عطيّة: الاسلام السياسي سبّب الإنقسامات والحل بــ«الراعي العروبي الثالث»

غسان عطية
قال الباحث العراقي غسان عطية أن سبب الإنقسامات في العراق والعالم العربي هو تنامي الاتجاهات الإسلامية على حساب القومية والوطنية التي كانت سائدة، وإن الحلّ برأيه هو الدخول في مشروع عربي جامع حضاري حديث أسماه "الراعي العروبي الثالث".

في مداخلة مع إذاعة الشرق ضمن برنامج “ماغازين” قال الباحث العراقي غسان عطية أنّ: “هناك محاولات من قبل شخصيات عراقية وخاصة في الوضع الذي يعيشه العراق اليوم، للخروج من الأزمة.

الأزمة العراقية في الأساس هي الإنقسام الطائفي الحاد، وهو ليس بجديد فكان هناك دائماً هامش من الطائفية في العراق في كل عهد من العهود السابقة، لكنّه الآن لم يعد هامشاً بل أصبح أساسيا في الحياة العراقية”.

وأضاف عطية: “هناك أمور فرضت علينا هذا الوضع كالثورة الإيرانية. في البداية هذه الثورة أخذت لوناً تحررياً وبإسم مقاومة إسرائيل، ولكنها في النهاية أخذت نزعة إسلامية شيعية وقدّمت نفسها كراعية للشيعة في العالم، وبذلك إنعكس هذا الدور على المناطق العربية بمجملها.

السؤال الذي أصبح متداولاً في دول شرق الأوسط المتنوعة طائفياً، هل أنت سني أو شيعي

العراق هو بلد تخوم وحدود يتأثر بما يجري في الدول المجاورة التي تحدّه، فهو البلد العربي الوحيد المحاط بقوميات إيرانية، تركية وعربية. وبقدر ما يضعف العرب، بقدر ما يزداد التأثير الإيراني والتركي على العراق”.

وأشار عطية أنّ : ” اليوم تعم بلادنا موجات وحركات تتجه بإتجاه الإسلام في بلدان منقسمة طائفياً كالعراق وسورية أو لبنان. فعندما دخل الإسلام السياسي على نهج سيد قطب أو على نهج السيد الخميني، يعني أنّ السؤال الذي أصبح متداولاً في دول شرق الأوسط المتنوعة طائفياً، هل أنت سني أو شيعي؟”.

وأكدّ عطية أنه: “حتى الآن لم تقم حركة سياسية دينية في أي بلد منقسم طائفيا إلاّ وزادت البلد إنقساما، من هنا كانت النتيجة أنه عندما ولد التيار الإسلامي في العراق إنشق إنشقاقا كبيرا، لدرجة أنّ الهوية الأساسية التي كانت سابقاً، أي عندما كنا نقول أنا عراقي تراجعت لا بل حتّى إنقلبت. في الدول العربية ككل حتى في الساحات اللبنانية وغيرها لا تسمع كلمة هذا عربي بل شيعي أو سني.

هذا الإنقسام يعكس حقيقة أساسية، أن الخيمة العراقية تضم قوى ومذاهب وطوائف مختلفة، لكن في هذه الخيمة عامود أساسي أبقى الخيمة قائمة على مدى سنوات، وهي كلمة عرب العراق وهم حوالي 80% من سكان العراق. وعندما إنكسر هذا العامود بإسم الشيعة والسنة وبدون شك أن من أخطاء الإحتلال الأميركي الأساسية كسر هذا العامود فبرزت كلمة شيعي وسني، وكل هذا بإسم الواقعية”.

حتى الآن لم تقم حركة سياسية دينية في أي بلد منقسم طائفيا إلاّ وزادت البلد إنقساما، من هنا كانت النتيجة أنه عندما ولد التيار الإسلامي في العراق إنشق إنشقاقا كبيرا

ولفت عطية: “من هنا وجدنا أنّ كل المحاولات لتجاوز هذه الحالة منذ 2003 حتى اليوم فشلت ولم تنجح، عند إذن بدأ الحديث عن صحوة عربية في العراق. هذه الصحوة ليس من السهل أن تقوم ونحن محاطين بدول كتركيا وإيران،لأنهم من الممكن أن يكون لديهم إعتراض بل خوف من هذه الصحوة.

علينا أن نفتش بالحركة الإسلامية والحركة العروبية التي كانت في بداية القرن العشرين كمحمد عبدو ورفاعة الطهطاوي وأمثاله هؤلاء كانوا روّاد في الإصلاح الديني، وكذلك في مطلع القرن العشرين كان هناك روّاد في الإصلاح العروبي المتمثلين برياض الصلح، شكري القوتلي فارس خوري و غيرهم…

هذه الأسماء كانت الراعي العروبي الأول، هذا الراعي الأول كان له نظرة صائبة قائمة على وجهة نظر وهي أنّه لا بدّ من التحالف مع الحليف القوي، وهم اختاروا أن يتحالفوا مع الغرب والذي ساعدهم على إنشاء دول، لا نتحدث فقط بلغة “الاستعمار”، هي في الحقيقة كلمة إستخدمت بطريقة أساءت لنا أكثر مما تسيئ للإستعمار واستفاد منها الإتحاد السوفياتي دون أن يقدم لنا البديل الإنساني الديمقراطي الناهض لبلدنا”.

وأكد عطية أنّ: “التيار العروبي الأول نجح بإقامة الدول التي استطاعت أن تمارس حد كبير من الديمقراطية في سوريا، فكان هناك انتخابات وحصل البعثيون خلالها على 18 نائب ، وفي العراق أيضا حصل انتخابات، وحصلت المعارضة على 13 نائب. نعم إنها ليست تجربة نموذجية لكن كانت خطوة يجب أن نبني عليها لا أن نهدمها، ومع الأسف هدمناها في اللجوء إلى الإنقلابات العسكرية التي انتهت إلى ديكتاتوريات عسكرية إن كان في العراق أو سوريا أو حتى القذافي أو في مصر”.

كل المحاولات لتجاوز هذه الحالة منذ 2003 حتى اليوم فشلت ولم تنجح، عند إذن بدأ الحديث عن صحوة عربية في العراق

ليس المطلوب تأسيس حزب أو دولة جديدة، إنما تعالوا لنتطرح فكرة، من يتبى البحث في المراكز الفكرية في لبنان وفي الخليج والكويت، تعالوا ندرس أين اخطأنا وأين أصبنا وكيف ممكن أن نتجاوز الوضع الحالي. ففي تقرير من معهد واشنطن للشرق الأوسط يتحدث كيف على أميركا أن تواجه خطر تفكك نظام الدول في الشرق الأوسط أقترح التقرير عدّة اقتراحات ولكنه لم يشير ولا حتى في عبارة واحدة لماذا لا نساعد العرب في استرجاع هويتهم العربية في منظور ثالث أو راع ثالث”.

وختم عطية: “الآن نريد أن نزرع بذرة التوجه العربي الحضاري أي النظرة الجديدة أو “الراعي العروبي الثالث” المستفيد من التجارب الماضية هذا هو نصا الذي أطرحه”.

السابق
بري في لقاء الاربعاء: للاسراع في درس المشاريع العالقة
التالي
هذه آخر تطورات ملف العسكريين المخطوفين