حسان الزين.. هل الانتقال من ضفة لأخرى يستوجب هذه الإثارة؟

انتقال أي إعلاميّ سابقا كان يُعدّ انقلابا على مواقفه، أما اليوم فبات الإنتقال من مؤسسة إعلامية إلى أخرى أمر طبيعي، فلماذا أثار انتقال حسان الزين من السفير كل هذه الضجة؟

أثار انتقال الزميل حسان الزين المياه الراكدة باستقالته من جريدة “السفير” والأغرب ليس تنّقل الزين من موقع إعلامي إلى آخر، بل هي الضجة التي صاحبت هذا الإنتقال.

فالزميل حسان كان في “السفير” وعاد إليها بعد أن ذهب إلى موقع آخر، وهو ليس أول صحفيّ ينتقل من ضفة إلى ضفة مقابلة. بل أن لبنان بصُحفييّه المتكاثرين جدا اليوم، باتوا عُرضة لعروضات يتلقونها من وسائل الاعلام المحليّة والعربية، خاصة تلك التي تُطلق نفسها في الهواء الافتراضي أو الورقيّ.

وكانت قد اجتاحت البلاد سابقا موجة من الإنتقال من أبرز جريدتين في لبنان أي “السفير” و”النهار” إلى وسائل الاعلام كان افتتحها الرئيس رفيق الحريري كجريدة “المستقبل” واذاعة “الشرق” وتلفزيون “المستقبل”…

الأمر نفسه حصل بعد افتتاح جريدة “البلد”، وكذلك حصل مع افتتاح جريدة “الأخبار” وموقع “المدن” الالكتروني.. والآن مع جريدة “العربي الجديد” وتلفزيون “العربي”.

اضافة الى عودة “الأم. تي. في” إلى الحياة، ومعها انطلاق “الميادين” وعدد كبير من الفضائيات العربية المعارضة التي استقطبت الشباب الجدد إلى عالم المرئي والمسموع.

دين الصحفي هو اختيار الافضل وتتبّعه، وان كان سابقا قد اعتبر الأمر شبه معدوم، ويشّكل سابقة، ويثير ضجة، كما حصل مع خروج جهاد الزين من “السفير” في ثمانينيات القرن الفائت.

ولم يُثر خروج المحلل السياسي الكبير ساطع نورالدين من “السفير” قبيل عامين تقريبا الضجة التي يستحقها لكونه جاء بعد سلسلة تنقلات وقعت على الساحة الاعلامية اللبنانية جعلت من عملية الانتقال هذه مسألة شبه عادية ومتوقعة، خاصة بعد انطلاق الثورة السورية والاختلاف الافقي حولها، رغم دلالاته الكبرى.

إن انتقال أي إعلاميّ سابقا كان يُعدّ انقلابا على مواقفه، إلا ان الأمر بات اليوم عاديا، خاصة ان الإعلام الخليجيّ دمر ما كان يتميّز به الاعلام اللبناني من النخبوية والمستوى الرفيع، سواء الادبي او السياسي وجعل الإعلام اللبناني من دون ان يدري مرتعا للأخذ والرد في المواقف ولتبديل المواقف.

فأن نجد أقلاما مهمة جدا تكتب في صحف خليجية بات نوعا من وطنية، اذا ما قارناه بالصحف التي تُصنّف نفسها على انها من فريق الممانعة المتهمة باتبّاع الخارج سواء السوري أو الايراني.

فالتقسيمات والتشكيلات انطلقت وتدرجت باتجاه تصنيفات من معادلة: يمين/يسار، الى معادلة نفطي/غير نفطي، والان الى ممانعة/لاممانعة.

بل إن الاعلاميين اللبنانيين باتوا يتواجهون مباشرة عبر الشاشات كما السياسيين دون أية موضوعية تُذكر. وباتت الصحافة بما تضم من أقلام عبارة عن منابر تشاتم وتنابز ولم يعد ثمة حيّز أو مكان على الشاشات للإعلامي والصحافي الموضوعي.

فأن يتخلى عبد الباري عطوان مثلا عن “القدس العربي” لهو أمر خطير، وأن يكتب محمد علي مقلد ودلال البزري في “المدن” لهو أخطر. إذ لم يعد العمل الصحفي معيارا للموقف من فلسطين ومناهضة الصهيونية، بل بات المعيار هو التأييد للمحور الخليجيّ العربي مقابل المحور الخليجيّ الفارسي.

لقد انهارت آخر صروح لبنان مع التنقلات بكل الاتجاهات الممكنة وغير الممكنة، لأن القضية الاعلامية باتت دون قواعد او مفاهيم او أسس.

السابق
نساء يطرزن الحنين بخيوط الأمل
التالي
على ماذا سيحصل العرب من اوباما في كامب دايفيد؟