الراعي استقبل وفدا من ابرشية فرساي وآخر من الهيئة الكاثوليكية للتعليم المسيحي

إستقبل البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي قبل ظهر اليوم في الصرح البطريركي في بكركي، وفدا من ابرشية مدينة فرساي الفرنسية يرافقه اعضاء من جمعية مار منصور دي بول- لبنان- في زيارة لإلتماس البركة، وكان عرض لأبرز المحطات التي شهدتها عملية التوأمة بين رعيتي كاتدرائية سيدة البحار في صور وكنيسة القديسة جاندارك في فرساي والتي تمت منذ العام 2007 بفضل التعاون بين راعي ابرشية صور المارونية المطران شكرالله نبيل الحاج وراعي ابرشية فرساي المونسنيور ايريك اومونيه.

بعدها عرض الراعي، وردا على عدد من الأسئلة التي وجهها اعضاء الوفد حول الوضع المسيحي في لبنان وفي الشرق، للوضع المسيحي منذ نشأة المسيحية حتى يومنا هذا. فأكد غبطته:” أننا كمسيحيين ننشر قيم المسيحية، هذه القيم الروحية، ونحن موجودن في هذا الشرق منذ ألفي سنة، لافتا الى ان “الحضور المسيحي كان في اساس دول الشرق الأوسط، حيث الجذور والقيم المسيحية من تعايش مشترك واحترام لكرامة الإنسان وللحرية وحقوق الإنسان والإنفتاح على الآخر، والعيش معا.”

وتابع الراعي :” نحن نعيش معا مسلمين ومسيحيين منذ 1400 سنة على الرغم من كل الصعوبات التي مرت بنا. لقد حافظنا على وجودنا، وثابرنا في ارضنا، وانطلاقا من القرن السادس عشر، بدأنا بتعميم هذه الثقافة من خلال مدارسنا، وهنا نذكر معهد روما الماروني الشهير، الذي أنشئ في العام 1584، وقد أعطى كوكبة من العلماء علموا بدورهم في القصور الملكية في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبنوا جسر الثقافة بين الشرق والغرب. كما نذكر الإرساليات اللاتينية من اليسوعيين والفرانسيسكان واللعازريين والدومينيكان، ومن ثم تأسست الرهبنات الشرقية، وحتى اليوم لا يزال لدينا المدارس والجامعات والمستشفيات والمؤسسات الإجتماعية المسيحية والمسلمة، وهنا لا اعني لبنان فقط باعتباره الأول بين دول المنطقة في نشر ثقافة الحضارة والقيم الإنسانية والأخلاقية والثقافية وغيرها وانما أتحدث ايضا عن سوريا ومصر والعراق وغيرها. نحن نعيش معا، ونحافظ على وجودنا معا ولقد شكلنا كيانا وطنيا معا. نحن نغتني بقيمهم وهم يغتنون بقيمنا.””

وأضاف الراعي: ” لكننا اليوم نمر بمحنة كبيرة في المنطقة مع اندلاع حروب القتل والدمار والتهجير في العراق وسوريا واليوم اليمن. وندفع الثمن لأنه في الفوضى يهاجم المسيحيي من دون معرفة السبب، وهذا ليس بالأمر الجديد. اكثر من مليون ونصف المليون مسيحي نزحوا من العراق من سهل نينوى والموصل، اضافة الى نزوح اعداد هائلة من المسيحيين من سوريا حيث دمرت كنائسنا في حلب وقصفت المناطق المسيحية.”

وتابع الراعي :” في لبنان، يوجد اليوم ما يزيد عن نصف عدد سكان لبنان من النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين ما يشكل عبئا ضخما لا يمكن لهذا البلد الصغير تحمله على كافة الأصعدة إقتصاديا وإجتماعيا وأمنيا وسياسيا. نحن نؤمن ان العناية الإلهية هي التي تحمي هذا البلد. نعيش فوق قنبلة موقوتة. ومن أبرز نتائج هذه الأزمة التي تعصف بالمنطقة غياب رئيس للجمهورية اللبنانية. ألقصر الرئاسي مقفل، والجمهورية من دون رأس، ولكن الشعب، مستمر في العيش لأنه يحب العيش.”

ولفت الراعي الى انه في زيارته الأخيرة الى فرنسا طلب من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند العمل والضغط باتجاه الأسرة الدولية لوقف هذه الحرب ليرتاح الجميع، قائلا:”أود أن أقول أنه لطالما كانت فرنسا إلى جانب لبنان في السياسة الدولية لأن هناك علاقات تاريخية تجمع بينهما. وتعود هذه العلاقة إلى نحو ألف عام، وهذه العلاقة بدأت تحديدا مع الملك سان لويس والبطريرك الماروني لتنشأ بعدها هذه العلاقة التاريخية بين البلدين. لقد وقفت فرنسا دائما إلى جانب لبنان في سياستها الدولية ولها حضورها القوي فيه ثفافيا واجتماعيا. ولقد اكد لنا الرئيس هولاند دعم بلاده الكامل للبنان وللوجود المسيحي فيه. انها حرب عبثية ولا معنى لها انها حرب الدول التي تسعى الى تحقيق منافعها الخاصة من خلال دعمها لتنظيمات ارهابية من داعش والقاعدة والنصرة ومرتزقة يأتون من اوروبا ومن الشرق. انه التدمير المنظم. لقد هجر اكثر من 12 مليون سوري من ارضهم تشتتوا حول العالم وهذا الأمر لا يعني شيئا للأسرة الدولية.الدول الغربية ومعها الدول العربية تبحث عن مصالحها الخاصة سياسية كانت ام إقتصادية سعيا وراء البترول والطاقات الحيوية. دمار جرائم تدمير للمواقع التاريخية الاثرية انهم يدمرون التاريخ. قداسة البابا فرنسيس يتحدث دائما عن السلام وحتى اليوم لم نسمع احدا يطالب او يود السلام. الجميع يريد الحرب بسبب تجارة السلاح. لم يعد هناك اخلاق في العمل السياسي والسياسة من دون اخلاقية هي هدم للانسانية. انها النار التي ستبتلع عالما بكامله. فليتركونا بسلام هذا ما قلته لسفراء الدول قلت لهم دعونا نعيش بسلام ولا تفرضوا الديمقراطية بالقوة دعوا الشعوب تقرر مصيرها.”

وقال الراعي :”نحن لم نتوقف يوما عن دعوة المسيحيين وهذا ما فعلناه في زيارتنا لهم في اربيل وهم في العراء بعد ان هجروا من بيوتهم لقد قلنا لهم:” ها هو الوقت الذي يجب فيه على المسيحيين ان يبقوا في هذه الأرض لحمل رسالة الإنجيل لأبناء بلدهم. نحن لا نعطي الآخر صفة عدو فحن نعيش سويا وعلينا دائما نشر صوت الإنجيل صوت الحب والسلام والكرامة الإنسانية والعيش المشترك اكثر من اي وقت مضى. ونقول لأصدقائنا في الغرب وهذا ما قلته للرئيس هولاند كما لغيره نرجو منكم الا تسهلوا نزوح المسيحيين الى دولكم بسبب الحس الإنساني ساعدوهم اينما هم ساعدوهم للبقاء في ارضهم لكي يتمكنوا من العودة والحفاظ على هذه الثقافة المسيحية. انها خدمة كبيرة يمكنكم تقديمها لنا. والا فانكم تساعدون على ضياع 2000 سنة من الرسالة المسيحية في هذا العالم . تصوروا ان تقع ارض القداسة هذه ارض الوحي الإلهي بدءا من ابراهيم وموسى مرورا بتجسد المسيح ابن الله والصليب والخلاص والقيامة والروح القدس والإنجيل والكنيسة، بين ايدي الأصوليين فتتحول الى ارض موت بعد ان كانت ارض الحياة. هذه الأرض تحتاج اكثر من اي وقت مضى الى الوجود المسيحي فيها.”

وبعد الظهر التقى غبطته وفدا من الهيئة الكاثوليكية للتعليم المسيحي في الشرق الأوسط، برئاسة رئيس الهيئة الأب كلود ندره وحضور المتروبوليت مخايل ابرص رئيس اللجنة الوطنية الكاثوليكية للتعليم المسيحي واعضاء الوفد القادمين من 10 دول في الشرق الاوسط، لمناسبة انعقاد اللقاء العشرين للهيئة في لبنان والذي سيعقد بين 7 و10 ايار الحالي في دير حاملات الطيب للراهبات المخلصيات لسيدة البشارة في جعيتا.

وأشار الأب ندرة الى ان ” زيارة صاحب الغبطة ضرورية لإلتماس بركته قبيل انعقاد هذا اللقاء الذي يتمحور حول موضوع كيفية الإفادة من التعليم المسيحي لتثبيت المسيحيين في بلدان الشرق الاوسط وسط هذه الظروف الصعبة والمعاناة التي تطال كل مجتمعاتنا الشرقية.”

ولفت الى ان “اعمال المؤتمر ستقسم الى ثلاثة اقسام تتضمن عرضا للواقع المسيحي في دول الشرق الأوسط من خلال تقارير اعدت من قبل البلدان الأعضاء البالغ عددهم 13 بلدا ويحضر عنهم ممثلون مع غياب ممثلين عن ثلاث دول هي العراق، قبرص وسلطنة عمان. ثم يتم التداول بهذه التقارير على ان تتخذ التوصيات والقرارات في ضوئها. هذا وسيشهد اللقاء مداخلات لإخصائيين حول مواضيع تتعلق بكيفية التعاطي في النزاعات والازمات وكيفية الحفاظ على القيم التي تعلنها الكنيسة وتعاليمها في هذه الظروف الصعبة. على ان تكون هناك مشاركة للأب غابي هاشم عضو الهيئة الدولية اللاهوتية لدى الكرسي الرسولي لإعطائنا الرؤية اللاهوتية والواقعية لإعتبار هذه المحن اداة لتثبيت المسيحيين وليس العكس.”

وختم ندرة:” لقد التمسنا بركة وتوجيهات صاحب الغبطة الذي هو الراعي والمرافق لنا، ولقد اكد لنا ان الشيء الوحيد الذي يمكن ان يداوي ويجيب على كل هذه الأزمات التي نتعرض لها هو العودة الى روح الإنجيل والى تعاليم الإنجيل اضافة الى العمل الجدي مع المرجعيات التي بامكانها ان تؤدي دورا في تخفيض نسبة هذا الشر المتفشي في هذه الدول عبر الطرق الديبلوماسية. هذا وسنحتفل مع غبطته بالقداس الإلهي يوم الأحد المقبل في بكركي بعد صدور المقررات والتوصيات.”

السابق
سقوط صاروخ في غربي بعلبك
التالي
مقدمات نشرات الأخبار المسائية ليوم الخميس في 7/5/2015