السيّد الأمين: حزب الله مقاومة لذا لا يجوز له التدخل في سوريا

السيد محمد حسن الامين
استضاف برنامج "الواقع العربي" في محطة الجزيرة الفضائية مساء الأربعاء الفائت، سماحة العلامة المفكر الاسلامي السيد محمد حسن الأمين، وقد أجاب سماحته عن مجموعة من الأسئلة الفكريّة والفقهية وخاصة فيما يتعلّق بمسألة ولاية الفقيه الإيرانية، وكذلك أبدى وجهة نظره من مواضيع الساعة السياسية. وهنا نصّ المقابلة كاملاً.

بدأ مقدّم البرنامج حديثه بالقول: “إذا كان حزب الله يشكّل الإمتداد اللبناني لخط أسّسه الخميني، فإن ولاية الفقيه المطلقة تشكل المضمون الأيديولوجي لذلك الامتداد، هذا المضمون هو محل جدل عند علماء الشيعة مع أن إيران تحاول فرض ولاية الفقيه واستبعاد كل رأي مخالف”.

· ما هي الفوارق والجدل الحاصل حول ولاية الفقيه؟

“إن القول بولاية الفقيه العامة هو اجتهاد ورؤية لبعض الفقهاء، وأبرزهم الإمام الخميني، أما الولاية الجزئية فهي التي يراها أغلب الفقهاء وتتعلق بالأمور الخاصة للأحوال الشخصية، وقد قامت الثورة الإسلامية في إيران بناء على هذا الاجتهاد، كما أن نجاح الثورة الإسلامية كان له عوامل عدّة أبرزها شخصية الإمام الخميني وكاريزمية شخصيته”.

· كيف نظر الإمام الخميني لنظرية الولاية العامة؟

“يقول الإمام الخميني أن الأمة يجب أن يكون على رأسها فقيه هو بمثابة ولي الأمر للمسلمين جميعاً، وهو حاضر وكتب مقالات في ذلك الأمر قبل نجاح ثورته، وبعد نجاح الثورة في إيران التي قادها، وجد الفرصة مؤاتية لطرح هذه الفكرة استفتاء على شعب إيران لتكسب ولاية الفقيه بعد ذلك تفويضاً مع اختيار الشعب الإيراني لها، فأعلنت دولة ولاية الفقيه، رغم أن هذه الدولة توفرت فيها مؤسسات على طراز الدولة الحديثة، إلاّ أن ولاية الفقيه اعتبرت في إيران بعد ذلك مصدر شرعية السلطة، ولا تقوم لتلك الشرعية على الانتخاب بل على ولاية الفقيه”.

وبعد غياب الإمام المهدي المنتظر حوالي منذ عام 250 هجرية، فإن الأمة أصبحت تلي شؤون نفسها

· كيف تعاملت إيران مع من يخالف ولاية الفقيه؟

“الثورة في إيران إسلامية بطبيعة الحال، والبشر هم البشر، وموازين القوى تلعب دوراً في الاختلاف، وأصبح الطرف الآخر وهم الذين يؤمنون بولاية الأمة المناقضة لفكرة ولاية الفقيه هم الطرف الضعيف، مما عزز فكرة ولاية الفقيه وتكريسها في النظام والدستور الإيراني، وتغلبت هذه الوجهة على غيرها، فهي ليست محلّ إجماع، ولكنها حتى الآن هي الفكرة الغالبة، وأنا رأيي أن المستقبل القادم هو لصالح تحجيم هذه الولاية لصالح ولاية الأمة، أي لصالح المؤسسات الدستورية المنتخبة ديموقراطيا على نطاق واسع ”

· هل يمكن لنظرية ولاية الأمّة على نفسها تكون مدخلاً كي ينخرط الشيعة في بلادهم؟

“من وجهة نظري فإنني أختلف مع الأيديولوجية السياسية الشيعية الحالية، فنحن كشيعة نؤمن بالرسول والأئمة المعصومين الإثني عشر، وأرى كما يرى غيري من العلماء أنه وبعد غياب الإمام المهدي المنتظر حوالي منذ عام 250 هجرية، فإن الأمة أصبحت تلي شؤون نفسها، وهذا يرتبط بوجهة نظري بمفهوم الدولة في الإسلام الذي يرى أن الدولة شأن بشري وشكل الحكم يختاره البشر وليس شأناً دينياً إلهياً، وأن السلطة أمر متغيّر باستمرار، وهذا لا يتناسب مع العقيدة الدينية الثابتة التي لا تسمح بهذا التغيير الذي يحدث في العالم السياسي، ومن وجهة نظري فإن كلّ الشيعة الذين يعيشون في بلادنا هم يؤمنون بأنظمة سياسية وهم جزء من الشعوب التي تعيش داخل هذه الأنظمة، ومن حق هذه الطائفة أن يكون لها وجهات نظر كغيرها من طبيعة الحكم والدولة، وأنا من المؤمنين أن الدولة يجب أن تكون مدنية، أي بأحقيّة اختيار من يمثّل الناس بغض النظر عن اختلافهم وتعددهم دينياً واجتماعياً، فالإنسان ليس له هوية واحدة دينية او طائفية فقط، للإنسان هويات مختلفة وقد تجمعني مع غير المسلم أحياناً رؤية سياسية لا تجمعني مع المسلم نفسه، فالشأن السياسي هو مجال اختلاف، ويكون البت للأكثرية، وهذا معنى الدولة الحديثة”.

· هل استطاع حزب الله التوفيق بين نظريته والواقع للبناني؟

” حزب الله مجرد حزب في لبنان وهو ليس غريبا عن لبنان، ولكن لا يمكن التعميم أيضا، الطائفة الشيعية ليست حزباً وفيها اتجاهات مختلفة، فالبعض منها ينتمي لحركات وأحزاب وبعضها لا ينتمي للحركات السياسية وله رأي مختلف، فلا يتخيّل البعض أن كل الشيعة في لبنان هم حزب الله، فحزب الله هو إطار لعقيدة ولاية الفقيه وهو صاحب اتجاه بين اتجاهات متعدّدة. وتأثير إيران واعتبار ولاية الفقيه ركن أساسي من أركان الدين كان بسبب قيام ثورتها الاسلامية، فمع نشوء أية نهضة فإن تأثيرها يعمّ المنطقة، فإيران انتشر فكرها كما مصر أيام عبد الناصر وتورثها القومية”.

تدخله في موضوع سوريا وتدخله فيها عسكرياً لا يتناسب مع المهمة الشرعية الموكولة لهذا الحزب

– ما هي مخاطر ما تضمنتها قداسة فكرة ولاية الفقيه في الدول العربية في ظل ما نشهده الآن من صراعات وتدخّل الحزب في سوريا والعراق وفي ظل ثورات الربيع العربي؟

“باختصار إن ما يجري في المنطقة العربية هو أمر مؤسف بالنسبة للتضامن العربي والا العربي ودلالته مخيفة على مستوى المستقبل، وبالنسبة للبنان فإننا نشعر أن تدخل في الشؤون الخارجية خصوصاً من أجل المقاومة، فحزب الله هو حزب مقاومة ولم يجرّد من سلاحه بعد انتهاء الحرب اللبنانية لأنه يجب ان يكون سلاحه سلاح مقاومة، لذلك نحن نعتبر أن تدخله في موضوع سوريا وتدخله فيها عسكرياً لا يتناسب مع المهمة الشرعية الموكولة لهذا الحزب، وهذا ما نحاول أن نقنع فيه الجميع”.

السابق
تحذير من وزارة الصحة: تسمم كيمائي بين السوريين اثر تناول معمول ملوث في سوريا
التالي
الجيش السوري يطارد ٤٨ إيرانياً