مصاعب اللحظة الأخيرة في تشكيل الائتلاف الإسرائيلي

في منتصف هذا الأسبوع تنتهي المهلة القانونية الثانية لتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة وسيكون رئيس الحكومة المكلف، بنيامين نتنياهو مضطراً إما لإعلان الحكومة بمن حضر أو طلب تمديد المهلة. وحتى الآن ليس لديه سوى اتفاقين أبرمهما مع كل من حزب «كلنا» بزعامة موشي كحلون و«يهدوت هتوراه» الحريدي.
ومن المتوقع أن يبرم قبل يوم الأربعاء اتفاقا مع حزب «شاس» وربما مع «البيت اليهودي». ويجري الحديث عن مصاعب تواجه إبرام اتفاق مع أفيغدور ليبرمان ليس بسبب الخلاف على حقائب وزارية كما هو الحال مع البيت اليهودي وإنما لاعتبارات أخرى.

ويبدو الوقت ضاغطا بشكل كبير خصوصا أن نتنياهو كان تعهد أن ينجز الائتلاف قبل انتهاء المهلة الأولى. وفي كل الأحوال فإن التوجه نحو حكومة يمين ضيقة سواء كانت تستند إلى ائتلاف 67 عضو كنيست مع كحلون والحريديم والبيت اليهودي وإسرائيل بيتنا أو من دون إسرائيل بيتنا يعني أن هذه الحكومة ستكون هشة. ولا تعود أسباب الهشاشة إلى أن 67 نائباً أو 61 نائباً إذا لم يدخل ليبرمان وحزبه الحكومة لا يمكن أن تحكم وإنما لأن الاختلافات بين صفوفها حادة لدرجة يصعب التوفيق بينها.
وفي كل حال، وإذا أعلن نتنياهو حكومته فإن المعركة الفعلية تكون قد بدأت، ليس فقط بين هذه الحكومة ومعارضيها وإنما أساسا داخل الحكومة والائتلاف. فانعدام المعيار في ما حصل عليه كل من الأحزاب من انجازات داخل الحكومة يثير خلافات يصعب تلافي عواقبها لاحقا. وعلى سبيل المثال لا الحصر، لا يستطيعون في البيت اليهودي هضم فكرة أن حزبهم لم ينل أيا من الوزارات الرئيسية الهامة، الدفاع، الخارجية والمالية. وما يزيد الطين بلة في نظرهم أن «إسرائيل بيتنا» احتفظت لزعيمها، أفيغدور ليبرمان، بمنصب وزير الخارجية رغم أن هذا الحزب حصل على عدد مقاعد أقل باثنين من البيت اليهودي. ومن المؤكد أن الكثير من الحديث سيدور لاحقا حول المرارة الكامنة.

ولكن حتى مع أفيغدور ليبرمان لا تبدو الأمور مريحة إلى هذا الحد. فليبرمان لم يستوعب بعد درس الخسارة في الانتخابات وتراجع وزن حزبه من عشرة مقاعد إلى ستة. والأهم أنه ورغم احتفاظه بوزنه في الحكومة وبأكثر مما يستحق إلا أنه يشعر أن قبوله باتفاق نتنياهو مع «يهدوت هتوراه» يعني إلغاء مبرر وجود حزبه الذي «ناضل» في الكنيست السابقة لإقرار القوانين التي يلغيها هذا الاتفاق.
ومع ذلك فإن مشاكل نتنياهو الحقيقية هي التي ستظهر له داخل حزبه، الليكود. وحتى الآن يسري قانون يحدد عدد وزراء الحكومة بـ18 وزيرا. وقد ذهبت ثلاث وزارات لحزب «كلنا» بينها وزارة المالية، ووزارة الصحة ليهدوت هتوراه، وسينال البيت اليهودي على الأقل وزارتين، وكل من شاس وإسرائيل بيتنا وزارتين. وهذا يعني أن كل ما يتبقى لليكود هو ثمان وزارات. وبديهي أن هذا العدد من الوزارات، وبعد ضياع كل ما هو هام بينها، المالية والخارجية والتعليم والاقتصاد والمواصلات والإسكان والصحة، لا يبقى لوزراء الليكود سوى الفتات. وسيكون الصراع مريراً من أجل الوزارات التي تتسم بأهمية، سواء كانت الدفاع أو الداخلية ما يعني أن أزمات تنتظر الليكود. وهناك اعتقاد أن نتنياهو سيزيد عدد الوزراء في حكومته كي يتمكن من إرضاء 12 من أعضاء الكنيست الليكوديين بتوزيرهم. لكن حتى حدوث ذلك يمكن أن تقع انفجارات.

غير أن كل ما سبق قيل على أرضية الاعتقاد بأن نتنياهو سوف يفلح في تجاوز كل العقبات داخل الليكود وداخل اليمين وسوف يعرض حكومته قريبا. ولكن الاحتمال لا يزال قائما بأن يفشل نتنياهو في تشكيل الحكومة اليمينية التي يريد. فسياسة ليّ الذراع التي تنتهجها جهات عدة تدير المفاوضات تجعل التوصل لاتفاق أمرا يتسم بصعوبة بالغة. ومن الجائز أن وزارة الأديان التي وعد بها نتنياهو شاس كتعويض عن وزارة الداخلية هي من سيفجر الموقف. فالبيت اليهودي يعارض تسليم الوزارة لشاس ولكنه على استعداد لتقاسمها معهم. وشاس من جانبها ترفض أي تقاسم للوزارة مع البيت اليهودي الذي يطالب بأن يكون له منصب نائب وزير في الوزارة.

ولا بد من الإشارة إلى أن الاتفاق الائتلافي، عدا المناصب، يتضمن أمورا وبنودا لها تكاليف مالية. ويبدو أن التكاليف باهظة جدا وهي في بعض الحالات تعارض توجهات جانب من أعضاء الائتلاف. وعلى سبيل المثال فإن الاتفاق مع يهدوت هتوراه تضمن بنودا مالية بينها إعادة تمويل المدارس الدينية ومخصصات الأطفال وإلغاء العقوبات المالية المتضمنة في قانون التجنيد. وهذه الالتزامات تقدر بمليارات الشواقل. وكذا الحال مع شاس والبيت اليهودي الذي يطالب كل منها بحصة من كعكة الميزانية لإرضاء القطاع الذي يمثلونه. وبديهي أن كحلون الذي سيتولى وزارة المالية سيكون له رأي آخر في كل هذا التبذير، من وجهة نظره. فالاتفاقات الائتلافية تكلف ما لا يقل عن 6.2 مليار شيكل سنويا منها 2.7 مليار شيكل للاتفاق مع الحريديم فقط.
في كل حال الليكود يخشى جديا من عدم التمكن من عرض حكومة يوم الأربعاء ما يمكن أن يغير الوجهة ويدفع كثيرين للمطالبة بتجاوز الخلافات مع المعسكر الصهيوني وتشكيل حكومة وحدة وطنية من الحزبين الكبيرين لمنع وقوع إسرائيل في حالة شلل داخلي. وكل هذا من دون الحديث عن الظروف الإقليمية والدولية ومكانة إسرائيل والعملية السلمية وعواقب جمودها.

(السفير-تقديم وترجمة حلمي موسى)

السابق
تراجع «داعش».. تفاؤل «مضلل»
التالي
لماذا ذبح يحيى أمه في برج حمود؟