ذهبت لتلهو… فخطفتها «مدينة الموت»

مشغوفة بالحياة ركبت مريم دولاب الهواء، أرادت أن ترفرف كفراشة في كون لم يكن يتسع لحدود بسمتها، لكنها لم تعِ أنها اختارت المكان الخطأ، وأنها ستتخطى فضاء الكرة الأرضية لتنتقل رغماً عن ارادتها الى عالم آخر. رحلت مريم بعدما تداعى دولاب مدينة ملاهي “سيتي لاند” وانهار، فارتطمت بالارض هي ومن كان معها من الرفيقات. خمسة منهن جرحن، اما هي فكانت الضربة قاضية اذ جاء رأسها على قطعة من الحديد، لم تقوَ على وجعها فأسلمت الروح وغادرت الجميع.
ابنة الرابعة عشرة ربيعاً كانت تنتظر الرحلة التي نظمتها مدرسة النور في مرياطة بلهفة، اعدت العدة، فتجهزت بالشوكولاتة والحلويات، استيقظت صباحاً، ادت صلاة الصبح، تحدثت مع جدها ديب الطباع قبل ان يحين موعد الباص وتنطلق في رحلة لا عودة منها. الجد المفجوع يعجز عن الكلام، كيف لا وهو من ربى حفيدته على يديه، كانت فرحة حياته، والاوكسيجين الذي يتنفسه. هو اليوم يمر في مرحلة عصيبة، لا يصدق أن حبيبته البريئة التي اعتاد ان تملأ بيته بالحنان لن تطرق الباب بعد الآن، لن تجلس معه وتبادله اطراف الحديث، بجهد جهيد قال لـ”النهار”: ” قلبي يحترق، أنا مقهور، ماذا عساي ان اقول، ومريم لم تعد الآن في الوجود”.

وعن اليوم الأخير، يضيف: “استيقظتً صباح يوم السبت في الثاني من ايار وجدت مريم مستيقظة، فقلت لها إن الوقت لا يزال باكراً لماذا لا تكملين نومك، فأجابت إنها ستذهب في رحلة تنظمها المدرسة الى مغارة جعيتا وبعدها الى مدينة الملاهي، حين وصل الباص قبلتني ورحلت… رحلت ويا ليتها عادت”.

مريم طفلة

الصدمة حطّت من عزيمتي
ابنة الفوار في قضاء زغرتا تجمع جميع الصفات الحسنة بحسب جدّها ديب “هي المؤمنة، الهادئة، التي تلبي فورا ما اطلب منها، وكذلك كنت البي جميع طلباتها هي وشقيقاتها الثلاث”، واستطرد “بيت ابني في المبنى نفسه، وكانت مريم تسكن عندي، انا متعهد باطون عندما انتهي من تسليم المبنى الذي اعمل عليه الآن لن استلم اي مبنى آخر، لم اعد اقوى على العمل، صدمتي كبيرة ولم يعد لدي عزيمة”.
في عائلة مترابطة ومتوسطة الحال تربت مريم الكبرى بين شقيقاتها، المجتهدة، الطموحة. يوم الرحلة أعطت والدة مريم ابنتها هاتفاً كي تطمئن عليها بين الحين والآخر، من دون ان تتوقع ان جد ابنتها سيتلقى اتصالاً من احدى المعلمات تخبره ان حادثاً حصل في مدينة ملاهي المنية وان مريم تعرضت لجروح وهي في مستشفى المظلوم، اكثر من مئتي محاولة اتصال قامت بها الوالدة من دون ان تتلقى الجواب، لتفجع بعدها بان ابنتها توفيت قبل وصولها الى المستشفى وان آخر ما قالته اريد هواء”.
على من تقع المسؤولية؟
رئيس بلدية الفوار ومحامي عائلة الطباع، ناجي العويك لفت في اتصال مع “النهار” إلى ان” البطاقات التي أرسلتها المدرسة للأهالي ذكر فيها ان الرحلة تتضمن زيارة لمغارة جعيتا ومدينة ملاهي من دون تحديد الاسم، ما حصل ان مريم ركبت في احدى الالعاب التي يبدو انه لم تتم صيانتها منذ فترة كما حال جميع العاب المدينة، فمنذ ما يقارب السنة حصل حادث مماثل في تلك المدينة ادى الى وقوع جرحى من دون قتلى”، ويضيف “سكة حديد اللعبة انهارت بالكامل، سقطت مريم ارضاً، ارتطم رأسها بقطعة حديد وسقطت زميلتها عليها”.
المسؤولية الكبرى تقع بحسب العويك “على صاحب الملاهي الذي أوقف وختمت مدينته بالشمع الأحمر، اما التحقيق فسيتوسع لمعرفة ان كان هناك مسؤولية تقع على المدرسة”.
غدرَ القدر هذه المرة بعائلة الطباع، خطف مريم من أحضان أحبائها وترك حرقة لن يطفئها الزمن.

(النهار)

السابق
القلمون بين وَهم القوّة وسوء تقدير الموقف
التالي
10 أمور إذا شعرت بها عليك الزواج فورًا بدون تردد