بري وسلام: الإنجازات تتجاوز الحوار التعيينات الأمنية: خيارات عون مفتوحة.. حكومياً

نبيه بري

كتبت صحيفة السفير: جولة جديدة من الحوار المفتوح بين “حزب الله” و “تيار المستقبل” في عين التينة على وقع خطة أمنية حطّت رحالها في الضاحية الجنوبية قبل أسبوع، ومردودها الإيجابي أكبر بكثير من تقديرات المتحاورين، بدليل أرقام الموقوفين وقمع المخالفات، وكذلك على وقع التحضير لعملية عسـكرية موضعية في منطقة القلمون، بعنوان “التحصين.. والتحسين”.
جولة حادية عشرة من الحوار، واكبها سجال حول التعيينات الأمنية وتشريع الضرورة، ولم يشعر أحد من الحاضرين في عين التينة، أن الرئاسة بمتناوله، ولذلك تم الاكتفاء ببيان ختامي كلاسيكي: “استكمال النقاش في الملفات المفتوحة، وإجراء تقييم للوضع الأمني في البلاد والتأكيد على ضرورة الحفاظ على انتظام واستمرار عمل المؤسسات الدستورية”.
العلامة الفارقة للحوار، أنه في خضم الاشتباك الإقليمي الكبير المحتدم بين السعودية وإيران في العديد من ساحات المنطقة، وخصوصا في سوريا واليمن، وبرغم انخراط هذا الطرف اللبناني أو ذاك، سياسياً وإعلامياً، في هذا الصراع المباشر وغير المسبوق، يشكّل جلوس “حزب الله” و “تيار المستقبل” على طاولة واحدة، استثناء لبنانياً وعربياً وإسلامياً، وذلك انطلاقا من قناعة الداعي، ومن لبوا دعوته، بأن تجربة الافتراق والقطيعة في المرحلة السابقة (2010 ـ 2015)، وما رافقها من توترات وبروز ظواهر وحالات متطرفة، “لم تكن مفيدة للطرفين وللبلد عموما” على حد تعبير الرئيس نبيه بري.
بهذا المعنى، يصبح للحوار مردود معنوي يفوق ما يطرح على جدول الأعمال أو من خارجه من بنود أو مقاربات سياسية تتجاوز الساحة المحلية، إلى ما يجري في ساحات المنطقة وربما أبعد منها، كما أن ميزته أن ما ينتج عنه من خطط وخطوات وإنجازات يتجاوز مضمون تفاهماته أو سقوفه.
هذا الانطباع عبّر عنه رئيسا مجلس النواب والحكومة، وسيعيد التأكيد عليه، اليوم، الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله الذي سيطلّ، عند الثامنة والنصف مساء، عبر شاشة “المنار”، ويتناول في كلمته التطورات المحلية والإقليمية، لا سيما ما يجري في اليمن وسوريا، بالإضافة إلى ما يتصل بالداخل اللبناني، رئاسة وتشريعاً وحكومة وتعيينات وخطة أمنية وحواراً.
وقالت مصادر معنية لـ “السفير” إنه إذا لم يعقد في الساعات المقبلة لقاء بين وزير الخارجية جبران باسيل ونادر الحريري مدير مكتب الرئيس سعد الحريري، فإن ملف التعيينات الأمنية سيبقى معلقاً في انتظار استحقاق انتهاء ولاية المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص مطلع حزيران المقبل.
وأكدت المصادر أن كل خطوة من نوع تعيين مدير عام جديد لقوى الأمن الداخلي أو التمديد لبصبوص، أو انتقال الصلاحية إلى الأعلى رتبة في مجلس القيادة، “سيترتب عليها مقتضاها، وقد توافق العماد ميشال عون والسيد حسن نصرالله على مجموعة خيارات سياسية ودستورية مفتوحة يتم تثبيتها بعد التفاهم عليها في حينها، وبينها بطبيعة الحال المشاركة في الحكومة”.
سلام: لا للمزايدات والمناكفات
وعشية جلسة مجلس الوزراء المخصصة لاستمرار مناقشة مشروع قانون موازنة العام 2015، أبدى رئيس الحكومة تمام سلام ارتياحه لاستمرار الحوار بين “حزب الله” و “تيار المستقبل” برعاية الرئيس بري. وقال لـ “السفير”: “صحيح أنه لن يكون بمقدور المتحاورين اجتراح معجزات، لكن مجرد جلوسهم معا يؤدي إلى ترييح جو البلد وحماية الانجازات التي تقوم بها الحكومة”.
وتوقع أن تحقق الأجهزة العسكرية والأمنية المزيد من الانجازات الأمنية. وقال: “نعم، حققنا الكثير في العاصمة والضاحية الجنوبية وطرابلس وصيدا والبقاع وسجن روميه، وثمة أمور كثيرة يمكن تحقيقها، طالما أن الاستقرار اللبناني عنوان توافق محلي وإقليمي ودولي، وطالما أن مواجهة الإرهاب مطلب لا يختلف عليه اللبنانيون”.
وفي موضوع الموازنة، قال سلام إنه قد يطلب عقد سلسلة جلسات حكومية أسبوعية لأجل مناقشة الموازنة، بدءا ببند النفقات، وبعد ذلك يتم الانتقال إلى بند الواردات، ومن ثم نحسم موضوع الموقف من سلسلة الرتب والرواتب، مشيرا إلى أنه بمعزل عما إذا كانت ستسلك الموازنة طريقها إلى الإقرار في مجلس النواب أم لا، فإنه سيسعى إلى إقرارها في مجلس الوزراء في أسرع وقت ممكن.
ورأى أن فرصة فتح عقد استثنائي لمجلس النواب في نهاية هذا الشهر غير ممكنة بسبب الفراغ الرئاسي. وشدد على أهمية فتح أبواب المجلس للتشريع وتسيير أمور المواطنين، داعياً بعض القوى إلى الكف عن اعتماد أسلوب المزايدات والمناكفات، مشدداً على النظر إلى الأمور من منظار المصلحة العامة ومصلحة الشعب اللبناني.
وفي موضوع التعيينات الأمنية، قال سلام إن التعيين أفضل من عدمه، ولكن إذا تعذر ذلك، لن نفرط بالاستقرار، وبالتالي، سيبادر كل وزير من موقعه إلى القيام بالخطوة المناسبة لمنع الفراغ في كل المواقع العسكرية والأمنية.
وحول ما يمكن أن يقدم عليه بعض مكونات الحكومة، اعتكافاً أو استقالة، إذا حصل أي تمديد أمني، قال سلام إنه من السابق لأوانه استباق الأمور، ولكن هذه مسؤولية تخص الوزراء المعنيين وليس الحكومة حتى يتم تحميلها مسؤولية ذلك، متمنياً مقاربة الموضوع بروحية وطنية وبمسؤولية تتجاوز مصلحة هذا الفريق السياسي أو ذاك.
بري: التشريع.. والأمن القومي
من جهته، قال الرئيس بري لـ “السفير” إنه متفق مع رئيس الحكومة حول أهمية إقرار الموازنة. وأوضح أن المشاورات السياسية التي أجراها وزير المال علي حسن خليل، في إطار التحضير لمناقشة الموازنة كانت نتائجها ايجابية. وألمح إلى وجود صيغ عدة للموازنة، سواء مع سلسلة رتب ورواتب أو من دونها، وكذلك مع واردات غلاء المعيشة (التي تدفع منذ العام 2012) أو من دونها. وقال إن وزير المال سيكون منفتحاً على أية نقاشات تصب في خانة الإقرار وليس تعطيل الموازنة.
ورداً على سؤال، قال بري “إذا فتحت أبواب مجلس النواب قبل نهاية الشهر، سأبادر إلى وضع المشروع على جدول الأعمال، وبذلك يكون مجلسا الوزراء والنواب قد أنجزا الموازنة للمرة الأولى منذ عقد من الزمن، وبالتالي أعادا انتظام العملية المالية”.
وشدّد بري على أن أخطر ما في موضوع إقفال الباب أمام التشريع، عدا عن أبعاده السياسية والدستورية، أنه بات يلامس خطوطاً حمراء تتصل بالأمن القومي للبنان وحمايته وتحصين استقراره. وأعطى مثالاً على ذلك، وجود مشروع قانون يتعلق بتوفير الحصانة للمدربين الفرنسيين الذين سيتولون تدريب الجيش اللبناني على أسلحة جديدة من ضمن صفقة الثلاثة مليارات دولار بين فرنسا والسعودية، وقال إن الفرنسيين أبلغوا الجانب اللبناني أنه من دون إقرار هذا المشروع سيكون متعذراً عليهم إرسال المدربين.
وإذ أشار بري إلى أن الأمثلة كثيرة في هذا السياق، قال إن البنك الدولي وقّع مع الحكومة اللبنانية للمرة الأولى، اتفاقية قرض تحتاج إلى موافقة مجلس النواب، بقيمة تتجاوز نصف المليار دولار أميركي لتغطية كلفة استملاكات مشروع سد بسري الذي يعتبر أهم مشروع مائي وتنموي للعاصمة والضواحي ولمنطقة كبيرة من جبل لبنان، إذ أن نسبة المستفيدين منه تلامس عتبة المليوني شخص. وسأل “هل هناك مصلحة لأي لبناني بعرقلة هذا المشروع وتفويت هذه الفرصة؟”.
وفي موضوع التعيينات الأمنية، جدّد بري القول إنه أبلغ العماد ميشال عون وباقي الأطراف أنه سيكون مع التعيين أولاً.. وعاشراً.. ولكن إذا تعذر التعيين، سأكون منحازاً، للتمديد ليس لهذا الشخص أو ذاك، إنما منعاً للفراغ وتأكيداً على استمرار عمل المؤسسات، وخصوصا المؤسسات العسكرية والأمنية التي تلعب دوراً استثنائياً ومفصلياً في هذه المرحلة من تاريخ لبنان والمنطقة.

السابق
جنبلاط الشاهد الاستثنائي: «الاحتلال» والاغتيال
التالي
السيناريو المضاد: اجراء التصويت.. عدم تأمين الثلثين