسحاب المسلّحين السوريين الذين انكفأوا شمالاً في اتّجاه تلال عرسال ومنطقة القلمون الشمالي، بعدما سُدَّت في وجهِهم الطريق الأقصر نحو القلمون الجنوبي وصولاً إلى مناطق الزبداني وريف دمشق الغربي على طول سلسلة جبال لبنان الشرقية.

فقد نجحَ «حزب الله» في الالتفاف على المجموعات المسلّحة من الجنوب لدفعِهم شمالاً، وهو ما لم يَسمح للمسلحين بسلوك طرق الجنوب على رغم بقاء بعضِها مفتوحاً، طالما إنّ الفصل النهائي ما بين القلمونين الجنوبي والشمالي لم يحصل بعد.

تجدر الإشارة إلى أنّ المنطقة المتنازَع عليها بين النظام و»حزب الله» والمجموعات المسلّحة الأخرى تقع في شريط جردي قاحل بعرض ما بين 9 إلى 14 كيلومتراً يفصل الحدود اللبنانية – السوريّة عن طريق دمشق – حمص الدولية الاستراتيجية التي تربط العاصمة بالساحل الشمالي السوري، والتي يسيطر عليها النظام بعمق يمتد من 3 إلى 6 كيلومترات يفصل القلمون الغربي عن الشرقي منذ أن تمَّت السيطرة على القرى والمزارع الممتدة من يبرود جنوباً الى القُصير وريف حمص شمالاً العام الماضي.

وتأسيساً على ما تقدّم تتَّجه الأنظار أوّلاً، إلى التثبُّت من حجم توغّل المسلحين في اتّجاه تلال عرسال ليُبنَى على الشيء مقتضاه. فوحَدات الجيش المتمركزة على طول التلال من عرسال إلى رأس بعلبك بكامل جهوزيتها للردّ على أيّ اعتداء أو عملية تسَلّل أيّاً كان حجمها المقدّر، وهو لم يرصد إلى الأمس أيّ عمليات انتشار أو تدعيم أو تمركز لمجموعات مسَلّحة جديدة.

وإلى حينه، سيكون هناك كلام آخر على خلفية القرار السياسي الذي يلتزمه الجيش بعدم التنسيق مع أيّ طرَف آخر سوريّاً كان أو لبنانياً، ليشاطرَه الدور والمهمّة في الدفاع عن الأراضي اللبنانية وعدم التورّط في أيّ عمليات خارجَ هذه الأراضي على الإطلاق. وهو ما أسبَغ على معركة القلمون وجهين متناقضين لإبعاد الخطر عن قرى لبنانية ولتقريبه من أخرى.

(الجمهورية)

السابق
هل خفت صوت «داعش»؟
التالي
ليس من مصلحة سوريا